الأخوة والحب في الله
الأخوة والحب في الله
م.غازي الجمل
الحب في الله تعالى والأخوة في الله غذاء للروح الإنساني ،ولمعرفة قيمتهما يجب أن نتصور كيف تكون الحياة عند فقدهما،وان توحيد الإيمان يقتضي توحيد القلوب،قال تعالى(واذكروا إذ كنتم أعداء فألف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخوانا)
*و في الحديث القدسي (يقول الله عز وجل: المتحابون في جلالي على منابر من نور يوم القيامة يغبطهم النبيون والشهداء)
إن جوّ الحب والألفة وسلامة الصدور هو جو الجنة ،قال تعالى(ونزعنا ما صدورهم من غل إخوانا على سرر متقابلين). وقال عليه الصلاة والسلام(من سره أن ينظر إلى رجل من أهل الجنة فلينظر إلى فلان) وعندما تبعه أحد الصحابة ليعرف سرّ ذلك عرف أنه لم يصل بكثرة صلاة ولا صيام،ولكن بسلامة صدره ،فلا يبيت وفي صدره ضغينة على أحد من المسلمين
وقال تعالى(ونزعنا ما في صدورهم من غل تجري من تحتهم الأنهار) فقد جمع لهم الله تعالى جمال الحب وجمال الطبيعة من حولهم
وحتى نوضح هذه الحقيقة نقول:لو حاز الإنسان على بيت جميل،ولكن تبين له فيما بعد أن جيرانه جيران سوء ،فان ذلك ينغّص عليه حياته،ويتمنى أن لو كان يعيش في خيمة بعيدا عن جيران السوء،فوجود الإنسان في محيط مشحون بالحقد والعداوة والحسد يقضي على بهجة الأمور المادية
عظم المنة بالأخوة
امتن الله تعالى علينا بتأليف القلوب فقال (لو أنفقت ما في الأرض جميعا ما ألفت بين قلوبهم ولكن الله ألف بينهم) وقال تعالى(واذكروا إذ كنتم أعداء فألف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخوانا) فالأخوة نعمة عظيمة تقتضي شكر الله عز وجل وهي ذخر للمؤمنين يجب علينا أن ننتفع بها ونتلذذ بها ونلوذ إلى دفئها
ومن زهد بالأخوة بلي بالعداوة
*وقال عز وجل في وصف أصحاب محمد عليه الصلاة والسلام(رحماء بينهم) قال بن عباس:يدعو صالحهم لطالحهم، وطالحهم لصالحهم ،فإذا نظر الطالح إلى الصالح من أمة محمد صلى الله عليه وسلم قال:اللهم بارك له فيما قسمت له من الخير وثبته عليه وانفعنا به،وان نظر الصالح إلى الطالح قال:اللهم اهده وتب عليه واغفر له عثرته
*إن واقع المسلمين:فرقة وتناحر وعداوة وخصام وأنانية مفرطة وشح مطاع وهوى متبع واعجاب كل ذي رأي برأيه واقتتال بين المسلمين وموالاة لأعداء الله مما مكن الأعداء منا ،واستفرد بنا مجموعة مجموعة ،فمجموعات محاصرة وأخرى مطاردة وأخرى يعيث بها الأعداء فسادا ويغريهم بالاقتتال من أجل إرضاء أعدائنا وصدق فينا قول رسولنا صلى الله عليه وسلم(توشك أن تداعى عليكم الأمم كتداعي الأكلة على قصعتها،قالوا:أو من قلة يومئذ نحن يا رسول الله؟قال:إنكم يومئذ كثير ولكنكم غثاء كغثاء السيل،ويوشك أن يقذف في قلوبكم الوهن:قلنا وما الوهن يا رسول الله؟قال حب الدنيا وكراهية الموت)وقال عليه الصلاة والسلام(والله لا أخشى عليكم الفقر ولكن أخشى عليكم الدنيا أن تفتح عليكم كما فتحت على الذين من قبلكم فتنافسوها كما تنافسوها فتهلككم كما أهلكتهم)
وقد أمرنا الله تعالى بأخذ أسباب القوة وبين أن النزاع سبب للفشل(ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم واصبروا)
*إن أحد أسباب نظام أمور الناس المحبة ثم العدالة فلو تحاب الناس لاستغنوا عن العدالة ،والعدالة خليفة المحبة ،ولذلك عظّم الله المنّة بإيقاع المحبة بين أهل الإسلام فقال(لو أنفقت ما في الأرض جميعا ما ألفت بين قلوبهم ولكن الله ألف بينهم) وقال تعالى(إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات سيجعل لهم الرحمن ودا)أي محبة للقلوب تنبيها على أن ذلك أجلب للعقائد ،فالناس إذا تحابوا تواصلوا ،وإذا تواصلوا تعاونوا وعملوا،ولذلك شرع الله تعالى الاجتماع في الصلوات والجمع والأعياد وصلة الأرحام والتزاور والحج والعمرة …الخ)
والقوة هي قوة العقيدة وقوة الوحدة وقوة الساعد والسلاح
حقوق الأخوة
