من علامات الضلال المبين إبغاض المسلمين تعصبا للطائفية الممقوتة في دين الله عز وجل
من علامات الضلال المبين عند بعض الطوائف المحسوبة على الإسلام ركوب أصحابها غرورهم ، وتزكية أنفسهم على الله عز وجل ، وتنصيب أنفسهم شركاء معه ـ سبحانه وتعالى عن الشركاء ـ للحكم على سرائر المسلمين و سرائر الخلق أجمعين ، و التي لا يعلمها إلا علام الغيوب جل في علاه ، والبث في شأن آجلهم في العاجلة ،واحتقار من ليس من طوائفهم وأحزابهم و من لا يعتقد اعتقادهم ، ونعتهم بالنعوت المشينة ، وسبهم وشتمهم ، ولعنهم ، ووسيلتهم في ذلك كله تأويل كتاب الله عز وجل وأقوال رسوله صلى الله عليه وسلم تأويل أهواء متعسف ليناسب طائفيتهم، وليكون تبريرا للتجاسر على اختصاص الخالق جل في علاه ، والتدخل في شؤون خلقه والحكم عليهم ، وهو الخالق سبحانه الذي لا يشرك في حكمه أحدا مصداقا لقوله عز من قائل : (( له غيب السماوات والأرض أبصر به وأسمع ما لهم من دونه من ولي ولا يشرك في حكمه أحدا )) ويزعم أهل الطائفية على اختلاف مشاربهم في الاعتقاد أنهم أولياء الله عز وجل وخاصته، وهم يحاكون في ذلك قول أهل الكتاب من قبل والذين زعموا أنهم أبناء الله وأحباؤه وقد سفه الله تعالى زعمهم فقال : (( وقالت اليهود والنصارى نحن أبناء الله وأحباؤه قل فلم يعذبكم بذنوبكم بل أنتم بشر ممن خلق يغفر لمن يشاء ويعذب من يشاء ولله ملك السماوات والأرض وما بينهما وإليه المصير )) . وعلى غرار ادعاء أهل الكتاب أنهم أبناء الله وأحباؤه يدعي أصحاب الطوائف أنهم أولياء الله علما بأن دلالة الولاية لا تختلف عن دلالة المحبة لأن الولي هو المحب الناصر لقوله تعالى : (( الله ولي الذين آمنوا )) ، وقوله أيضا : (( ذلك بأن الله مولى الذين آمنوا وأن الكافرين لا مولى لهم )) أي لا محب ولا ناصر لهم . والولي من الخلق كما يقول الإمام أبو حامد الغزالي في كتابه "المقصد الأسنى في شرح أسماء الله الحسنى" هو من يحب الله ويحب من يواليه ويعادي من يعاديه . ولقد برأ الله عز وجل رسوله صلى الله عليه وسلم من الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا مصداقا لقوله تعالى : (( إن الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا لست منهم في شيء إنما أمرهم إلى الله ثم ينبئهم بما كانوا يفعلون )) ومع ذلك تتشبث بعض الطوائف بالطائفية المفرقة لدين الله عز وجل وتشايعها . ومع أن الله عز وجل لم يجعل بينه وبين خلقه وساطة أو زلفى تقربهم منه لأنه سبحانه وتعالى قريب من خلقه يراهم ويسمعهم ، ويعلم ما ظهر منهم وما خفي بل يعلم خائنة أعينهم وما تخفي صدورهم فإن أهل الطائفية على اختلاف مشاربها يصرون على التزلف إليه بواسطة خلقه ، ويبالغون في وصفهم بأوصاف تجعلهم معه شركاء . ومع أنه لا يسأل ولا يدعى ولا ينادى سبحانه وتعالى إلا هو لأنه الخالق الحي الذي لا يموت والقريب والسميع البصير المجيب ، فإن أهل الطائفية يدعون وينادون ويسألون الخلق ، ومنهم الذين يعلقون على جباههم خرقا مكتوب عليها عبارة النداء " يا فلان " وفلان من الأموات الذين لا يسمعون، ولا يبصرون، ولا يجيبون، ولا ينفعون ،ولا يضرون . ومع أن الله عز وجل أمات صفوة خلقه من أنبيائه