الخاطرة ١٨٢ : نجم كرة القدم (ليونيل ميسي) الجزء ٣
خواطر من الكون المجاور
أحد القراء كتب في تعليقه على مقالة الأسبوع الماضي (مركز على رونالدو انت ليش) ، اود هنا أن اوضح شيئا عن مواضيع مقالاتي ، من يقرأ جميع مؤلفاتي سيجد انها تبحث في مواضيع كثيرة فلسفية ، دينية ، فلكية ، فنية ، اجتماعية ، فيزيائية، كيميائية ، طبية ، رياضية ....الخ ولكن من يتمعن جيدا في جوهر هذه المواضيع جميعها سيجد ان هدفها الاول هو حماية حقوق الأطفال ، فهي تبحث في كل شيء يؤثر سلبيا أو إيجابيا على طبيعة البيئة الروحية لعالم الأطفال ، فهولاء الصغار هم مستقبل الإنسانية وانا أشعر بالمسؤولية عن مصيرهم ، فأنا كإنسان لا أسمح لنفسي أن أسير مع التيار او أن أقف على هامش الأحداث كمشاهد فقط ، ودائما احاول بما أستطيع ان أعطي رأي مع الإثباتات اللازمة عن اي شيء يقوم بتشويه النمو الروحي للأطفال ، لذلك في مقالاتي هذه الأيام أكتب عن رونالدو وميسي وأخبار كرة القدم بشكل عام لأوضح تأثير كل منهما على سعادة الأطفال سلبيا او ايجابيا. لذلك اتمنى من الجميع أثناء قراءة المقال أن يترك التعصب الكروي جانبا ويهتم بما يتعلق بمصير سعادة أطفال العالم . وخاصة أننا اليوم نعيش في عصر لم تعرف الإنسانية من قبل وحشية وإنحطاطا روحيا بمستوى الذي نعيشه اليوم ، وكلنا مسؤولون أمام الله عن هذا التدهور الذي يشمل جميع نواحي سلوك الإنسان .فأن يقول أحدنا أنه معجب بفلان بسبب مهارته في اللعب أو في الغناء أو في التمثيل ولا يهمه ما يفعله في حياته الشخصية فهذا ليس إلا عبارة عن تطبيق مبدأ (العلم للعلم والفن للفن والرياضة للرياضة ...الخ) وهذا السلوك هو رؤية سطحية لما يحدث وهو أيضا نوع من أنواع التهرب من تحمل المسؤولية ، فكل إعجاب نشعر به لشخص ما فنان او لاعب كرة ليس إلا عبارة عن قوة روحية نمنحها نحن إلى هذا الشخص فإذا كان هذا الشخص سيئا في حياته الشخصية فهذه القوة التي إكتسبها مننا ستذهب في تقوية روح السوء العالمية ، وهذه الروح العالمية بدورها ستتمكن اكثر في السيطرة على سلوك الإنسانية بأكملها فتقوم بتفكيك العلاقات الإنسانية ونشر الفساد والظلم في المجتمع ..... فأسباب إنحطاط المجتمع وفساده ليست بسيطة كما نعتقد ولكنها أعمق بكثير مما نتصوره وكلنا من خلال سلوكنا نشارك سواء في إزدهار المجتمع أو إنحطاطه .
لنعود الآن إلى موضوعنا في مقارنة ميسي ورونالدو كشخصيات عالمية لها تأثيرها على سلوك الأطفال والشباب .
في تلك الفترة التي بدأ فيها لاعب كرة القدم كريستيانو رونالدو يصبح قدوة سيئة لكثير من الأطفال والشباب ينمي بهم الأنانية والتعصب وإشباع الشهوات ، ويشوه رياضة كرة القدم ويجعلها لعبة فردية هدفها فقط تسجيل الأهداف ، فنجده في المقابلات الصحفية ينهال دوما بالثناء على نفسه قائلا ( أنا أفضل لاعب في التاريخ) ، في تلك الفترة شاءت الأقدار أن يظهر اللاعب الأرجنتيني ليونيل ميسي ليواجه كريستيانو رونالدو ويأخذ الأضواء منه في الملعب ليصحح معنى لعبة كرة القدم في نفوس المشجعين والمشاهدين ويجعل منها رياضة حضارية ولعبة جماعية هدفها المتعة والتسلية والرياضة الجسدية ، فنجده يصرح في جميع مقابلاته الصحفية ( أنا لا أعتبر نفسي الأفضل في العالم على الإطلاق ، انا لا أفكر بهذه الطريقة . الناس هي التي تصفني بهذا ، فإن كنت كذلك فهذا ليس بفضلي فقط بل بفضل زملائي لأننا نلعب بشكل جماعي) .
