ماذا بعد رمضان؟
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وأشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله.
اللهم صل عليه وعلى إخوانه الأنبياء والمرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد،
أيها المسلمون:
رمضان رحل، ربح فيه الرابحون وخسر من عظمت موبقاته وآثامه، فيا أيها الرابح هنيئًا لك، ويا أيها الخاسر ما أجهلك. لا نعلم من الرابح فنهنئه، ومن الخاسر فنعزيه، لكن الله يعلمهم، فعلم الغيوب إليه سبحانه.
لقد رحلت يا شهر رمضان، يا شهر العتق من النيران، يا شهر الصدقة والإحسان، يا شهر الصيام والقيام، يا شهر الفضل والإنعام، يا شهر الخشوع والسجود والركوع، يا شهر القرآن والغفران، يا شهر الحسنات وإقالة العثرات، يا شهر التسبيح والتراويح، لقد رحلت يا شهر العتاق وأذقت الأنام مرارة الفراق.
من الذي استفاد من رمضان؟
الذي صامه وقامه إيمانا واحتسابا، فعن أبي هريرةلا-رضي الله عنه- عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من صام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه".(أخرجه البخاري (1/22، رقم 38)، ومسلم (1/523، رقم 760) .
احذروا من العجب والغرور والزموا الخضوع والانكسار للعزيز الغفار.
لنحذرالعجب والغرور بعد رمضان! فلربما حدثتكم أنفسكم أن لديكم رصيد كبير من الحسنات .أو أن ذنوبكم قد غُفرت، فرجعتم كيوم ولدتكم أمهاتكم ،فما زال الشيطان يغريكم والنفس تلهيكم حتى تكثروا من المعاصي والذنوب. ربما تعجبكم أنفسكم فيما قدمتموه خلال رمضان.
قال الله تعالى: {وَلا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ} [المدثر:6] . أتمنُّ على الله؟ لا تمن على الله بعملك، لا تفخر، لا تغتر وتتخيل أن أعمالك كثيرة، فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لو أن رجلاً يجر على وجهه من يوم ولد إلى يوم يموت هرماً في مرضات الله تعالى لحقره يوم القيامة" (أخرجه: أحمد (4/185، رقم 17686) والطبراني (17/122، رقم 303) عن عتبة بن عبد).
قصة بلعم بن باعوراء: قال تعالى: وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنْ الْغَاوِينَ .. [الأعراف:175، 176].
لا تكونوا كالتي نقضت غزلها !!
إياكم والرجوع إلى المعاصي والفسق والمجون، وترك الطاعات والأعمال الصالحة بعد رمضان، فبعد أن تنعموا بنعيم الطاعة ولذة المناجاة ... ترجعوا إلى جحيم المعاصي والفجور !! فبئس القوم الذين لا يعرفون الله إلا في رمضان ..!!
يقول كعب –رضي الله عنه- : من صام رمضان وهو يحدث نفسه أنه إذا خرج رمضان عصى ربه، فصيامه عليه مردود، وباب التوفيق في وجهه مسدود
- ولمَّا سُئِل بشر الحافي رحمه الله عن أناس يتعبدون في رمضان ويجتهدون، فإذا انسلخ رمضانُ تركوا، قال: بئس القوم لا يعرفون الله إلا في رمضان!
قصة ريطة بنت سعد : قال تعالى: وَلا تَكُونُوا كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَهَا مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ أَنكَاثًا ... [النحل:92].
مظاهر نقض العهد :
ولنقض العهد مظاهر كثيرة عند الناس منها:
1- تضييع الناس للصلوات مع الجماعة.
2- الانشغال بالأغاني والأفلام .. والتبرج والسفور .. والذهاب إلى الملاهي والمعاكسات !!
3- التنافس في الذهاب إلى المسارح ودور السينما والملاهي الليلية.
هل قُبِل صيامكم وقيامكم أم لا ؟
خوف السلف من عدم قبول العمل:
- كان السلف الصالحون يحملون هّم قبول العمل أكثر من العمل نفسه، قال علي بن أبي طالب ( رضي الله عنه ) : كونوا لقبول العمل أشد أهتماماً من العمل، ألم تسمعوا قول الله عز وجل: {إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِين} (المائدة:27) . فمن منا أشغله هذا الهاجس !! قبول العمل أو رده في هذه الأيام؟ ومن منا لهج لسانه بالدعاء أن يتقبل الله منه رمضان؟.
من علامات قبول العمل:
(1) أن ترى العبد في أحسن حال من حاله السابق
(2)أن ترى فيه إقبالاً على الطاعة وزيادة في الخير الحسي
(3) الحسنة بعد الحسنة
(4) انشراح الصدر للعبادة والشعور بلذة الطاعة وحلاوة الإيمان
(5) التوبة من الذنوب
(6) الخوف من عدم قبول الأعمال في هذا الشهر الكريم !!
(7) الغيرة للدين والغضب إذا أنتُهكت حُرمات الله، والعمل للإسلام بحرارة، وبذل الجهد والمال في الدعوة إلى الله.
وسائل معينة على الاستمرار على الطاعة:
1- الصيام المسنون: مثل صيام (الاثنين، الخميس) ، (عاشوراء) ، (عرفة) وستة أيام من شوال وغيرها.
2- قيام الليل: وهو مشروع في كل ليله
3- قراءة القرآن وتدبره ليست خاصه برمضان
4- وجوب الاستمرار في أعمال الخير بعد رمضان.
5- المحافظة على صلاة الجماعة
6- تجديد التوبة مع استمرارها
7- عدم معصية الله: أصبحت عندك قدرة على التغيير فاستثمرها بعدم معصية الله عزوجل
8- الاستغفار والشكر: فإنهما ختام الأعمال الصالحة، (كالصلاة , والحج , والمجالس) ، وكذلك يُختم الصيامُ بكثرة الأستغفار .
كتب عمر بن عبد العزيز رحمه الله إلى الأمصار يأمرهم بختم شهر رمضان بالاستغفار والصدقة.
8- المداومة على الذكر والدعاء: ادعُ الله أن يثبتك على الطاعة بعد رمضان
وصل اللهم وسلم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
وسوم: العدد 675