(وقتل داود جالوت)
يقرر القران الكريم أن الغلبة ليست منوطة بالقوة والعدد والعدة، فهذا داود الفتى يقتل فرعون عصره، جالوت... ولم يكُ بعدُ نبيا؛ ولعمري تلكم نواميس كونية ثابتة.
وفي سورة الكهف يحدثنا سياق مشابه عن فتية آمنوا بالله فزادهم هدى، وواجهوا أيضا جبار عهدهم وصدعوا بكلمة الحق؛ " نَّحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ نَبَأَهُم بِالْحَقِّ ۚ إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ هُدًى "(13).
وإبراهيم -عليه السلام- من قبل قد تصدى للنمرود (زاهام)، وقد وصف القران إبراهيم عليه السلام بجملة: (سمعنا فتى يذكرهم يقال له إبراهيم). أما يحيى عليه السلام فقد آتاه الله الحكمة وهو صبي.
وبمجمل هذه الحكايات القرآنية عن تصدي الفتية لجبابر أعصارهم يقرر النص القرآني أن جند الله هم المنصورون، فقد كتب لأغلبن أنا ورسلي ... إن الله قوي عزيز.
وهذا كان واضحا منذ الفرقان، يوم التقى الجمعان في بدر، وعبر فتوحات المسلمين في كل الأزمنة، وقد قررت آيات الأنفال تلكم الحقائق؛ " يَٰٓأَيُّهَا ٱلنَّبِيُّ حَرِّضِ ٱلۡمُؤۡمِنِينَ عَلَى ٱلۡقِتَالِۚ إِن يَكُن مِّنكُمۡ عِشۡرُونَ صَٰبِرُونَ يَغۡلِبُواْ مِاْئَتَيۡنِۚ وَإِن يَكُن مِّنكُم مِّاْئَةٞ يَغۡلِبُوٓاْ أَلۡفٗا مِّنَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ بِأَنَّهُمۡ قَوۡمٞ لَّا يَفۡقَهُونَ (65) ٱلۡـَٰٔنَ خَفَّفَ ٱللَّهُ عَنكُمۡ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمۡ ضَعۡفٗاۚ فَإِن يَكُن مِّنكُم مِّاْئَةٞ صَابِرَةٞ يَغۡلِبُواْ مِاْئَتَيۡنِۚ وَإِن يَكُن مِّنكُمۡ أَلۡفٞ يَغۡلِبُوٓاْ أَلۡفَيۡنِ بِإِذۡنِ ٱللَّهِۗ وَٱللَّهُ مَعَ ٱلصَّٰبِرِينَ (66) ".
ونحن المسلمين على موعد اليوم لتمخُّض (داود) مسلم مؤمن جديد، وهو الذي سيقتل جالوت عصرنا، فيا لفخر البطن التي تحوي بين حشاها ذلكم الفتى المنتظر!!
فعضوا على طوفان أقصاكم بالنواجذ، ولا تصغوا للطابور الخامس عشر من المخذلين؛ فإن منا لَمن ليُبطِّئنَّ، ونصر الغد معقود على جهاد فتية غزة؛ فهم قد آمنوا بربهم وزادهم هدىً؛ والله غالب على أمره ولكنَّ أكثر الناس لا يعلمون.
نبي الله داود عليه الصلاة والسلام- بعدما قتل طاغية عصره جالوت صار بعد طالوت ملكاً، ثم ورث سليمان داود؛ في سلسلة ذهبية ممن ممن أخلصهم الله بخالصة ذكرى الدار؛ " فَلَمَّا فَصَلَ طَالُوتُ بِالْجُنُودِ قَالَ إِنَّ اللَّهَ مُبْتَلِيكُم بِنَهَرٍ فَمَن شَرِبَ مِنْهُ فَلَيْسَ مِنِّي وَمَن لَّمْ يَطْعَمْهُ فَإِنَّهُ مِنِّي إِلَّا مَنِ اغْتَرَفَ غُرْفَةً بِيَدِهِ ۚ فَشَرِبُوا مِنْهُ إِلَّا قَلِيلًا مِّنْهُمْ ۚ فَلَمَّا جَاوَزَهُ هُوَ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ قَالُوا لَا طَاقَةَ لَنَا الْيَوْمَ بِجَالُوتَ وَجُنُودِهِ ۚ قَالَ الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُم مُّلَاقُو اللَّهِ كَم مِّن فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ ۗ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ (249) وَلَمَّا بَرَزُوا لِجَالُوتَ وَجُنُودِهِ قَالُوا رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ (250) فَهَزَمُوهُم بِإِذْنِ اللَّهِ وَقَتَلَ دَاوُودُ جَالُوتَ وَآتَاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَهُ مِمَّا يَشَاءُ ۗ وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُم بِبَعْضٍ لَّفَسَدَتِ الْأَرْضُ وَلَٰكِنَّ اللَّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعَالَمِينَ (251) تِلْكَ آيَاتُ اللَّهِ نَتْلُوهَا عَلَيْكَ بِالْحَقِّ ۚ وَإِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ (252)".
وسوم: العدد 1087