البعض صرح في لقاءات الصحفية ان رونالدو حظه سيء في كرة القدم لأنه عندما إقترب من القمة ظهر امامه ليونيل ميسي وأخذ هذا المكان منه. لا شيء يحدث صدفة ولكن يحدث ضمن خطة إلهية نسميها القدر، فكل حدث له معنى روحي يساعدنا على فهم حقيقة نوعية الطريق التي إختارتها الإنسانية في مسيرتها التطورية ، ومهما حاولت روح السوء السيطرة على عجلة تطور الإنسانية دوما القدر يتدخل بطريقته الخاصة ليساعدنا على فهم حقيقة تلك الروح المسيطرة وذلك من خلال الأحداث المتناقضة التي تجري حولنا ، فكل حدث له معنى وعلينا نحن فهم معاني هذه الأحداث ، وقصة المنافسة بين ميسي ورونالدو العالمية التي شغلت الصحافة أكثر من عشرة أعوام ولم تنتهي حتى الآن ، ليست صدفة ولكن لتفتح عقولنا لنفهم سلوك كل واحد منهما وعلاقته في تصحيح او تشويه المجتمع الإنساني . فالرقم ٧ الذي إختاره كريستيانو رونالدو ليعبر عنه ، هو رمز خطيئة حواء التي كانت سببا في طرد الإنسان من الجنة وقد شرحناه في أكثر من مقالة حيث يمثل هذا الرقم الشكل المعاكس لرقم ٨ والذي يمثل رمز حواء التائبة لذلك كان هذا الرمز أيضا هو شكل الإهرامات التي ظهرت في مصر ليكون رمز اول حضارة إنسانية تعبر عن ولادة الإنسان الروحي من جديد ، لذلك نجد ان أسم الاول لميسي هو (ليونيل) والذي معناه شبل الأسد أي الأسد الصغير وكما نعلم أن الحضارة المصرية منذ ولادتها وضعت شعارها تمثال أبو الهول الذي نصفه الأسفل هو جسد أسد والذي يرمز إلى القوة الجسدية في أرقى أشكالها ، فإسم ليونيل الذي يعني الاسد الصغير ليس صدفة ولكن ليعبر عن دور ميسي في هذه الفترة ، فاسمه مطابق تماما لرمز الرياضة التي تعطي الصحة الجسدية للإنسان لتساعد روحه في متابعة تطورها نحو الكمال هذا هو الدور الحضاري للرياضة وليس هدفها عشق الجسد والزنى والفضائح الجنسية كما حصل مع رونالدو . في هذا العصر الذي أصبحت فيه لعبة كرة القدم ديانة لعبادة الفرق ونجوم الكرة وعبادة المال والمجد ، ظهر ميسي ليحول قسم كبير من محبي كرة القدم من أتباع هذه الديانة الجديدة إلى معجبين ، فقط يشجعون اللعبة الممتعة والفوز الجماعي.
من هو ميسي روحيا ؟ تعالوا نبحث بعمق بتلك الأحداث التي أثرت على سلوكه ليصل إلى ما هو عليه الآن .
رغم أن جميع أطفال وشباب الأرجنتين كانوا من المعجبين باللاعب العالمي دييغو ماردونا ، وكانوا جميعهم ينظرون إليه كلاعب خارق وقدوة لهم يحلمون أن يصبحوا مثله يوما ما ، ولكن يبدو أن روح ميسي الصغير وكأنها عدا براعة ماردونا في الملعب قد رأت أيضا جميع عيوبه وسلبياته خارج الملعب ، فرفضت روح ميسي أن يكون مارادونا قدوة لها وإختارت لاعبا ارجنتينيا آخر وهو بابلوا إيمار ، فعدا عن مهارة هذا اللاعب في كرة قدم كان أيضا يتحلى بالقيم الإنسانية والأخلاق الحميدة حيث موهبته في رياضة كرة القدم أجبرته على التخلي عن دراسته في كلية الطب ، ليشارك في مباريات منتخب بلاده .
