إلى متى ؟!
إلى متى ؟!
د. كمال أحمد غنيم
رئيس نقابة العاملين في الجامعة الإسلامية بغزة
قال لي بحرص واضح: أنتم تركّزون على الحقوق، وتنسون الواجبات، هناك الكثير من التقصير في مجالات عمل متعددة، والصورة الأمثل في الأداء ما زالت تحتاج إلى جهد كبير.
قلت: نجتهد في تصويب المسار قدر ما نستطيع، ونعتمد أسلوب الإقناع والمنطق المسئول، ونحاول أن نتمثّل الشعارات البنّاءة سلوكا عمليا، مع قناعتنا أن رضا الناس غاية لا تُدرك، وأن رضا الله هو الغاية الأسمى، وأن الوصول إليها ليس سهلا، ولا يضمن المرء نجاحه فيه ما دام فيه عرق ينبض.
قال: وجّهوا الناس إلى احترام العمل، وجودة الإتقان، والجاهزية الدائمة.
قلت: إن الذكرى تنفع المؤمنين، فلا مانع من التذكير، والمتابعة، وحفز الهمم، ونحن نحتاج بالفعل إلى ذلك التذكير الطيب. وما زال بالإمكان أن يتخذ كل منّا في ميدان عمله مجالا أوسع للعطاء والإبداع، من خلال تجديد الهمّة، ومراجعة التخطيط والحرص على إضافة الجديد، والفخر بالعمل الصامت بين العبد وربه في مجال الانتماء لصرحنا الشامخ، وعدم وضع مسائل ذلك الصرح على هامش الشعور والاهتمام.
قال: يبدو أن الناس لا يحبون من يذكّرهم بواجباتهم، ويحبّون من يتحدث لهم عن حقوق منجزة، أو حقوق متوقعة، أو أخطاء متوهمة.
قلت: رحم الله كل من أفادنا بكلمة طيبة، وكان سببا خفيا غير ظاهر لنا أو للآخرين في تعديل سلوك أو تصويب مسار أو انتباه لواجب مهمل... الناس يحبون الأسلوب الطيب في النصح والتذكير، ويكرهون التعسف فيه وفي اتخاذ القرار.
قال: وهل يحتاج الناضجون المعلمون لغيرهم من يترفق بهم في الحوار والنصح، بل هل يحتاجون من يبيّن لهم أشياء تعدّ من بدهيات عملهم، وبدهيات إتقانه وتجويده؟
قلت: نعم. والصبر على عدم التجاوب السريع فضيلة. والإصرار على الدفع الإيجابي نعمة يُغبط عليها الصابرون. ومن أفضل ممن قام بعمله على خير وجه فارتاح ضميره وتحققت له السعادة، إذ أن قمة السعادة ضمير مرتاح، وواجب مؤدى لله ورسوله وللمسلمين. وخير الأعمال ما كان خالصا لا تشوبه شائبة.
قال: هل تعتقد أن الكلمة لها فائدة؟ أم أن القلوب قد طغت عليها غشاوة؟
قلت: يقول سبحانه وتعالى: "وذكّر فإن الذكرى تنفع المؤمنين"، ونحن بحاجة إلى الذكرى في كل المراحل، ومن ظنّ أنه علم فقد جهل، لأن العلم لا حدود له، فكم من غافلٍ دون إرادة ردّته كلمة إلى الصواب، وربّ مكابرٍ في الحقّ وعظه موقف من المواقف، هزّ بدنه، وأقلق ليله، وأنزل دمعه، وغيّر حاله وطبعه.
لا ينبغي أن ننسى أن ديننا هو دين عمل وإنتاج، وسعيٍ ومثابرة، وأن المرء محاسب عن عمله، إن كان أتقنه أم أهمله، وإن كان أخلص فيه أم خلط فيه بين صالح وطالح. اللهم قد بلّغت، اللهم فاشهد.