في ظلال آية إن تنصروا الله ينصركم
يقول الله عز وجل:
*يا أيها الذين آمنوا إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم.*
(سورة محمد)
وكيف ينصر المؤمنون الله، حتى يقوموا بالشرط وينالوا ما شرط لهم من النصر والتثبيت؟
إن لله في نفوسهم أن تتجرد له، وألا تشرك به شيئا، شركا ظاهرا أو خفيا، وألا تستبقي فيها معه أحدا ولا شيئا،
وأن يكون الله أحب إليها من ذاتها ومن كل ما تحب وتهوى،
*وأن تحكّمه في رغباتها ونزواتها وحركاتها وسكناتها، وسرها وعلانيتها، ونشاطها كله وخلجاتها.. فهذا نصر الله في ذوات النفوس.*
وإن لله شريعة ومنهاجا للحياة، تقوم على قواعد وموازين وقيم وتصور خاص للوجود كله وللحياة.
*ونصر الله يتحقق بنصرة شريعته ومنهاجه، ومحاولة تحكيمها في الحياة كلها بدون استثناء، فهذا نصر الله في واقع الحياة.*
ثم نقف لحظة أمام لفتة خاصة في التعبير:
*ينصركم. ويثبت أقدامكم ..*
إن الظن يذهب لأول وهلة أن تثبيت الأقدام يسبق النصر، ويكون سببا فيه. وهذا صحيح.
ولكن تأخير ذكره في العبارة يوحي بأن المقصود معنى آخر من معاني التثبيت.
*معنى التثبيت على النصر وتكاليفه.*
فالنصر ليس نهاية المعركة بين الكفر والإيمان، وبين الحق والضلال.
*فللنصر تكاليفه في ذات النفس وفي واقع الحياة. للنصر تكاليفه في عدم الزهو به والبطر. وفي عدم التراخي بعده والتهاون.*
وكثير من النفوس يثبت على المحنة والبلاء. ولكن القليل هو الذي يثبت على النصر والنعماء.
*وصلاح القلوب وثباتها على الحق بعد النصر منزلة أخرى وراء النصر. ولعل هذا هو ما تشير إليه عبارة القرآن. والعلم لله.*
في ظلال القرآن
وسوم: العدد 805