موهبة ميسي الخارقة في كرة القدم ظهرت وهو بعمر الخمس سنوات ،حيث رأى الجميع شدة سرعة تعلمه لأسرار هذه الرياضة ، وكانت فرحة أفراد عائلته كبيرة جدا وهم يشاهدون موهبة ابنهم الفذة قد بدأت تجذب العديد من الاشخاص من مناطق بعيدة لتأتي الى ملعب حيهم فقط لترى ابنهم الصغير الذي له سيطرة غريبة على الكرة ويستطيع مراوغة افراد فريق الخصم بشكل لا يصدق وكأنه أكبر من عمره بسنوات عديدة .
وهكذا راح أهله يحلمون بمستقبل زاهر لأبنهم في عالم الكرة فهذه المهنة في بلادهم هي من أحب المهن في قلوب الناس ، ولكن عندما وصل ميسي الصغير إلى سن الحادية عشر ، رأى أهله أن حجم ابنهم الصغير وكأنه قد توقف عن النمو ، فجميع أصدقائه قد أصبحوا أطول منه بعشر سنتيمترات ، فذهبوا وعرضوا ابنهم على الطبيب وبعد فحصه عرفوا من الطبيب أن إبنهم الصغير الذي يملك موهبة خارقة في كرة القدم مصاب بنقص هرمون النمو ، و أنه حتى يستطيع أن ينمو بشكل طبيعي يجب أن يأخذ حقنة من هرمون النمو يوميا ، وأصيبوا بصدمة قاسية عندما علموا أن تكاليف هذا العلاج يعادل ٩٠٠ دولار شهريا وهذا المبلغ بالنسبة لهم كان شيء مستحيل تأمينه فراتب الأب وراتب الأم التي كانت تعمل في تنظيف البيوت كان بالكاد يكفي لتأمين الحاجات البسيطة لأفراد العائلة .
ميسي الصغير رأى أهله وهم يطرقوا جميع الأبواب ليجدوا شخصا يساعدهم في تأمين علاج إبنهم ولكن بدون أي جدوى ، فبدأ ينتابه القلق والخوف من المستقبل ، ولكن كما تقول الآية القرآنية ( عسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم ) ويبدو أن القدر بهذا المرض الذي اصاب ميسي الصغير قد لعب دور كبير في حماية روحه لتظل تحمل معها براءة الأطفال وطهارتها وليعلم عندما يكبر ويصبح مشهورا أن الإنسان بدون الله هو لا شيء ، فالطفل ميسي في تلك الأيام كان يشعر بكامل أحاسيسه بشدة خوف أهله على مستقبله ، فبدون العلاج الطبي سيظل حجمه حجم طفل لا يتجاوز ال /١٣٠/ سنتمتر ، وبمثل هذا الحجم الصغير من الطبيعي أن لا يقبل به أي فريق ليلعب معهم فهذا الحجم هو حجم أطفال ، والأطفال لا يمكن أن يلعبوا بشكل إحترافي.
يبدو أن هذا القلق الذي رآه ميسي في ملامح أهله ، جعله يعتقد أنه ربما حلمه بأن يصبح لاعب كرة قدم في المستقبل قد تبخر وأن المستقبل يخبئ له أياما مريرة لأن رجل بهذه القامة سيكون مثل الشخص المعاق الذي لا يصلح لعمل أي شيء... ولكن بنفس الوقت كانت رؤيته المستمرة لأمه وهي تبكي وتصلي وتدعو الله ليساعد ابنها قد أثرت به كثيرا وجعلت إحساسه بالله وأيمانه به يزداد ليصل إلى أعماق روحه، فمنطق الطفل يختلف نهائيا عن منطق الكبار هكذا خلقهم الله بأن لا يفقدوا الأمل ، فراح هو أيضا يصلي ويطلب من الله أن يساعده ليعيد السعادة إلى قلب أمه وجميع أراد عائلته .
في هذه المرحلة المضطربة من حياة ميسي دخل الإيمان بالله في أرقى معانيه في أعماق ميسي (ونقصد هنا الإيمان بمعناه الإنساني وليس بمعناه الديني ) لتجعل منه إنسانا يستطيع أن يقاوم جميع ملذات النفس الدنيئة التي كانت تسيطر على سلوك العديد من أصحاب المواهب الفذة أمثال كريستيانو رونالدو وغيرهم.