لا وحدة بدون أخوة وحب ،ولا إيمان إلا بالحب،قال عليه الصلاة والسلام(من أحب لله وكره لله وأعطى لله ومنع لله فقد استكمل الإيمان)وقال (وهل الإيمان إلا الحب والبغض) وذلك أن الإيمان له علامات وآثار وموازين،منها :
-لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه-أحب للناس ما تحب لنفسك تكن مؤمنا
-لا يؤمن أحدكم حتى يكون هواه تبعا لما جئت به
-لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من نفسه وماله وولده والناس أجمعين
-(والله لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا ولا تؤمنوا حتى تحابوا،أفلا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم:أفشوا السلام بينكم)
يتبين من الحديث الشريف أنه لا جنة بدون إيمان ،ولا إيمان بدون حب،وهذا يعني أن الحب في الله شرط أساسي لدخول الجنة
والسر في السلام:أنه لا حب بدون ثقة،ولا ثقة بدون تعارف قوي،وشرارة التعارف السلام
فلو كنت تسكن في منطقة وجاء رجل جديد سكن بالقرب منك،ولم يكن بينكما طرح السلام،فستمر الأيام والسنوات،دون أي علاقة تربطكما ببعضكما،وكأنكما تعيشان في مناطق متنائية ،وبداية العلاقة والارتباط بينكما إنما تبدأ بالسلام
فالسلام مع أن ظاهره أمر بسيط سهل ،إلا أنه الشرارة التي لا بد منها لبدء مسيرة التعارف والثقة والحب
-والله لا يؤمن-كررها ثلاثا-قيل من يا رسول الله؟قال:من لا يأمن جاره بوائقه
-المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضا
-ليس الإيمان بالتمني ولا بالتحلي ولكن ما وقر في القلب وصدّقه العمل
-لا تحاسدوا ولا تناجشوا ولا تباغضوا ولا تدابروا ولا يبع بعضكم على بيع بعض وكونوا عباد الله إخوانا ،المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يخذله ولا يكذبه ولا يحقره ،التقوى ههنا –ويشير إلى صدره ثلاثا-بحسب امرئ من الشر أن يحقر أخاه المسلم ،كل المسلم على المسلم حرام دمه وماله وعرضه)فلم يدع النبي صلى الله عليه وسلم سببا من أسباب القطيعة والعداء إلا حذّر منه حرصا على وحدة المسلمين ،وتماسك صفهم محرّكا في سبيل ذلك أقوى العواطف وأوثق الروابط:أخوة الإيمان،حق الإسلام،التقوى،التنفير من الظلم والشر،حرمة المسلم الكاملة
-تحريم خذلان المسلم،قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحديث القدسي(ولأنتقمنّ ممن رأى مظلوما فقدر أن ينصره فلم ينصره)
-تحريم تحقير المسلم(إنما أتقبل الصلاة ممن تواضع بها لعظمتي ،ولم يستطل بها على خلقي)
-حق المسلم على المسلم ست:قيل وما هي يا رسول الله؟قال:إذا لقيته فسلم عليه وإذا دعاك فأجبه وإذا استنصحك5 فانصح له،وإذا عطس فشمّته،وإذا مرض فعده،وإذا مات فاتّبعه
-وقال رجل لعمر بن عبد العزيز:اجعل كبير المسلمين عندك أبا ،وصغيرهم ابنا،وأوسطهم أخا ،فأيّ أولئك تحب أن تسيء إليه؟!
-وقال يحيى بن معاذ الرازي:ليكن حظ المؤمن منك ثلاثة:إن لم تنفعه فلا تضرّه،وان لم تفرحه فلا تغمّه،وان لم تمدحه فلا تذمّه
-وقيل لأبي بكر:والله ما ندري أنت الخليفة أم عمر؟! فقال:بل هو، ولو شاء لكان
-وقال بن القيم: نهى الشارع أن يخطب الرجل على خطبة أخيه أو يستام أو يبيع…وما ذاك إلا لأنه ذريعة إلى التباغض والتعادي ،فقياس هذا :أن لا يستأجر على إجارته،ولا يطلب منصبا على منصبه)
-المؤمن آلف مألوف، ولا خير فيمن لا يألف ولا يؤلف ، وخير الناس أنفعهم للناس
-وقال عليه الصلاة والسلام:من نفّس عن مؤمن كربة من كرب الدنيا نفّس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة ،ومن يسّر على معسر يسّر الله عليه في الدنيا والآخرة ومن ستر مسلما ستره الله في الدنيا والآخرة والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه ،ومن سلك طريقا يلتمس به علما سهّل الله له به طريق إلى الجنة ،وما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله ويتدارسونه بينهم إلا نزلت عليهم السكينة وغشيتهم الرحمة وحفّتهم الملائكة وذكرهم الله فيمن عنده،ومن بطّأ به عمله لم يسرع به نسبه)
