«وَسَيَقُومُ فِيهِمْ رِجَالٌ قُلُوبُهُمْ قُلُوبُ الشَّيَاطِينِ فِي جُثْمَانِ إِنْسٍ»
الحمد لله وسبحان الله ولا إله إلا الله والله أكبر، ثم اللهم صل على محمد عبدك ورسولك كما صليت على إبراهيم وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، قَالَ حُذَيْفَةُ بْنُ الْيَمَانِ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّا كُنَّا بِشَرٍّ، فَجَاءَ اللهُ بِخَيْرٍ، فَنَحْنُ فِيهِ، فَهَلْ مِنْ وَرَاءِ هَذَا الْخَيْرِ شَرٌّ؟ قَالَ: «نَعَمْ»، قُلْتُ: هَلْ وَرَاءَ ذَلِكَ الشَّرِّ خَيْرٌ؟ قَالَ: «نَعَمْ»، قُلْتُ: فَهَلْ وَرَاءَ ذَلِكَ الْخَيْرِ شَرٌّ؟ قَالَ: «نَعَمْ»، قُلْتُ: كَيْفَ؟ قَالَ: «يَكُونُ بَعْدِي أَئِمَّةٌ لَا يَهْتَدُونَ بِهُدَايَ، وَلَا يَسْتَنُّونَ بِسُنَّتِي، وَسَيَقُومُ فِيهِمْ رِجَالٌ قُلُوبُهُمْ قُلُوبُ الشَّيَاطِينِ فِي جُثْمَانِ إِنْسٍ»، قَالَ: قُلْتُ: كَيْفَ أَصْنَعُ يَا رَسُولَ اللهِ، إِنْ أَدْرَكْتُ ذَلِكَ؟ قَالَ: «تَسْمَعُ وَتُطِيعُ لِلْأَمِيرِ، وَإِنْ ضُرِبَ ظَهْرُكَ، وَأُخِذَ مَالُكَ، فَاسْمَعْ وَأَطِعْ» صحيح مسلم، ثم حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ غَنْمٍ الأَشْعَرِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو عَامِرٍ أَوْ أَبُو مَالِكٍ الْأَشْعَرِيُّ، وَاللَّهِ مَا كَذَبَنِي: سَمِعَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "لَيَكُونَنَّ مِنْ أُمَّتِي أَقْوَامٌ، يَسْتَحِلُّونَ الحِرَ وَالحَرِيرَ، وَالخَمْرَ وَالمَعَازِفَ، وَلَيَنْزِلَنَّ أَقْوَامٌ إِلَى جَنْبِ عَلَمٍ، يَرُوحُ عَلَيْهِمْ بِسَارِحَةٍ لَهُمْ، يَأْتِيهِمْ - يَعْنِي الفَقِيرَ - لِحَاجَةٍ فَيَقُولُونَ: ارْجِعْ إِلَيْنَا غَدًا، فَيُبَيِّتُهُمُ اللَّهُ، وَيَضَعُ العَلَمَ، وَيَمْسَخُ آخَرِينَ قِرَدَةً وَخَنَازِيرَ إِلَى يَوْمِ القِيَامَةِ" صحيح البخاري، وبعد: فأئمة الضلال الذين لا يهتدون بهدي النبي صلى الله عليه وسلم ولا يستنون بسنته هم الدعاة على أبواب جهنم ومنهم الثلاثون دجالا الكذابون وهم أشدهم كفرا ونفاقا، والدجالون من دونهم هم أصحاب البدع المكفرة للحديث: عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «مَنْ دَعَا إِلَى هُدًى، كَانَ لَهُ مِنَ الْأَجْرِ مِثْلُ أُجُورِ مَنْ تَبِعَهُ، لَا يَنْقُصُ ذَلِكَ مِنْ أُجُورِهِمْ شَيْئًا، وَمَنْ دَعَا إِلَى ضَلَالَةٍ، كَانَ عَلَيْهِ مِنَ الْإِثْمِ مِثْلُ آثَامِ مَنْ تَبِعَهُ، لَا يَنْقُصُ ذَلِكَ مِنْ آثَامِهِمْ شَيْئًا» صحيح مسلم، والحديث: عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "بَيْنَ يَدَيِ السَّاعَةِ قَرِيبٌ مِنْ ثَلَاثِينَ دَجَّالِينَ كَذَّابِينَ، كُلُّهُمْ يَقُولُ: أَنَا نَبِيٌّ، أَنَا نَبِيٌّ" مسند أحمد، والحديث المرفوع: عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ، قَالَ: "سَيَبْلَى الْقُرْآنُ فِي صُدُورِ أَقْوَامٍ كَمَا يَبْلَى الثَّوْبُ، فَيَتَهَافَتُ، يَقْرَءُونَهُ لَا يَجِدُونَ لَهُ شَهْوَةً وَلَا لَذَّةً، يَلْبَسُونَ جُلُودَ الضَّأْنِ عَلَى قُلُوبِ الذِّئَابِ، أَعْمَالُهُمْ طَمَعٌ لَا يُخَالِطُهُ خَوْفٌ، إِنْ قَصَّرُوا، قَالُوا: سَنَبْلُغُ، وَإِنْ أَسَاءُوا، قَالُوا: سَيُغْفَرُ لَنَا، إِنَّا لَا نُشْرِكُ بِاللَّهِ شَيْئًا" سنن الدارمي، والحديث: عَنْ حُذَيْفَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «الدَّجَّالُ أَعْوَرُ الْعَيْنِ الْيُسْرَى، جُفَالُ الشَّعَرِ، مَعَهُ جَنَّةٌ وَنَارٌ، فَنَارُهُ جَنَّةٌ وَجَنَّتُهُ نَارٌ» صحيح مسلم، أي من أدخله الدجال ناره بتكذيبه إياه وإنكاره بدعه تكون تلك النار سببا لدخوله الجنة في الآخرة ومن أدخله جنته بتصديقه إياه واتباعه بدعه وقبوله بها فتكون جنته سببًا لدخوله النار في الآخرة، ففي بعض متن الحديث التالي سبيل النجاة من أعظم الدجالين فتنة: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «غَيْرُ الدَّجَّالِ أَخْوَفُنِي عَلَيْكُمْ، إِنْ يَخْرُجْ وَأَنَا فِيكُمْ، فَأَنَا حَجِيجُهُ دُونَكُمْ، وَإِنْ يَخْرُجْ وَلَسْتُ فِيكُمْ، فَامْرُؤٌ حَجِيجُ نَفْسِهِ وَاللهُ خَلِيفَتِي عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ، إِنَّهُ شَابٌّ قَطَطٌ، عَيْنُهُ طَافِئَةٌ، كَأَنِّي أُشَبِّهُهُ بِعَبْدِ الْعُزَّى بْنِ قَطَنٍ، فَمَنْ أَدْرَكَهُ مِنْكُمْ، فَلْيَقْرَأْ عَلَيْهِ فَوَاتِحَ سُورَةِ الْكَهْفِ، إِنَّهُ خَارِجٌ خَلَّةً بَيْنَ الشَّأْمِ وَالْعِرَاقِ، فَعَاثَ يَمِينًا وَعَاثَ شِمَالًا، يَا عِبَادَ اللهِ فَاثْبُتُوا» قُلْنَا: يَا رَسُولَ اللهِ وَمَا لَبْثُهُ فِي الْأَرْضِ؟ قَالَ: «أَرْبَعُونَ يَوْمًا، يَوْمٌ كَسَنَةٍ، وَيَوْمٌ كَشَهْرٍ، وَيَوْمٌ كَجُمُعَةٍ، وَسَائِرُ أَيَّامِهِ كَأَيَّامِكُمْ» قُلْنَا: يَا رَسُولَ اللهِ فَذَلِكَ الْيَوْمُ الَّذِي كَسَنَةٍ، أَتَكْفِينَا فِيهِ صَلَاةُ يَوْمٍ؟ قَالَ: «لَا، اقْدُرُوا لَهُ قَدْرَهُ»..." صحيح مسلم، (جفال الشعر) أي يصدم شعره الناس لأنه جعد قطط كشعر الرجل من أهل الحبشة فلا ينظرون إلى عينيه ليرون أنه أعور وأنه مكتوب بين عينيه كافر، وعين الدجال اليمنى كأنها عنبة طافية لا يرى فيها فهي عوراء لأنها طافئة أي لا يبصر بها بالرغم من أنها طافية أي بارزة فطافئة تكتب كما تكتب طافية بالرسم الأول، فعَنِ ابْنِ عُمَرَ، أُرَاهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ «أَعْوَرُ عَيْنِ اليُمْنَى، كَأَنَّهَا عِنَبَةٌ طَافِيَةٌ» صحيح البخاري، وعين الدجال اليسرى معيبة فهي غائرة لأن الأخرى طافية أي بارزة وهي التي يرى فيها فتكون عوراء لأنها غائرة ويبصر بها فهي غير طافئة، لذا أفضل سبيل للإنكار على الدجالين أئمة الضلال يبدأ بالاستغاثة بالله وحده لا شريك له ثم قراءة فواتح سورة الكهف عليهم أو على أحد مسالحهم، ويكون ذلك في قيام العبد المؤمن بالله عز وجل في صلاته بعد قراءته فاتحة الكتاب أي سورة الفاتحة، فسورة الكهف من الكتاب وفاتحة الكتاب هي من فواتح سورة الكهف والله أعلم، كما أن أول عشرة آيات من سورة الكهف هي من فواتح سورة الكهف، فعَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «مَنْ حَفِظَ عَشْرَ آيَاتٍ مِنْ أَوَّلِ سُورَةِ الْكَهْفِ عُصِمَ مِنَ الدَّجَّالِ» صحيح مسلم، ومعنى (رِجَالٌ قُلُوبُهُمْ قُلُوبُ الشَّيَاطِينِ فِي جُثْمَانِ إِنْسٍ) هو أنهم أي الدعاة على أبواب جهنم وأئمة الضلال هم