مكانة الصلاة في الإسلام
ربيع شكير
طالب بالدراسات العليا
بسم الله والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله؛ نبينا محمد ابن عبد الله، وعلى آله ومن اتبع هداه.
أما بعد؛
فالصلاة هي عبادة ذات أقوال وأفعال مخصوصة، مفتتحة بالتكبير، مختتمة بالتسليم. وللصلاة في الإسلام مكانة عظيمة جليلة لا تعدلها مكانة أية عبادة أخرى، وفيما يأتي ذكر لبعض الأدلة التي تقربنا من التعرف على منزلة هذه العبادة العظيمة، فهي:
أولا:
أعظم ركن من أركان الإسلام بعد الشهادتين فعن
ابن عمر رضي الله عنهما قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«بني الإسلام على
خمس: شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة،
والحج، وصوم رمضان»[1].
وفي رواية عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
«بني الإسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلا الله،
وأن محمدا رسول الله، واقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان، وحج البيت»[2]
ثانيا: عماد الدين الذي لا يقوم إلا به، كما في حديث معاذ رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «رأس الأمر الإسلام، وعمودُه الصلاةُ، وذروةُ سنامِه الجهادُ»[3]
ثالثا: آخر وصية أوصى بها النبي صلى الله عليه وسلم أمته، فعن أم سلمة رضي الله عنها أنها قالت: كان من آخر وصية رسول الله صلى الله عليه وسلم: «الصلاة الصلاة وما ملكت أيمانكم »، حتى جعل نبي الله صلى الله عليه وسلم يجلجلها في صدره وما يفيض بها لسانـــه.
رابعا: أول ما يحاسب عليه العبد من عمله، فصلاح عمله وفساده بصلاح صلاته وفسادها، فعن أنس بن مالك رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «أول ما يحاسب به العبد يوم القيامة: الصلاة، فإن صلحت صلح سائرُ عمله، وإن فسدت فسد سائرُ عمله». وفي رواية: «أول ما يسأل عنه العبد يوم القيامة ينظر في صلاته، فإن صلحت فقد أفلح، وإن فسدت فقد خاب وخسر».
خامسا: آخر ما يُفقد من الدين، فإذا ذهب آخر الدين لم يبق شيء منه، كما في حديث أبي أمامة مرفوعًا: «لتُنقضن عُرَى الإسلام عُروة عُروة، فكلما انتقضت عروة تشبث الناس بالتي تليها، فأولهن نقضًا الحكم، وآخرهن الصلاة». وفي رواية من طريق آخر: «أول ما يرفع من الناس الأمانة، وآخر ما يبقى الصلاة، ورب مصلٍّ لا خير فيه».
سادسا: افتتح الله أعمال المفلحين بالصلاة واختتمها بها، وهذا يؤكد أهميتها، قال الله تعالى: بسم الله الرحمن الرحيم «قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ ﴿1﴾ الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ ﴿2﴾ وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ ﴿3﴾ وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ ﴿4﴾ وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ ﴿5﴾ إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ ﴿6﴾ فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ ﴿7﴾ وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ ﴿8﴾ وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ ﴿9﴾»[4].
سابعا: مدح الله القائمين بها والآمرين بها؛ كما جاء ذلك في سورة مريم، قال الله عزوجل: «وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِسْمَاعِيلَ إِنَّهُ كَانَ صَادِقَ الْوَعْدِ وَكَانَ رَسُولًا نَبِيًّا ﴿54﴾ وَكَانَ يَأْمُرُ أَهْلَهُ بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ وَكَانَ عِنْدَ رَبِّهِ مَرْضِيًّا ﴿55﴾»[5].
ثامنا: ذم الله من أضاعها أو تكاسل عنها ؛ قال عز وجل: «فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا ﴿59﴾»[6].
وقال سبحانه: «إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلَاةِ قَامُوا كُسَالَى يُرَاءُونَ النَّاسَ وَلَا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلًا ﴿142﴾»[7].
تاسعا: أمر الله عز وجل نبيه صلى الله عليه وسلم بها وأتباعه أن يأمروا بها أهليهم، قال الله تعالى: «وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لَا نَسْأَلُكَ رِزْقًا نَحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى ﴿132﴾»[8].
عاشـرا: مما يدل على عظم شأنها ومكانتها؛ أنها فرضت في السماء وبدون واسطة ليلة الإسراء.
أقــــول: إن للصلاة في الإسلام مكانة جليلة عظيمة؛ لا يدركها إلا من أقامها واصطبر عليها، ولا يجهلها إلا من ضيعها وسها عنها.
[1]-صحيح البخاري، كتاب الإيمان: باب الإيمان، وقوله صلى الله عليه وسلم: بني الإسلام على خمس.
[2] -الترمذي،أبواب الإيمان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: باب ما جاء بني الإسلام على خمس.
[3] - الترمذي، أبواب الإيمان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، باب ما جاء في حرمة الصلاة
[4] -سورة المؤمنون، الآيات:1-9.
[5] -سورة مريم، الآية:54-55.
[6]-سورة مريم، الآية:59.
[7]-سورة النساء، الآية:142.
[8] -سورة طه، الآية:132.