أبرم سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم المعاهدات عن قوّة. ولم تكن مع محتلّ لأرضه، وأخيه

سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم يرفض إغراءات قريش وهو في مكّة:

رفض سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم الصلح -أو التسوية بمفهوم العصر- الذي عرضته عليه قريش في مكة عقب بعثته صلى الله عليه وسلّم. مع العلم ضمّ الصلح كثير من المغريات كالمكانة، والسّلطة، والمال، والطب.

ليس من عادات قريش أن تتنازل عن هيبتها، وسلطانها، ومكانتها. وكانت قريش مستعدة لإقامة صلح عبر الإغراءات التي قدّمتها لسيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّه عبر عمّه. وكان سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم وحيدا في مكّة، ودون ظهر قويّ قوّة قريش -أقول قوّة قريش-، ورغم ذلك لم يعقد الصفقة المغرية التي عرضتها عليه قريش.

وحين فشلت قريش في الإغراء انتقلت للتّهديد. وظلّ سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم يرفض التّهديدات بعدما رفض الإغراءات.

إبرام سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم صلح الحديبية عن قوّة:

وأقام سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم، صلح الحديبية. لأنّ قريش هي التي طلبت ذلك، ولأنّ سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم، كان القوي. أي أبرم الصلح من باب كونه السّيّد، وصاحب القرار.

لو كانت قريش متأكّدة أنّ سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم، ضعيفا لما طلبت إقامة الصلح معه. لأنّ الضعيف لايدعونه للصلح، بل يسعون لمحقه. وأمامنا الثّورة الجزائرية، وما يحدث الآن لإخواننا الفلسطينيي في غزة.

قريش لاتقيم الصلح مع ضعيف، وسيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم كان قويا:

عقد سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم، صلح الحديبية عن قوّة، ومنعة. ومن قال بأنّه صلى الله عليه وسلّم، عقد الصلح عن ضعف فقد اتّهمه بما ليس فيه وهو الضعف. لأنّ الضّعيف يقبل شروط العدو المهينة المذلّة. وسيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم، قوي يفرض شروطه.

"تنازل؟!" سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم لقريش في بعض البنود، فإنّ ذلك يدخل طبيعة المفاوضات، والظروف التي عقدت فيها، والقدرات الذاتية، وقوّة العدو، والسّقف المسموح به، والخطّ الأحمر الذي لايجب تجاوزه، ومهما كانت الظروف.

أبرم سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم المعاهدات مع يهود المدينة عن قوّة. ولأنّهم أهل الأرض، ومن مكوّنات المجتمع:

حين هاجر سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم، المدينة أقام معاهدة تعايش مع يهود مدينة سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم، باعتبارهم سكان المدينة، وعنصرا من عناصر المجتمع الفتي الجديد. وطردوا حين نقضوا معاهدة التّعايش.

القوّة أساس إبرام المعاهدات:

من أركان إبرام الصلح الذي يحفظ المصالح، ويعزّز حاضر الدولة، ومستقبلها هي القوّة. وسيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم، كان قويا حين عقد صلح الحديبية مع قريش، وقويا حين عقد معاهدة التّعايش مع المجتمع الجديد في مدينة سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم.

قريش لم تكن محتلّة لمكّة، واليهود لم يكونوا محتلّين للأرض أثناء إبرام المعاهدات:

أبرم سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم صلح الحديبية مع قريش. وقريش صاحبة الأرض، ومن مكونات المجتمع القديم ولم تكن المحتلّة. وأبرمت معاهدة التّعايش مع يهود المدينة لأنّهم أصحاب الأرض، ومن مكوّنات المجتمع الجديد.، ولم يكونوا يومها بالمحتلين.

لم يبرم سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم المعاهدات مع محتلّ لأرضه، ومجتمعه. ولم يكن الضّعيف أثناء إبرام المعاهدات. بل كان القويّ، والسّيّد، وصاحب القرار.

وسوم: العدد 1085