وقال عليه الصلاة والسلام(ليس منا من لم يوقر كبيرنا ولم يرحم صغيرنا) وقال(إن من إجلال الله إكرام ذي الشيبة المسلم) وقال(لا يستكمل العبد الإيمان حتى يكون فيه ثلاث خصال:الإنفاق من الإقتار،والإنصاف من نفسه،وبذل السلام)وقال عليه الصلاة والسلام(من سرّه أن يزحزح عن النار فلتأته منيته وهو يشهد أن لا اله إلا الله ،وأن محمدا رسول الله ،وليؤت إلى الناس ما يحب أن يؤتى له)وقال(أتدرون على من حرّمت النار؟؟قالوا الله ورسوله أعلم،قال:على الهيّن السهل القريب)
روى الإمام مسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال(لقد رأيت رجلا يتقلب في الجنة في شجرة قطعها عن ظهر الطريق كانت تؤذي المسلمين) وقال عليه الصلاة والسلام(إن الله يكره أذى المؤمنين)
*والأخوة في الله والحب هي ميزان الإيمان وشرطه(وهل الإيمان إلا الحب والبغض)(لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه)(المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده)(المؤمن من أمنه الناس على دمائهم وأموالهم) (والله لن تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا ولا تؤمنوا حتى تحابوا أولا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم؟أفشوا السلام بينكم)(ثلاث من كن فيه وجد حلاوة الإيمان:أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما وأن يحب المرء لا يحبه إلا لله وأن يكره أن يعود إلى الكفر كما يكره أن يقذف في النار)(سبعة يظلهم الله بظله يوم لا ظل إلا ظله:…..ورجلان تحابا في الله اجتمعا عليه وافترقا عليه)
*والتعارف يقود إلى التآلف( الأرواح جنود مجندة ما تعارف منها ائتلف وما تناكر منها اختلف ) قال الكنديّ(الصديق إنسان هو أنت إلا أنه غيرك)
*وحقيقة الأخوة:حب وتعاون ،تناصر وولاء-احترام-شعور مشترك-تزاور-تعاطف-إحسان-تهادي –أدب-ابتسام-سلام-تقدير واكبار-تواضع-إعانة على البر-إعانة على وظيفة الحياة-إكرام-سلامة صدر-إيثار-طريق إلى محبة الله-طريق إلى الحياة الطيبة والطيب(طبت وطاب ممشاك وتبوأت من الجنة منزلا)-اعتكاف في طاعة الله(لئن يمشي أحدكم في حاجة أخيه خير له من أن يعتكف في مسجدي هذا شهرا)،فالأخوة ترجمة للمعاني والقيم في واقع ملموس
*والاخوة تعني اتساع في المشاعر الإنسانية والعطاء الإنساني ليخرج الإنسان من دائرة أنانيته إلى دوائر غير محدودة من العطاء المادي والمعنوي،وهي خروج من حدود الأسرة الضيقة والعشيرة الضيقة إلى الأسرة الكبيرة والعشيرة الكبيرة
*والمحبة أدناها سلامة الصدر وأعلاها الإيثار(للفقراء المهاجرين الذين أخرجوا من ديارهم وأموالهم يبتغون فضلا من الله ورضوانا وينصرون الله ورسوله أولئك هم الصادقون،والذين تبوؤا الدار والإيمان من قبلهم يحبون من هاجر إليهم ولا يجدون في صدورهم حاجة مما أوتوا ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون) مناسبة الآية الكريمة هي موقف الأنصار من فيء بني النضير
*الحب في الله فرع من محبة الله فمن أحب الله أحب أحباب الله
إن الحب شفاف وعكّاس ،بعكس البغضاء فهي طينية كثيفة ،ولا بد لنا من الوصول لحب حقيقي لله تعالى تظهر آثاره في السلوك
والطريق إلى حب الله تعالى الذكر والفكر ،التفكر في نعمه وآلائه المادية والمعنوية ،حيث يقول الرسول صلى الله عليه وسلم(أحبوا الله لما يغذوكم ممن نعمه وأحبوني لحب الله إياي) فالتفكر في نعم الله يقود إلى تعظيمه واجلاله وحبه ،فإذا فاض القلب بحب الله صار محبا لكل ما يحبه الله ومن يحبه الله ،فمن أحب الله تعالى أحب كلامه وأحب رسله وأحب أحبابه من المؤمنين الذين ينظر إليهم بمنظار جديد، حقيقته أنهم أعوانه على تحقيق مرضاة الله الحبيب جل جلاله
أمثلة على الأخوة
*حجارة السقف:إن الحجارة في السقوف الدائرية تحني نفسها لأخواتها لتشكل من ذلك قوة-مع أنها حجارة-أما آن أن نتعلم منها فننحني لإخواننا المؤمنين لتحقيق قوة التعاون على البر؟!