ورسله الكرام جميعا صلواته وسلامه عليهم ، ولم يستثن من الإماتة أحدا من البشر حتى المسيح عليه السلام حيث توفاه أولا ثم رفعه إليه مصداقا لقوله تعالى : (( إذ قال الله يا عيسى إني متوفيك ورافعك إلي )) فإن أهل الطائفية يعتقدون بعدم موت إنسان معين لا هو نبي ولا هو رسول، ويزعمون أنه مرفوع كما رفع المسيح عليه السلام بل يعتقدون أنه رفع وهو حي خلاف المسيح بل أكثر من ذلك يزعمون أنه سينزل كما سينزل المسيح عليه السلام بل يزعمون أن المسيح عليه السلام سيصلي خلفه مأموما بينما يكون هو إماما ، وهم بذلك يرفعون قدره فوق قدر نبي كريم مع أنه معجزة الله عز وجل خلقه من دون أب خلاف باقي البشر ،وخصه بالرفع بعد موته دون غيره من الخلق .و يتشفع أهل الطائفية بالخلق مع أنه لا علم لهم بإذن الله عز وجل لهم بالشفاعة مصداقا لقوله تعالى : (( من ذا الذي يشفع عنده إلا بإذنه )) علما بأن الله عز وجل إنما يكشف الغيب لصفوة خلقه من رسله وأنبيائه صلواته وسلامه عليهم مصداقا لقوله تعالى : (( عالم الغيب فلا يظهر على غيبه أحدا إلا من ارتضى من رسول )) وأنى يزعم أحد علمه بالشفاعة وهو ممن لا يوحى إليه . وبالرغم من هذه الاعتقادات الضالة الواضحة الضلال بنصوص القرآن الكريم ونصوص الحديث، فإن أصحابها خلقوا منها طائفية وركبوا بها غرورهم ، ومن خلالها يحاكمون غيرهم ويكفرونه مقابل تزكية أنفسهم مع أن الله عز وجل يقول : (( فلا تزكوا أنفسكم هو أعلم بمن اتقى )).وكما يؤول أهل الطائفية كلام الله عز وجل ليوافق تأويلهم طائفيتهم وهم يفترون بذلك الكذب عليه ويحرفونه، فإنهم يسيئون إلى آل بيت رسول الله وعترته صلى الله عليه وسلم باتخاذهم شركاء مع الله عز وجل ، وبرفع شأنهم فوق شأن رسول الله صلى الله عليه وسلم و فوق شأن رسل الله وأنبيائه صلواته وسلامه عليهم بما ينسبون لهم من أمور هي من اختصاص الألوهية والرسالة والنبوة بل يجعلون ما يسمونه الوصاية والولاية فوق النبوة والرسالة بل يجعلون الرسالة والنبوة مجرد ممهدة للوصاية والولاية ،وينسبون لهم كذبا وزورا ما لا يليق بهم من أخبار مكذوبة ملفقة . والأدهى من ذلك أن يعتقدوا بالولاية الفقهية التي تسد مسد الوصاية والإمامة في انتظار نزول المرفوع حسب اعتقادهم ، مع إضفاء العصمة لها مع أن العصمة لا تكون إلا لنبي . وتنفيذا لأوامر الولاية الفقهية يستبيح أصحاب الطائفية أعراض ودماء من لا يعتقد اعتقاداتهم الضالة ويكفرونه ويهدرون دمه ، ويلعنونه ويبغضونه إرضاء للولاية الفقهية ولسماسرتها الذين يرفعون أقدارهم فوق أقدار الناس ويلقبون أنفسهم بالألقاب المنزهة لهم من قبيل آية الله فلان ، وسماحة فلان والإمام فلان . ويلقن هؤلاء الذين ينزهون أنفسهم أتباعهم الذين يسوقونهم سوق قطعان الأنعام لعن خيرة صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم الذين لا يعدل أحد مدهم ولا نصيفهم ولو أفق مثل جبل أحد ذهبا كما قال المصطفى صلى الله عليه وسلم . ومشكلة القطعان الضالة التي يسوقها الآيات والسماحات أنها قد دربت على التعصب الأعمى وأضلها من يسوقها ولا سبيل للوصول إلى رفع الغشاوة عن أبصارها أو نزع الوقر من آذانها ومن يهدي من أضل الله عز وجل.
وسوم: العدد 627