رجال مسخت قلوبهم فلا ينفذ الإيمان إلى قلوبهم فهم لا يفقهون إلا ما يزيد تمتعهم في الدنيا كما القردة والخنازير والذئاب، فلا يجاوز تلاوتهم للقرآن المجيد تراقيهم فيدخل قلوبهم بل يرفع من صدورهم قبل أن يصل إلى جدر قلوبهم أي أفئدتهم، فقراءتهم للقرآن كما البغبغاء يعلمه صاحبه القرآءة فمهما برع فيها فهو لا يفقهه لأنه ليس منطق لسانه، والله أعلم، ومثال على أئمة الضلال ودعاة على أبواب جهنم السفياني، فعَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ الزُّبَيْرِ، أَنَّ عَائِشَةَ، قَالَتْ: عَبَثَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي مَنَامِهِ، فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ اللهِ صَنَعْتَ شَيْئًا فِي مَنَامِكَ لَمْ تَكُنْ تَفْعَلُهُ، فَقَالَ: «الْعَجَبُ إِنَّ نَاسًا مِنْ أُمَّتِي يَؤُمُّونَ بِالْبَيْتِ بِرَجُلٍ مِنْ قُرَيْشٍ، قَدْ لَجَأَ بِالْبَيْتِ، حَتَّى إِذَا كَانُوا بِالْبَيْدَاءِ خُسِفَ بِهِمْ»، فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ اللهِ إِنَّ الطَّرِيقَ قَدْ يَجْمَعُ النَّاسَ، قَالَ: «نَعَمْ، فِيهِمُ الْمُسْتَبْصِرُ وَالْمَجْبُورُ وَابْنُ السَّبِيلِ، يَهْلِكُونَ مَهْلَكًا وَاحِدًا، وَيَصْدُرُونَ مَصَادِرَ شَتَّى، يَبْعَثُهُمُ اللهُ عَلَى نِيَّاتِهِمْ» صحيح مسلم، ومثال على أن الجنة جزاء من ينكر البدع المكفرة في الحديث التالي: عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِنَّ مِنْ أَعْظَمِ الجِهَادِ كَلِمَةَ عَدْلٍ عِنْدَ سُلْطَانٍ جَائِرٍ» سنن الترمذي، معجزة عددية:- إن عدد حروف قول الله تعالى "ومن الناس من يعجبك قوله في الحيوه الدنيا ويشهد الله علي ما في قلبه وهو الد الخصام"-البقرة204- هو خمسة وستون حرفا، وعدد حروف الكلمات التامة المحددة في الحديث التالي (...فَقُلْتُ: هَلْ بَعْدَ ذَلِكَ الْخَيْرِ مِنْ شَرٍّ؟ قَالَ: «نَعَمْ، دُعَاةٌ عَلَى أَبْوَابِ جَهَنَّمَ مَنْ أَجَابَهُمْ إِلَيْهَا قَذَفُوهُ فِيهَا»، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، صِفْهُمْ لَنَا، قَالَ: «نَعَمْ، قَوْمٌ مِنْ جِلْدَتِنَا، وَيَتَكَلَّمُونَ بِأَلْسِنَتِنَا» صحيح مسلم) هو كذلك خمسة وستون حرفا إن كتبت "دعاة" و "أبواب" بالرسم الأول كالتالي "دعه" {"اصبعهم"(البقرة:19)} و "ابوب" {"ابوب جهنم"(الزمر:72)}، وصفة إمام المسلمين الذي يجب الإلتزام به دائما هي في قول الله تعالى "ومن الناس من يشري نفسه ابتغا مرضات الله والله روف بالعباد"-البقرة207-، فعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: "كُنْتُ قَاعِدًا عِنْدَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ إِذْ جَاءَهُ كِتَابٌ أَنَّ أَهْلَ الْكُوفَةِ قَدْ قَرَأَ مِنْهُمُ الْقُرْآنُ كَذَا وَكَذَا، فَكَبَّرَ رَحِمَهُ اللَّهُ، فَقُلْتُ: اخْتَلَفُوا؟ فَقَالَ: أُفٍّ وَمَا يُدْرِيكَ؟ قَالَ: فَغَضِبَ، فَأَتَيْتُ مَنْزِلِي، قَالَ: فَأَرْسَلَ إِلَيَّ بَعْدَ ذَلِكَ فَاعْتَلَلْتُ لَهُ، فَقَالَ: عَزَمْتُ عَلَيْكَ أَلَّا جِئْتَ، فَأَتَيْتُهُ فَقَالَ: كُنْتَ قُلْتَ شَيْئًا، قُلْتُ: أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ لَا أَعُودُ إِلَى شَيْءٍ بَعْدَهَا، فَقَالَ: عَزَمْتُ عَلَيْكَ أَلَا أَعَدْتَ عَلَيَّ الَّذِي قُلْتَ، قُلْتُ: قُلْتُ: كُتِبَ إِلَيَّ أَنَّهُ قَدْ قَرَأَ الْقُرْآنَ كَذَا وَكَذَا فَقُلْتُ: اخْتَلَفُوا؟ قَالَ: وَمِنْ أَيِّ شَيْءٍ عَرَفْتَ؟ قُلْتُ: قَرَأْتُ "وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيُشْهِدُ اللَّهَ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ"(البقرة:204) حَتَّى انْتَهَتْ إِلَى "وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْفَسَادَ"(البقرة:205)، فَإِذَا فَعَلُوا ذَلِكَ لَمْ يَصْبِرْ صَاحِبُ الْقُرْآنِ، ثُمَّ قَرَأْتُ "إِذَا قِيلَ لَهُ اتَّقِ اللَّهَ أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالْإِثْمِ فَحَسْبُهُ جَهَنَّمُ وَلَبِئْسَ الْمِهَادُ وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاةِ اللَّهِ وَاللَّهُ رَءُوفٌ بِالْعِبَادِ" قَالَ: صَدَقْتَ وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ» المستدرك على الصحيحين، وعَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ قَالَ: "خَرَجَ صُهَيْبٌ مُهَاجِرًا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَاتَّبَعَهُ نَفَرٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ، فَنَثَرَ كِنَانَتَهُ وَقَالَ لَهُمْ: يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ، قَدْ تَعْلَمُونَ أَنِّي مِنْ أَرْمَاكُمْ، وَاللَّهِ لَا تَصِلُونَ إِلَيَّ حَتَّى أَرْمِيَكُمْ بِكُلِّ سَهْمٍ مَعِي، ثُمَّ أَضْرِبَكُمْ بِسَيْفِي مَا بَقِيَ مِنْهُ فِي يَدِي شَيْءٌ، فَإِنْ كُنْتُمْ تُرِيدُونَ مَالِي دَلَلْتُكُمْ عَلَيْهِ. قَالُوا: فَدُلَّنَا عَلَى مَالِكَ وَنُخْلِي عَنْكَ. فَتَعَاهَدُوا عَلَى ذَلِكَ، فَدَلَّهُمْ وَلَحِقَ بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صلّى الله عليه وسلم: «رَبِحَ الْبَيْعُ أَبَا يَحْيَى»، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى فِيهِ: "وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاةِ اللَّهِ" الْآيَةَ "قَالَ أَكْثَرُ الْمُفَسِّرِينَ: نَزَلَتْ فِي صُهَيْبِ بْنِ سِنَانٍ الرُّومِيِّ حِينَ أَخَذَهُ الْمُشْرِكُونَ فِي رَهْطٍ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فَعَذَّبُوهُ فَقَالَ لَهُمْ صُهَيْبٌ: إِنِّي شَيْخٌ ضَعِيفٌ، لَا يَضُرُّكُمُ أَمِنْكُمْ كُنْتُ أَمْ مِنْ عَدُوِّكُمْ، قَالُوا: صَدَقْتَ قَالَ: فَتَأْخُذُونَ أَهْلِي وَمَالِي وَتَدَعُونِي وَدِينِي، فَفَعَلُوا، فَنَزَلَتْ فِيهِ هَذِهِ الْآيَةُ، فَلَقِيَهُ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ بَعْدَمَا قَدِمَ الْمَدِينَةَ فَقَالَ: رَبِحَ الْبَيْعُ يَا صُهَيْبُ قَالَ: وَبَيْعُكَ فَلَا يَخْسَرُ. فَقَرَأَ عَلَيْهِ الْآيَةَ فَفَرِحَ بِهَا." تاريخ المدينة لابن شبة، فاللهم إني أسألك بأسمائك الحسنى ما علمت منها وما لم أعلم أن تغفر لنا وترحمنا في الدنيا والآخرة، وأسألك أن تنصرنا والمجاهدين في سبيلك على الروم وجميع أعدائك، فسبحان الله رب العزة عما يصفون، وسلام على المرسلين، والحمد لله رب العالمين.
وسوم: العدد 1087