*( إن صبيا يستطيع أن يضرب بطلان إذ هما يتصارعان ،وإذا وجد جبلان في ميزان تستطيع حصاة أن تلعب بهما فترفع واحدا وتنزل الآخر) بخلاف لو كان الجبلان في كفة واحدة
*الأخوة إماتة للهوى وهي سبيل الإخلاص والعدل وطريق محبة الله ومحبة الخلق
*إن الحقد والعداوة سم للحياة البشرية :يقول المرحوم سعيد النورسي(لو قيل لك أن هنالك سفينة تقل مجرم وتسعة أبرياء،وأن هنالك شخص يريد إغراق السفينة لوجود المجرم فيها،ألا تستنكر فعلته فتقول:كيف تريد إهلاك تسعة أبرياء بجريرة مجرم واحد؟ فالمؤمن لو كان فيه صفة جانية فهو منزل رباني وسفينة إلهية تقل الإسلام والإيمان والجوار وغيرها كثير
*إن العداوة والمحبة ضدّان كالنور والظلمة لا يجتمعان في معناهما الحقيقي ،فان وجدت المحبة الحقيقية كانت العداوة مجازية وانقلبت إلى شفقة ورحمة ،وان وجدت العداوة الحقيقية تصير المحبة مجازية (تصنع وتملق الخ)
*لو قال لك شخص (إن الحصا العادية أشرف من الكعبة وأعظم من جبل أحد) ماذا تقول عنه؟
وهل الإيمان أعظم أم حرمة الكعبة؟ وهل الإسلام أعظم أم جبل أحد؟؟ وهل الخلاف في فرعية مع أخيك مقارنة بإيمانه وإسلامه إلا بحجم الحصا؟؟
*إن وحدة الاعتقاد تقتضي الوحدة (إن العمل معا في كتيبة ينتج صداقة ،والعمل معا تحت قيادة واحدة ينتج رفقة،وكذلك الوطن الواحد ،واللغة الواحدة والعمل الواحد،والغريب للغريب نسيب…الخ)فكيف بعلاقات الإيمان والإسلام التي هي بعدد الأسماء الإلهية،؟؟فضلا عن النبي الواحد والكتاب الواحد والقبلة الواحدة وأرض الإسلام الواحدة …الخ
*إن الخير شفاف نوراني عاكس ،والشر كثيف كالتراب ،فنور المحبة من شأنه السراية والانعكاس (صديق الصديق صديق)(تعشق عيون كثيرة من أجل عين واحدة)(إن من البر أن يبر الرجل أهل ودّ أبيه)(أحبوا الله لما يغذوكم من نعمه وأحبوني لحب الله إياي)(من أحب الأنصار فبحبي أحبهم )(من أطاع أميري فقد أطاعني ومن أطاعني فقد أطاع الله)(يحلفون بالله لكم ليرضوكم والله ورسوله أحق أن يرضوه لو كانوا مؤمنين) (محبة ابن الابن)(أمر على الديار ديار ليلى…)(والذين آمنوا واتبعتهم ذريتهم بإيمان ألحقنا بهم ذريتهم وما ألتناهم من عملهم من شيء)
أما إذا عاديت إنسانا فلا يجوز أن تعادي أقاربه مثلا)(ولا تزر وازرة وزر أخرى)،أما إذا درس عنه غيره الشر فتلك مسألة أخرى
*في الواقع الإنساني صحبة ساعة ،وصداقة سفر،وزمالة عمل،تقتضي علاقة معينة ،فكيف بمن تربطك فيه روابط ومناسبات بعدد الأسماء الإلهية
*والأصل الذي يبنى عليه الأخوة والولاء هو قوله تعالى(إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون)
فكل مؤمن يصلي ويصوم يجب له حق الولاء من حب ونصرة وتعاون وأخوة
*وان مما يؤثر على الأخوة الحسد ،فان الحسد اعتراض على القدر(لله در الحسد ما أعدله بدأ بصاحبه فقتله،(ضربة أسد ولا نظرة حسد)
*في الخلاف لك أن تقول مسلكي حق ،ولكن لا حق لك أن تقول :أن الحق هو مسلكي فقط نظرا لاختلاف العقول والأفهام ،ونظرا لمداخلة الهوى والغرض في كثير من الأحيان ،ونظرا لتجاوز المظلمة بذكر عيوب أخرى والغيبة ونقل الكلام
*نجب أن نفرق بين النصيحة وبين الضغط على العصب بالنصيحة
*إن من الحق أن يكون كل كلامك حقا وليس من الحق قول كل الحق
*إن كنت تريد العداوة فعاد ما في قلبك من العداوة،وان ترد العدوان فالكفار والزنادقة كثيرون فعادهم،فكما أن صفة المحبة لائقة هي نفسها بالمحبة ،كذلك خصلة العداوة هي نفسها لائقة بالعداوة
*إن أردت الغلبة على خصمك فادفع سيئته بالحسنة لأنك إن دفعتها بالسيئة تكسب موقفا وتخسر إنسانا وتزداد خصومة في الغالب حيث يضمر القلب حقدا ويديم العداوة،ولو صار مغلوبا ظاهرا،وان قابلته بالحسنة يندم ويصير صديقا لك ،فان من شأن المؤمن أن يكون كريما (إذا أنت أكرمت الكريم ملكته…)حتى لو كان لئيما ظاهرا،فهو كريم من جهة الإيمان (الكرم هو قلب المؤمن) (واخفض جناحك لمن اتبعك من المؤمنين)(ما ظلم عبد مظلمة فصبر عليها إلا زاده الله عزا)
