كيف لنا بعصا موسى؟
سبحان الله ، ما أشبه الماضي البعيد باليوم الذي نعيشه ، طاغوت يقتل الأطفال و يدمر البلاد و يعيث في الأرض فساداً ، و يفرق العباد شيعاً و جماعات ، و يلتف من حوله كل سحرة و دجالي العالم ، لإستعباد شعب ،أراد أن يتحرر من عبودية دامت لعقود طويلة.
يردد الناس دائماً في المواقف الصعبة و التي تبدو أشبه بمستحيلة ، بأن الأمر يحتاج إلى عصا موسى (عليه السلام)، لما كان للعصا من دور من نصرة النبي موسى (عليه السلام) و إنقاذه هو و قومه من الهلاك في عدة مواقف ، و القضاء على فرعون الذي استعبد الناس لعقود طويلة من الزمن...
لا شك أن الوضع الذي نعيشه اليوم يحتاج إلى عصا موسى لكي تنقذنا مما نحن فيه.
لنستعرض أهم آيات و معجزات عصا نبينا موسى..
فأول معجزة لعصا نبينا موسى(عليه السلام) عندما ابتلعت عصي و حبال سحرة فرعون ، و التي كان يتخيلها الناس على أنها أفاعي ضخمة جداً، إلا أن عصا موسى عليه السلام تحولت إلى حية حقيقية، و ابتلعت كل عصي و حبال السحرة و بشكل حقيقي،و شكلت هذه الحادثة بداية الثورة على الطاغية و المدعي الربوبية فرعون ، عندما آمن عدد كبير من السحرة مع موسى بعد أن رؤوا آية عصاه....
المعجزة الثانية لعصا موسى عليه السلام كانت عندما حاصر فرعون و جنوده نبينا موسى (عليه السلام) و قومه ، و أصبح البحر أمامهم و فرعون و جنوده خلفهم ، و لم يبق على هلاكهم إلا بضع خطوات ، و قبل أن يتمكن الطاغية من موسى و قومه ، و يهلكهم جميعاً ، جاءت عصا نبينا موسى لتفلق البحر ، و تشق طريقاً يابسا للنبي موسى وبني إسرائيل في وسط الماء ، و يقطعون إلى الضفة الاخرى ، و عندما تبعهم فرعون و جنوده و وصلوا إلى قاع البحر، فانهال عليهم الماء من كل جانب و غرقوا جميعا، و بذلك تنتهي و تنطوي حقبة طويلة من ظلم الفراعنة لبني إسرائيل...على يد عصا نبينا موسى عليه السلام.
لعل الكثيرين يقولون من أين لنا بعصا النبي موسى اليوم ؟، و هو كليم الله ، و عصاه معجزة و آية .
في حقيقة الأمر القضية ليست قضية عصا .. فالعصا سلاح و أداة بسيطة و هي بمتناول الجميع و لكن القضية قضية فعل في داخل القلوب..
فسيدنا موسى عليه السلام كانت ثقته بالعصا قبل أن يكلمه الله أكبر بكثيير من ثقته بها فيما بعد..فعندما كلم الله نبينا موسى..سأل الله سيدنا موسى ما تلك بيمنك يا موسى
قال بكل ثقة ..هي عصاي أتوكأ عليها و أهش بها على غنمي و لي فيها مآرب أخرى..و لدي أفعال و أعمال كثيرة لا مجال لحصرها...
كان يتحدث عن أفعال تلك العصا و عن علاقته و ثقته بها..
في هذه الأثناء يأتي الأمر الإلهي بأن ألقها يا موسى ...فلم يتوان نبينا موسى عليه السلام لحظة واحدة و ألقى عصاه ..
الإلقاء هنا ليس مجرد رمي على الأرض ،كما يُظَن، و إنما هي قضية تخلي و فك ارتباط بالعصا ، و كانت بمثابة اختبار عظيم لنبينا موسى (عليه السلام)، و قد نجح نبينا موسى بالإختبار حين تخلى عن عصاه من أجل الله...
و عندما ألقى موسى عصاه و تخلى عنها ، تفاجأ أن العصا تحولت إلى حية .. فذهل و خاف سيدنا موسى (عليه السلام) من ذلك الموقف ، و كأن الله عز و جل يقول لسيدنا موسى ،إنظر و شاهد حقيقة العصا التي بين يديك و التي تعتز بها كثيراً و لا تفارقك ، في حقيقة الأمر هي ليست سوى مجرد عدو ، يمكن أن ينقض عليك و يفتك بك في أي لحظة.
إلا أن الله عز وجل لم يحرمه من عصاه بعد أن تخلى عنها لأجله ، و عادت إليه و هي تحمل المعجزات و الآيات ، لكن بإذن الله و ليس بإذن العصا نفسها...
أعتقد أن بإمكاننا ان نحصل على عصا موسى إذا تخلينا أولاً - عن كل ما نعتقد أنه سببا في قوتنا - من أجل الله ..لندير ظهورنا لكل الداعمين ...لندير ظهورنا لكل من يدعي أنه يساعدنا في محنتنا..لندير ظهورنا لكل الأسلحة التي بين أيدينا ، و التي هي ليست سوى مجرد أعداء يضعفوننا و يهددون وجودنا...و لنقبل بوجوهنا على الله أولاً، و على بعضنا البعض ثانياً ، فسيدنا موسى عليه السلام رغم يقينه بأن الله معه ، و أن العصا التي بين يديه تحمل المعجزات إلا أنه طلب من الله أن يكون معه أخوه هارون سنداً و وزيراً .
لعل الله يهيء لنا سبباً لكي نحقق به المعجزات ، كما حقق ذلك لسيدنا موسى عليه السلام من قبل .
و لكي يمن الله علينا بالخلاص من فرعون هذا العصر و جنوده و كل من يقف معه من سحرة و دجاليين في هذا العالم الفرعوني ...
وسوم: العدد 656