الاعتكاف

هو لزوم المسجد و الإقامة فيه بنية التقرب إلي الله تعالي .

 و يري الامام أحمد بن حنبل رضي الله عنه أن المعتكف في العشر الاواخر من رمضان لا يستحب له مخالطة الناس بل الافضل له الانفراد بنفسه و التخلي لمناجاة مولاه .. فالاعتكاف في حقيقته قطع موقوت لعلائق الناس للتشرف بخدمة الخالق عز و جل .

و روى الامام البخاري في صحيحه عن ابي هريرة رضي الله عنه : " كان رسول الله صلي الله عليه و سلم يعتكف في كل رمضان عشرة ايام , فلما كان العام الذي قبض فيه اعتكف عشرين يوماً " .

-  فضله  :

و للاعتكاف فضل عظيم و ثواب جليل يشحذ همة  المتقين و ينادي المجاهدين : ضع بيتك

و دنياك خلف ظهرك , و امض إلي سبيل ربك و الزم المحراب , فما فتح الله علي عبد إلا باتباع الاوامر و إخلاص الطاعات و لزوم المحاريب

_  أخرج ابن ماجه عن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلي الله عليه و سلم قال في المعتكف " هو يعكف الذنوب و يجري له من الحسنات كعامل الحسنات كلها "

_ و روي الإمام البيهقي عن علي بن الحسين عن ابيه رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلي الله عليه و سلم : " من اعتكف عشراً فى رمضان كان كحجتين و عمرتين " .

_ و روى الطبراني و البراز أن رسول الله صلي الله عليه و سلم قال :" المسجد بيت كل تقي , و تكفل الله لمن كان المسجد بيته بالروح و الرحمة و الجواز علي الصراط إلي رضوان الله إلي الجنة ".

- حكمه :

و الاعتكاف قربة مستحبة سنها رسول الله صلي الله عليه و سلم  و واظب عليها . و يتأكد أستحباب الاعتكاف في العشر الاواخر من رمضان . قال الامام النووي :" و قد أجمع المسلمون علي استحبابه ( أي الاعتكاف ) و انه ليس بواجب , و علي أنه متأكد في العشر الاواخر من رمضان" .

- أقله :

و يصح اعتكاف يوم و كذلك ليلة واحدة . و قال النووي : ويصح اعتكاف ساعة واحدة و لحظة واحدة , و ضابطه عند اصحابنا ( الشافعية ):" مكث يزيد علي طمانينة الركوع أدني زيادة " .

و علي هذا لو نوي المسلم الاعتكاف لوقت محدود في المسجد - كأنتظاره الصلاة – صح ذلك منه و يثاب عليه إن شاء الله كما قال الصحابي يعلي بن أمية : " إني لأمكث في المسجد ساعة ما امكث إلا لاعتكف " .

- شروطه :

_ وقال الحافظ إبن حجر العسقلاني : و اتفق العلماء علي مشروطية المسجد للاعتكاف , و أجاز الحنفية للمرأة ان تعتكف في مسجد بيتها و هو المكان المعد للصلاة فيه ,

 و اشترط بعض العلماء أن يكون الاعتكاف في المسجد الجامع حتي لا يحرم المعتكف من شهود الجمع و الجماعات .

_ و يجوز الاعتكاف بغير صوم كمن نوي الاعتكاف ليلا لأن الليل ليس ظرفا للصوم , و اشترط بعض العلماء ان يكون المعتكف صائما . قال الامامان مالك و ابو حنيفة (رضى الله عنهما ) : يشترط في الاعتكاف الصوم , فلا يصح اعتكاف مفطر .

و يجوز للمعتكف الخروج من المسجد الذي يعتكف فيه لقضاء حاجته أو حاجة غيره علي ان يرجع إلي المسجد فور أن يقضي الحاجة او ينتهي العذر , فإن خرج من المسجد دون حاجة متعمداً ذلك بطل اعتكافه .

و ينبغي علي المعتكف ان ينشغل و يقبل علي ربه تعالي بكليته و جمعيته .

 و من أعظم ما ينشغل به المعتكف :.

1- الصلاة : فعلي المعتكف أن يحرص علي الصلاة في الصف الاول و أن يدرك تكبيرة الاحرام مع الإمام و ان يحرص على ختام الصلاة و اداء النافلة لما في ذلك كله من خير

2 - تلاوة القرآن الكريم و حفظه و تفهمه و الذكر و التسبيح و التحميد و التهليل و الاستغفار و التوبة إلي الله تعالى

3 – و ليتمثل المعتكف و يستحضر صوره النبي الكريم صلي الله عليه و سلم و اجتهاده في العبادة . روت عائشة رضي الله عنها " أن النبي صلي الله عليه و سلم كان إذا دخل العشر الأواخر أحيا الليل كله و أيقظ اهله و شد المئزر " . و عنها " أنه كان يجتهد في العشر الأواخر ما لا يجتهد في غيرها " .

ويسن للمعتكف أن يدخل المسجد قبل غروب الشمس ليلة الحادي و العشرين من رمضان , كما قال الأئمة الأربعة رضي الله عنهم . و قال غيرهم كالإمام الليث بن سعد و الأوزاعي و الثوري : إن أول الوقت الذي يدخل فيه المعتكف هو بعد صلاة الصبح .

و يسن للمعتكف أن يخرج من المسجد بعد غروب شمس آخر يوم من رمضان , وهذا قول الإمام الشافعي و أبي حنيفة . أما الإمام مالك فيري أن يخرج المعتكف من المسجد إلي صلاة العيد علي جهة الاستحباب .

وقال الإمام ابن رشد : أجمعوا علي المعتكف إذا جامع عامدا بطل إعتكافه و يستوي في ذلك أن تكون المباشرة في المسجد أو عند خروج المعتكف لعذر أو حاجة , قال تعالي :

 سورة البقرة الآية 187(ولا تباشروهن وأنتم عاكفون فى المساجد

وسوم: العدد 674