*إن مما يقع كثيرا أنك إذا قلت للّئيم :انك كريم كريم يتكرّم،وإذا قلت لكريم:انك لئيم لئيم يتلاءم،فإذا كان كذلك فألق السمع إلى الدساتير القدسية (وإذا مرّوا باللغو مروا كراما)(وأن تعفوا وتصفحوا وتغفروا فان الله غفور رحيم)
*إن العداوة غالبا ما تقود إلى الحسد الذي يضر صاحبه ،فيجعلك تقاسي من النعم النازلة بخصمك ،ولله در الحسد ما أعدله بدأ بصاحبه فقتله،وضرر الحسد على المحسود إما قليل واما مفقود
والحاسد كأنه ينتقد القدر ،ويعترض على الرحمة الإلهية والعطاء الرباني ،ومن انتقد القدر ضرب برأسه على السندان فانكسر،ومن اعترض على الرحمة حرم منهامن روائع الحكمة
-إن من الحمق مقابلة ساعة عداوة بسنة من الحقد والعداوة تضيّعها من عمرك
*قسّم خطأ أخيك إلى حصص
-حصة القدر فأخرجها وقابلها بالرضى
-ميّز حصة النفس والشيطان فاستبدل العداوة بالشفقة ،وانظر إليه كمغلوب لنفسه تنتظر ندامته لا هلاكه(من بعد ما نزغ الشيطان بيني وبين اخوتي)(لا تثريب عليكم اليوم يغفر الله لكم وهو أرحم الراحمين)
-ميّز خطيئتك في نفسك وأعطها حصة أيضا (وما أبرئ نفسي إن النفس لأمارة بالسوء إلا ما رحم ربي)
-قابل الحصة الباقية بالعفو والصفح وعلو الهمة ،تغلب خصمك وتنجو من الظلم والضرر،يقول الشيرازي(الدنيا ليست متاعا يساوي نزاعا لأنها فانية)
*ما معنى الأخوة العادية وما هي متطلباتها؟
إن أخوّة الرحم تقتضي كثيرا من الحقوق فالأخ من الرحم له حق النصرة والحب والتعاون وأمثالها من الحقوق ،وعليه فان اخوة الإيمان لها حقوق كتلك الحقوق، وهذا مفهوم قوله تعالى(إنما المؤمنون اخوة)
*أنت ضعيف بنفسك قوي بإخوانك (قوة الأخوة والوحدة)
*فان قلت:لست في عداوتي مختارا فانهم طعنوا أعصابي ؟فالجواب:إذا لم تظهر أثرا من سوء الخلق ،ولم تعمل بأمثال الغيبة ومقتضاها، وفهمت خطأك لم تضرك،حيث يقول عليه الصلاة والسلام (إن الله تجاوز لأمتي ما حدّثت به أنفسها ما لم يتكلموا أو يعملوا به)
*ما هو موقفك عند فقد أخيك بالرحم أو وقوعه في خطر؟؟
لو كان لك أخ من الرحم وهو فقير وتعرض لحادث ،وأخبرك الناس أن أخاك في العناية المركزة،وبحاجة إلى عملية تكلف خمسة آلاف دينار ،وكنت تملك هذا المبلغ-ولا تملك سواه-
هل يا ترى تضحي بما جمعته في سنوات لإنقاذ أخيك أم تفضل أن تبقي على المال وتستغني عن أخيك؟
إن موقف كل من ينتمي إلى الجنس البشري هو إيثار إنقاذ الأخ على المال
فإذا كانت أخوة أخ واحد أغلى من وفرك طيلة عمرك فكيف بأخوة كل المؤمنين؟!
*الإخلاص:شتم رجل ابن عباس يوما فقال له:أتشتمني وفيّ ثلاث خصال:أسمع بالحاكم من حكام المسلمين يعدل فأفرح وأنا لا أتقاضى إليه أبدا،وأسمع بالغيث يصيب البلد من بلدان المسلمين فأفرح وما لي من ماشية سائمة ،وآتي على الآية من كتاب الله فأود أن الناس كلهم يعلمون منها ما أعلم)
*الشعور الأخوي: كان ابني وابن صديقي يبحثان عن عمل وطلبنا من أصدقائنا معونتنا في ذلك فتوسطوا لابن صديقي ولم يتوسطوا لابني فوجدت في بادئ الأمر في نفسي ثم قلت لنفسي-هذا شعور غير أخوي يجب علي أن أفرح بعمل ابن صديقي فقد حلّت نصف مشكلتنا وبقي النصف فالواجب علي الفرح بذلك
*إذا أنت صاحبت الكرام فكن فتى وكـن مثل طعم الماء عذبا وباردا | كـأنـك مـمـلـوك لكل عـلـى الكبد الحرّى لكل صديق | رفيق
*لا تنطق إلا بما يجمع قلوب المؤمنين ولا يفرقها
*لا تدع الغضب يخرجك عن الحق والاعتراف به
أخوك سلاحك
أخاك أخاك إن من لا أخا له كساع إلى الهيجا بغير سلاح
فتسلّح بأخوة إخوانك ،ثم يأتي دور الفكر والشعور والتذوق والقيام بالحقوق:
إن للتفكر والشعور والتذوّق دور كبير في استحضار معاني الأخوّة ،فليتذكّر المسلم وليستحضر في قلبه نعمة الأخوة والحب في الله وليحاول دائما أن يستحضرها ويتأمّلها ويتذوقها فان ذلك خير معين له على القيام بحقوقها
الوسائل لتوثيق عرى الأخوّة
-حسن الخلق هو بذر اكتساب المحبة ،ومن حسن خلقه صان عرضه
-للخير أهل لا تزال وجوههم تدعو إليه
-طوبى لمن جرت الأمور الصالحات على يديه
ما لم يضق خلق الفتى فالأرض واسعة عليه
-وقد قيلالتودد إلى الناس نصف العقل،وحسن المسألة نصف العلم)
-التسامح
-صلة الأرحام
