كرمُ المليك سبحانه
ما الذي أغضب المليك سبحانه فأقسم" فلنذيقنَّ الذين كفروا عذاباً شديداً ، ولنجزينّهم أسوأ الذي كانوا يعملون (فصلت الآية 27) إن السبب أنهم قالوا يتحدَّون الله ورسوله:
1- (لا تسمعوا لهذا القرآن)
2- (والغَوا فيه لعلكم تغلبون) ولن يُحادَّ الدينَ أحدٌ إلا غُلِبَ واذله الله ،
واللغوُ: الصفير والصوت العالي وتكذيب القرآن، والكذبُ على رسول الله صلى الله عليه وسلم، لقد عابوه وأنكروه وعادَوه. . وَقَدْ أَمَرَ اللَّهُ -سُبْحَانَهُ-عِبَادَهُ الْمُؤْمِنِينَ بِخِلَافِ ذَلِكَ فَقَالَ: ﴿وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ﴾ (الْأَعْرَافِ: ٢٠٤) .
فكان العذاب مقابل مَا اعْتَمَدُوهُ فِي الْقُرْآنِ من تكذيب وَلغوٍعِنْدَ سَمَاعِهِ، ﴿وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَسْوَأَ الَّذِي كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾ بشَرِّ أَعْمَالِهِمْ وسيِّئ أَفْعَالِهِمْ ، فهم يعذّبون بِشَرِّ أعمالهم زيادة في النكاية والنكال
ولنتذكر قوله سبحانه مهدداً الكفار ﴿الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ زِدْنَاهُمْ عَذَابًا فَوْقَ الْعَذَابِ بِمَا كَانُوا يُفْسِدُونَ﴾ [النحل: ٨٨العذاب الذي يستحقونه جزاء كفرهم ،وهناك زيادة في العذاب بفسادهم المتاصل فيهم .
أما المؤمنون الصالحون المصلحون فيكرمُهم ربُّ العزَّة، فيرفعهم درجات بأعلى ما فعلوه من خير، فإذا ثوابُهم راقٍ ذو درجات عُلا ﴿لِيَجْزِيَهُمُ اللَّهُ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا﴾ إنهم الَّذِينَ يَتَقَبَّلُ عَنْهُمْ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا وَيَتَجَاوَزُ عَنْ سَيِّئَاتِهِمْ. فتُمحى السيئات بل تنقلب بفضل الله حسنات.﴿وَيَزِيدُهُمْ مِنْ فَضْلِهِ﴾ فيَتَقَبَّلُ مِنْهُمُ الْحَسَنَ وَيُضَاعِفُهُ لَهُمْ، قَالَ تَعَالَى: ﴿إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْهُ أَجْرًا عَظِيمًا﴾ [النِّسَاءِ: ٤٠] ، وَقَالَ سبحانه: ﴿مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا﴾ [الْأَنْعَامِ: ١٦٠] ، وَقَالَ ﴿مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافًا كَثِيرَةً﴾ [الْبَقَرَةِ: ٢٤٥] ، وقال ﴿وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ﴾البقرة: ٢٦١ ﴿وَاللَّهُ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ﴾ . آيات في القرآن كثيرة تظهر فضل الله على عباده.
واقرأ معي بتمعن لترى فضل الله العميم:(وَٱلَّذِی جَاۤءَ بِٱلصِّدۡقِ وَصَدَّقَ بِهِۦۤ أُو۟لَـٰۤىِٕكَ هُمُ ٱلمُتَّقُونَ ،٣٣ لَهُم مَّا یَشَاۤءُونَ عِندَ رَبِّهِم ذَ لِكَ جَزَاۤءُ ٱلمُحسِنِینَ ،٣٤ لِیُكَفِّرَ ٱللَّهُ عَنهُم أَسوَأَ ٱلَّذِی عَمِلُوا وَیَجزِیَهُم أَجرَهُم بِأَحسَنِ ٱلَّذِی كَانُوا یَعمَلُونَ ٣٥﴾ [الزمر ٣٢-٣٥.
قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: ﴿وَالَّذِي جَاءَ بِالصِّدْقِ﴾ مَنْ جَاءَ بِلَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، ﴿وَصَدَّقَ بِهِ﴾ يَعْنِي: رَسُولَ اللَّهِ ﷺ. وكل من آمن معه ومِن بعده.
ينال المؤمنون ما يرغبون فـ﴿لَهُمْ مَا يَشَاءُونَ عِنْدَ رَبِّهِمْ﴾ في جنته سبحانه فمَهْمَا طَلَبُوا وَجَدُوا، ﴿ذَلِكَ جَزَاءُ الْمُحْسِنِينَ لِيُكَفِّرَ اللَّهُ عَنْهُمْ أَسْوَأَ الَّذِي عَمِلُوا وَيَجْزِيَهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ الَّذِي كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾، والتكفير مسحٌ للسيئات وتجاوزٌ عنها، ورفع الدرجات فيجعل الحسنات كلها كاملة تامة. تاكدْ من هذا المعنى يا اخي في قوله تعالى بعد ذلك: ﴿أُولَئِكَ الَّذِينَ نَتَقَبَّلُ عَنْهُمْ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا وَنَتَجاوَزُ عَنْ سَيِّئَاتِهِمْ فِي أَصْحَابِ الْجَنَّةِ وَعْدَ الصِّدْقِ الَّذِي كَانُوا يُوعَدُونَ﴾ [الأحقاف:١٦ . فيجعل حسناتهم كاملة تامّة ،وهل هناك أصدق من الله فيما وعد.
وسوم: العدد 1009