إنها لظى

د.عثمان قدري مكانسي

[email protected]

لها سبعة أبواب لكل باب منهم جزء مقسوم :

روى هبيرة بن أبي مريم عن علي رضي الله عنه قال أبواب جهنم سبعة بعضها فوق بعض فيمتلئ الأول ثم الثاني ثم الثالث حتى تمتلئ كلها ، وعن حطان بن عبد الله أنه قال سمعت علي بن أبي طالب وهو يخطب قال : إن أبواب جهنم هكذا - قال أبو هارون - أطباقا بعضها فوق بعض .

وقال ابن جريج سبعة أبواب أولها جهنم ثم لظى ثم الحطمة ثم السعير ثم سقر ثم الجحيم ثم الهاوية. وقال قتادة " لها سبعة أبواب لكل باب منهم جزء مقسوم " هي والله منازل بأعمالهم

وحين أخبر الله تعالى أن لجهنم سبعة أبواب " لكل باب منهم جزء مقسوم " فقد كتب لكل باب منها جزءاً من أتباع إبليس يدخلونه لا محيد لهم عنه - أجارنا الله منه - وكل يدخل من باب بحسب عمله ويستقر في درك بقدر عمله. رواهن ابن جرير وقال جويبر عن الضحاك " لها سبعة أبواب لكل باب منهم جزء مقسوم " قال باب لليهود ، وباب للنصارى الذين يجعلون عيسى - وهو رسول الله- ابناً لله ، وباب للصابئين ، وباب للمجوس ، وباب للذين أشركوا وهم كفار العرب ، وباب للمنافقين ، وباب لأهل التوحيد فأهل التوحيد يرجى لهم النجاة منها بعد دخولهم ، ولا يرجى لأولئك أبدا .

وعن سمرة بن جندب عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله " لكل باب منهم جزء مقسوم " قال " إن من أهل النار من تأخذه النار إلى كعبه وإن منهم من تأخذه النار إلى حجزته ومنهم من تأخذه النار إلى تراقيه ، منازلهم بأعمالهم فذلك قوله لكل باب منهم جزء مقسوم " .

وقال القرطبي رحمه الله تعالى : الذي عليه الأكثر من العلماء أن جهنم أعلى الدركات , وهي مختصة بالعصاة من أمة محمد صلى الله عليه وسلم , وهي التي تخلى من أهلها فتصفق الرياح أبوابها . ثم لظى , ثم الحطمة , ثم سعير , ثم سقر , ثم الجحيم , ثم الهاوية .

وروي عن أنس بن مالك عن النبي صلى الله عليه وسلم في قول الله تعالى : " لها سبعة أبواب لكل باب منهم جزء مقسوم " جزء أشركوا بالله ، وجزء شكوا في الله ، وجزء غفلوا عن الله ، وجزء آثروا شهواتهم على الله ، وجزء شفوا غيظهم بغضب الله، وجزء عتوا على الله .

ويروى أن سلمان الفارسي رضي الله عنه لما سمع هذه الآية " وإن جهنم لموعدهم أجمعين " فر ثلاثة أيام من الخوف لا يعقل , فجيء به إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فسأله فقال : يا رسول الله , أنزلت هذه الآية " وإن جهنم لموعدهم أجمعين " ؟ فوالذي بعثك بالحق لقد قطّعَتْ قلبي ; فأنزل الله تعالى " إن المتقين في جنات وعيون " [ الحجر : 45 ] .

وقال بلال : كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي في مسجد المدينة وحده , فمرت به امرأة أعرابية فصلت خلفه ولم يعلم بها , فقرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الآية " لها سبعة أبواب لكل باب منهم جزء مقسوم " فخرت الأعرابية مغشيا عليها , وسمع النبي صلى الله عليه وسلم وجبتها فانصرف ودعا بماء فصب على وجهها حتى أفاقت وجلست , فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( يا هذه مالك ) ؟ فقالت : أهذا شيء من كتاب الله المنزل أو تقوله من تلقاء نفسك ؟ فقال : ( يا أعرابية , بل هو من كتاب الله تعالى المنزل ) .

فقالت : كل عضو من أعضائي يعذب على كل باب منها ؟

قال : ( يا أعرابية , بل لكل باب منهم جزء مقسوم يعذب أهل كل منها على قدر أعمالهم ) . فقالت : والله إني امرأة مسكينة ، ما لي مال ، وما لي إلا سبعة أعبد , أشهدك يا رسول الله , أن كل عبد منهم عن كل باب من أبواب جهنم حر لوجه الله تعالى .

فأتاه جبريل فقال . ( يا رسول الله , بشر الأعرابية أن الله قد حرم عليها أبواب جهنم كلها وفتح لها أبواب الجنة كلها ) . (1)

                

(1)  من تفسير القرطبي للآية الكريمة ، الآية 44 من سورة الحجر.