-إفشاء السلام(أو لا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم؟أفشوا السلام بينكم)
-إطعام الطعام
-التواضع :قال تعالى(واخفض جناحك للمؤمنين)وقال عليه الصلاة والسلام (وما تواضع أحد لله إلا رفعه الله)
-الإيثار
-إبرار القسم
-التبسم في وجهه(البسمة بريد الحب والرضا)
إن للتبسم دور سحري في القلوب،إن نفس العبارة مع الابتسام تختلف عن أثرها في النفس بدون ابتسام،حيث أن الابتسام علامة الرضا،فعندما تتحدث مع أخيك والبسمة تلوح في وجهك فكأن البسمة رذاذ الماء الذي يرطب جو الحديث،فيجعله يتقبل العبارات بعيدا عن سوء الظن ،أو تأويلها تأويلا بعيدا غير مقصود،وان مما يساعد البسمة في تحقيق الهدف:
-إعلام أخيك بأنك تحبه في الله تعالى:فان طبيعة ما يجري بين الأحباب في جو الأخوة والحب يكون أعون على القبول والتفهم ،وقديما قيل:إن المحب لمن يحب مطيع
عن أنس رضي الله عنه قال:كنت جالسا عند النبي صلى الله عليه وسلم إذ مر رجل،فقال رجل من القوم:يا رسول الله:اني لأحب هذا الرجل،فقال:هل أعلمته ذاك؟قال لا،قال:قم فأعلمه فقام إليه فقال:يا هذا والله اني لأحبك،قال:أحبك الذي أحببتني له)
-خفة الظل،وقد قيل
وأنت على مودتنا حريص وأثقل من رحا بزّ علينا | ولكن لا تخفّ على كـأنـك من بقايا قوم عاد | الفؤاد
كيف يحبك الله تعالى؟
-(قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم)
-(إن الله يحب المتقين)
-(والله يحب الصابرين)
-(والله يحب المحسنين)
-(إن الله يحب التوابين ويحب المتطهرين)
-(إن الله يحب الذين يقاتلون في سبيله صفا كأنهم بنيان مرصوص)
-وورد في السنة(أحب الأعمال إلى الله :الصلاة على وقتها ثم بر الوالدين ثم الجهاد في سبيل الله)
-وقال عليه الصلاة والسلام(وأحب الأعمال إلى الله ما داوم عليه صاحبه) وقال(إن الله يحب أن تؤتى رخصه)
والمحبة حقيقة العبودية:فالإنابة هي إنابة المحبين،والصبر صبر المحبين،والتوكل توكل المحبين،والزهد هو زهد المحبين،يزهد
ون في محبة ما سواه والفقر هو فقر الأرواح لمحبوبها،والغنى هو غنى القلب بحصول محبوبه،والشوق هو الشوق إلى لقاء الحبيبوالخلّة هي كمال المحبة
وقال في مقابل ذلك:
-(والله لا يحب الفساد
)-(والله لا يحب كل مختال فخور)
-(والله لا يحب الظالمين)
*قال عليه الصلاة والسلام(إذا أحب الله العبد دعا جبريل فقال:اني أحب فلانا فأحبه فيحبه جبريل ثم ينادي في السماء إن الله يحب فلانا فأحبوه فيحبه أهل السماء ثم يوضع له القبول في الأرض)
*وان مما يقضي على الحب:الاختلاف (لا تختلفوا فتختلف قلوبكم )(ولا يزالون مختلفين إلا ما رحم ربك ولذلك خلقهم) ،ومما يكرّس الفرقة الجدل وآفاته كثيرة جدا منها الإعجاب بالرأي وغمط الناس وجحد الحق وتسفيه المخالف والعجب والغرور والغيبة والنميمة وحب الإضرار بالمخالف والحسد وكراهية الحق إن جاء على لسان المخالف ورفع الصوت وعدم الاهتمام بحجة الخصم والحرص على الرد عليها دون تدبرها ،والفرح بخطأ المخالف ،والشعور بأن ما عنده من العلم حق لا يحتمل الخطأ وما عند غيره خطأ لا يحتمل الصواب ورضاه عن عقله ولو كان سفيها،وحب الغلبة والرياء والسمعة وحب انتقاص الخصم والتعصب للرأي دون وجه حق،وضياع الإخلاص في طلب الحق وضياع الحق وتضييع حقوق أهل الحق
محبة الله عز وجل
*محبة الله هي قوت القلوب وغذاء الأرواح وقرة العيون ،وهي الحياة التي من حرمها فهو ميت،والنور الذي من فقده فهو في بحار الظلمات ،وهي الشفاء لجميع الأسقام، واللذة التي ما بعدها لذة
وأهل الحقائق هم الذين قعدوا على الحقائق ،وقعد من سواهم على الرسوم
والمحبة هي عنوان الكتاب الذي يدل الطلاب على طريق الأحباب
وهي روح الإيمان والأعمال ،والمقامات والأحوال ،فان خلت منها فهي جسد لا روح فيه
وقد مضى قضاء الله أن ( المرء مع من أحب)
أهل المحبة سبقوا السعاة وهم نائمون ،وتقدموا الركب وهم واقفون
من لي بمثل سيرك المدلّل تمشي رويدا وتجي في الأول