في الأرجنتين أُغلقت جميع الأبواب لمساعدة ميسي الصغير في تأمين حقه كطفل أن ينمو جسده بشكل طبيعي ، ولكن شاءت الأقدار أن تصل مأساة الطفل ميسي إلى المسؤولين في فريق برشلونة الإسباني فارسلوا شخصا إلى الأرجنتين ليرى موهبة هذا الطفل ليتأكدوا من حقيقة موهبته ، وهناك ومن الدقائق الاولى أعجب المسؤول الإسباني بموهبة الطفل ميسي ومباشرة طلب من عائلته أن يحملوا الطفل معهم ويذهبوا إلى برشلونة ، وهناك أمام مسؤولي فريق برشلونة أظهر ميسي الصغير مهارته الخارقة في المراوغة وتسديد الكرة بحيث جعلت المسؤولين أن يوافقوا في تبنيه لتأمين علاجه وتدريبه ليصبح في المستقبل واحدا من أهم أعضاء فريق برشلونة. وربما لهذا السبب استطاع ميسي تحقيق الكثير من الإنتصارات لهذا الفريق ، ولكنه لم يستطع تحقيق إنتصارات هامة لفريق بلاده الأرجنتين رغم انه حاول بكل قوته ولكن القدر كان دوما اقوى منه ومنعه من تحقيق ذلك ، ربما لأن كبار بلاد الأرجنتين لم يفعلوا شيئا لميسي عندما كان بأمس الحاجة لهم وهو طفل ولكنهم تركوه بدون أي مساعدة. لذلك الكثير يعتقد بوجود نوع من النحس يصيب ميسي عندما يلعب بفريق بلاده الأرجنتين فيبدو وكأنه شخص آخر غير ميسي.
وشاءت الأقدار عندما إنتقل كريستيانو رونالدو إلى الفريق الإسباني ريال مدريد أن يكون ميسي قد أخذ مكانته الحقيقية في فريق برشلونة حيث ورث الرقم ١٠ عن زميله اللاعب البرازيلي الأسطوري رونالدينيو ، وراح ميسي يحصد جميع الجوائز وباتت الأنظار وعدسات الكاميرات وأوراق الصحف الرياضية تكتب عن عبقريته في كرة القدم بحيث أصبح صاحب أعلى راتب بين لاعبي كرة القدم في العالم ولا يزال حتى الآن.
وشاءت الأقدار أيضا بسبب وجود الإثنان ميسي ورونالدو في نفس الدوري الأسباني بأن تسمح الظروف لميسي ان يواجه رونالدو في العديد من المباريات ، هذه المواجهة بينهما خلقت ظروف عديدة فرضت على المتخصصين بكرة القدم ان يقوموا بنوع من المقارنة بين الإثنين ، فإذا ذهبنا إلى رأي كبار اللاعبين و المدربين سنجد ان ٧٠ % من هؤلاء كان يفضل ميسي على رونالدو وبعضهم وصفوه باللاعب القادم من كوكب آخر وهذا اللقب ليس صدفة لأن براعة ميسي في كرة القدم لم يكتسبها من اي لاعب آخر ، ولكن هي من صنع القدر نفسه والقدر كما نعلم هو من السماء وليس من احد يعيش على سطح الكرة الأرضية.
للأسف كون أصحاب وسائل الإعلام هم من رؤوس الأموال ومعظم هؤلاء يهمهم الربح المالي أكثر من أي شيء آخر وحسب رأيهم أن نشر الأخبار الرديئة والفضائح يجلب مرابح أكثر ، لذلك كانت معظم وسائل الاعلام تحاول نشر أخبار رونالدو وفضائحه الجنسية بدلا من نشر أخبار ميسي التي تتعلق بالمبادئ السامية والأخلاق الحميدة ، للأسف بهذه الطريقة ساعدت وسائل الإعلام في بقاء اسم رونالدو في عالم التواصل الإجتماعي عاليا ليبدو وكأنه أفضل من ميسي ، ولكن رغم ذلك استطاعت براعة ميسي في ملاعب كرة القدم أن تواجه هذا النوع من الظلم ، ففي المباريات التي لعبها ميسي ضد رونالدو حتى الآن عددها ٣٥ مبارة ، ميسي فاز عليه ب ١٦ مبارة وتعادل ٩ مباريات وخسر فقط ١٠ مباريات ، أي أن ميسي فاز على رونالدو بفارق ٦ مباريات. وشاءت الظروف أيضا أن تساهم مواقع التواصل الإجتماعي التي ينشرها عشاق كرة القدم مجانا وبدون رقابة ان تظهر حقيقة عبقرية ميسي لتؤكد للجميع أن ميسي هو بجدارة أفضل لاعب في العالم وأفضل بكثير من خصمه المغرور كريستيانو رونالدو.