*قال الله تعالى(يا أيها الذين آمنوا من يرتد منكم عن دينه فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه، أذلة على المؤمنين، أعزة على الكافرين، يجاهدون في سبيل الله ولا يخافون لومة لائم ،ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله واسع عليم .إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون ،ومن يتول الله ورسوله والذين آمنوا فان حزب الله هم الغالبون)
*إن أعلى أهداف وجود الإنسان في الدنيا هو الإيمان بالله
وان أعلى ما في الإيمان هو معرفة الله
وان أعلى أهداف هذه المعرفة هي محبة الله
وان أعلى ما في هذه المحبة هو اللذة في محبة الله عز وجل
والطريق إلى ترسيخ معرفة الله تعالى هي الفكر والذكر والإخلاص
واعلم أن كل عضو خلق لفعل خاص ،فعلامة مرضه أن يتعذر منه ذلك الفعل ،فمرض العين تعذر الإبصار ومرض الأذن تعذر السمع ومرض القلب هو تعذر الفعل الخاص الذي خلق لأجله وهو العلم والحكمة والمعرفة وحب الله تعالى وعبادته وإيثار ذلك على كل شهوة
فلو أن الإنسان عرف كل شيء ولم يعرف الله سبحانه كان كأنه لم يعرف شيئا ،وعلامة المعرفة الحب،فمن عرف الله أحبه وعلامة المحبة أن لا يؤثر عليه شيئا من المحبوبات ،فمن آثر عليه شيئا من المحبوبات فقلبه مريض .ومرض القلب خفي قد لا يعرفه صاحبه ،فلذلك يغفل عنه ،وان عرفه صعب عليه الصبر على مرارة دوائه لأن دواءه مخالفة الهوى ،وان وجد الصبر لم يجد طبيبا حاذقا يعالجه ،فان الأطباء هم العلماء والمرض قد استولى عليهم ،والطبيب المريض قلما يلتفت إلى علاجه
*مراتب المحبة
-العلاقة:تعلق القلب بالمحبوب
-الإرادة:ميل القلب إلى المحبوب
-الصبابة:انصباب القلب بكليته للمحبوب
-الغرام:وهو الحب اللازم كملازمة الغريم لغريمه
-الود:وهو صفو المحبة،وخالصها ولبها ،والودود من أسماء الله تعالى،قال البخاري في الصحيح(الودود الحبيب)
-الشغف:وهو وصول الحب إلى شغاف القلب(قد شغفها حبا)واستيلاء الحب على القلب،وقرأ بعض السلف(قد شغفها حبا)أي ذهب بها الحب كل مذهب،ومنه شعف الجبال أي رؤوسها
-التّتيّم :وهو التذلل
-التعبّد:فالعبد هو من ملك المحبوب رقّه فلم يبق له من نفسه شيء البتّة
ولما كمل محمد صلى الله عليه وسلم في هذه المرتبة وصف بها في أشرف المقامات-في مقام الإسراء والدعوة والتحدي
وحقيقة العبودية:الحب التام مع الذل التام والخضوع للمحبوب
-الخلّة:وقد انفرد بها الخليلان إبراهيم ومحمد عليهما السلام،كما صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال(إن الله اتخذني خليلا كما اتخذ إبراهيم خليلا)
والخلة:هي المحبة التي تخلّلت روح المحب وقلبه حتى لم يبق فيه موضع لغير المحبوب
ولعل هذا السر هو سر أمر الخليل بذبح ابنه(إن هذا لهو البلاء المبين)وهو اختبار المحبوب لمحبه
كيف تتعلم محبة الله؟
إن مما يعلمنا محبة الله تعالى ما يلي:
-قراءة القرآن الكريم بالتدبر
-الفكر والذكر
دوام ذكر الله على كل حال:باللسان والقلب،والعمل والحال،فنصيبه من المحبة على قدر نصيبه من الذكر
قال الله تعالى(والهكم اله واحد لا اله إلا هو الرحمن الرحيم،إن في خلق السموات والأرض واختلاف الليل والنهار والفلك التي تجري في البحر بما ينفع الناس وما أنزل الله من السماء من ماء فأحيا به الأرض بعد موتها وبث فيها من كل دابة وتصريف الرياح والسحاب المسخر بين السماء والأرض لآيات لقوم يعقلون،ومن الناس من يتخذ من دون الله أندادا يحبونهم كحب الله والذين آمنوا أشد حبا لله…)
ساق الله تعالى أدلة وحدانيته في السموات والأرض والتي تبين أن لا معبود بحق إلا هو، ثم قال(ومن الناس من يتخذ من دون الله أندادا يحبونهم كحب الله والذين آمنوا أشد حبا لله) إن التفكر في النعم التي ذكرها الله عز وجل توصل إلى نتيجة أن المنعم بهذه النعم العظيمة يجب أن نحبه أكثر من كل ما سواه ،قال تعالى(يعرفون نعمة الله ثم ينكرونها)
-فكّر في نعم الله عليك والتي لا تحصى،فان الإنسان عبد الإحسان ،والحب له علاقة بالعطاء المادي والمعنوي،فالإنسان مثلا يحب أمّه أكثر من أبيه لأن حصيلة عطائها المادي والمعنوي أكثر من عطاء أبيه،فكلما زاد العطاء وجب أن يزيد الحب،وبما أن عطاء الله لك نعما لا تحصى فهو يستحق حبا يفوق كل المحبوبات مجتمعه،حيث أن عطاء تلك المحبوبات وذواتها إنما هي عطاء من عطائه جل جلاله
-التقرب إلى الله تعالى بالنوافل(وما يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه…)
-إيثار محابّه على محابّك عند غلبات الهوى
-مطالعة القلب لأسمائه وصفاته فمن عرفها أحبه لا محالة
-مشاهدة بره واحسانه ونعمه الظاهرة والباطنة فإنها داعية إلى محبته
-انكسار القلب بكليته بين يدي الله تعالى
-تذوق حلاوة مناجاته في الثلث الأخير من الليل
-مجالسة المحبين الصادقين والتقاط أطايب ثمرات كلامهم كما تنتقى أطايب التمر
-مباعدة كل سبب يحول بين القلب وبين الله عز وجل
-الإكثار من قراءة سورة الصمد(كان أمير سرية من الصحابة يقرأ (قل هو الله أحد)لأصحابه في كل صلاة فسئل لم؟فقال:لأنها صفة الرحمن فأنا أحب أن أقرأ بها،فقال النبي صلى الله عليه وسلم(أخبروه أن الله يحبه)
-الدعاء بطلب المحبة:كان داود عليه السلام يقول(اللهم اني أسألك حبك وحب من يحبك والعمل الذي يبلغني حبك،اللهم اجعل حبك أحب إلي من نفسي وأهلي ومن الماء البارد)
وكان عليه الصلاة والسلام يقول(اللهم ارزقني حبك وحب من ينفعني حبه عندك ،اللهم مما رزقتني مما أحب فاجعله قوة لي فيما تحب،وما زويت عني مما احب فاجعله فراغا فيما تحب)
من آثار محبة الله تعالى
-تعلق القلب به رجاء وخوفا
-الأنس بالله
-اتخاذه وليا
-الثقة بالله
-الرضا به ربّا
-عبادته بالمفهوم الشامل للعبادة
ومحبة الله عز وجل تقتضي محبة ما يحب ومن يحب من مثل:
-محبة كلامه:ومحبة كلامه تقتضي تلاوته حق تلاوته بالتدبر والتفكر والتعظيم
-محبة رسوله: (لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من نفسه وماله وولده والناس أجمعين)
ومحبة رسوله صلى الله عليه وسلم تقتضي طاعته (لا يؤمن أحدكم حتى يكون هواه تبعا لما جئت به)(قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم والله غفور رحيم)(ثلاث من كن فيه وجد حلاوة الإيمان:أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما وأن يحب المرء لا يحبه إلا لله وأن يكره أن يعود إلى الكفر كما يكره أن يقذف في النار)
-محبة ذكره
-محبة دينه :الدعوة لدينه-الصبر على الأذى فيه-التضحية من أجله(إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة)
-محبة أوليائه وكراهية أعدائه(وجبت محبتي للمتحابين فيّ والمتباذلين فيّ والمتزاورين فيّ)
-محبة طاعته
-كراهية معصيته
-محبة ما يحب
*وأول دفعة من ثمن المحبة :بذل الروح
قال الله تعالى(إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة )فلما عرفوا عظمة المشتري وفضل الثمن عرفوا أن للسلعة شأنا فرأوا من أعظم الغبن أن يبيعوها لغيره بثمن بخس ،فعقدوا معه بيعة الرضوان بالتراضي ،من غير ثبوت الخيار وقالوا:لا نقيل ولا نستقيل
فلما تم العقد وسلموا البيع ردّها الله لهم أضعافا مضاعفة (ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون)
*إذا غرست شجرة المحبة في القلب ،وسقيت بماء الإخلاص ومتابعة الحبيب آتت أكلها كل حين بإذن ربها ،أصلها ثابت في قرار القلب ،وفرعها متصل بسدرة المنتهى
مما قيل في المحبة
-الميل الدائم بالقلب الهائم
-إيثار المحبوب على جميع المصحوب
-موافقة الحبيب في المشهد والمغيب
-استكثار القليل من جنايتك ،واستقلال الكثير من طاعتك
-معانقة الطاعة ومباينة المخالفة
-أن تهب كلك لمن أحببت فلا يبقى لك منك شيء ،والمراد أن تهب إرادتك وعزمك وأفعالك ونفسك ومالك ووقتك لمن تحبه ،وتجعلها حبسا في مرضاته ومحابّه،فلا تأخذ لنفسك منها إلا ما أعطاك ،فتأخذه منه له
*وجرت مسألة في المحبة بمكة يوم الموسم فتكلم الشيوخ فيها وكان الجنيد أصغرهم سنا فقالوا:هات ما عندك يا عراقي:فأطرق رأسه ودمعت عيناه ثم قال:عبد ذاهب عن نفسه ،متصل بذكر ربه،قائم بأداء حقوقه،ناظر إليه بقلبه،فان تكلم فبالله،وان نطق فعن الله،وان تحرك فبأمر الله،وان سكن فمع الله،فهو بالله ولله ومع الله
.فبكى الشيوخ وقالوا:ما على هذا مزيد،جزاك الله يا تاج العارفين