بالنسبة لحياة ميسي الشخصية فكانت حياته هادئة ونسخة مناقضة تماما لحياة رونالدو ، عندما كان بعمر ٢١ عام سُئل ميسي في أحد البرامج التلفزيونية عن علاقته بالجنس الآخر فأجاب " لي صديقة وهي تقيم في الأرجنتين وأنا أجد راحتي وسعادتي معها " هكذا عبر ميسي عن حياته العاطفية بكل بساطة وكامل الإحترام لحبيبته. الكثير يعتبر ميسي مثالا رائعا للإخلاص في حياته العاطفية ، فعلاقته مع حبيبته انطونيلا تعتبر من أسمى قصص الحب الواقعية في عصرنا الحاضر ، فحبيبته كانت من صديقات الطفولة ، ورغم أنها ربما قد تبدو للبعض بأنها فتاة عادية في جمالها مقارنة مع عشيقات رونالدو ، ولكن من يراها بعيون ميسي سيجد أنها أجمل بكثير من جميع عشيقات رونالدو وغيره ، لذلك نجد أن ميسي رغم أنه قد أصبح من أغنى لاعبي كرة القدم وأصبح يستطيع أن يجذب إليه أي فتاة يريدها كما كان يفعل رونالدو، ولكنه ومع ذلك ظل متماسكا بعواطفه الدافئة لتلك الصديقة الصغيرة ، التي رأى فيها وهو طفل نصفه الروحي الآخر فظل يشعر نحوها بذلك الإحساس الروحي البريء الذي يجعل الإنسان يشعر بنوع من السعادة والراحة دون أن يستطيع أن يفسر سببها، وعندما أصبح ميسي شابا يستطيع بمفرده زيارة بلدته في الأرجنتين صار يذهب خصيصا لرؤيتها ، وعندما شعر بأنها هي أيضا لا تزال تكمن له حبها الطفولي ، طلب منها أن تتوقف عن دراستها في كلية طب الأسنان لتأتي معه لتكون شريكة حياته إلى الأبد ، فرحلت معه لتقيم في إسبانيا وتابعت دراستها هناك في كلية علم الإجتماع ربما أختارت هذا المجال في الدراسة لتكتسب معارف تساعدها في تأمين مجتمع سعيد حول زوجها .
انطونيلا وميسي أنجبا حتى الآن ثلاثة أطفال ، هذه العائلة بأفرادها الخمسة يعتبرها الكثير من أسعد العائلات في العالم ، عائلة متكاملة روحيا مناقضة تماما لعائلة كريستيانو رونالدو حيث اطفال ليونيل ينعمون بمناخ روحي سليم يسمح لهم الإحساس بحنان الأم وعطف الأب وصفاء حبهما لتجعل روحهم البريئة تشعر كم هي الحياة جميلة وكم هوالإنسان كائن وديع.
بالنسبة للأعمال الخيرية فميسي لم ينسى ما عاناه من قلق وتوتر نفسي عندما كان طفلا صغير بسبب مرضه في نقص هرمون النمو ، هذه المعاناة دفعته مباشرة عندما أصبح لاعب محترف له راتب كبير ، أن ينشأ مؤسسة ليونيل ميسي لمساعدة جميع الأطفال في الأرجنتين الذين يعانون من أمراض مختلفة ولا يستطيعون دفع رسوم العلاج ... وأيضا قام ميسي بتبرعات عديدة بمبالغ طائلة لجهات إنسانية مختلفة تهتم بأوضاع الأطفال واللاجئين في مختلف دول العالم ، حيث قام بالتنسيق مع منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف) بإنشاء مدارس متنقلة كانت هدية لاكثر من ١٦٠٠ طفل لاجىء سوري ليتابعوا فيها دراستهم ، وكذلك قام بالتبرع لأطفال فقراء في افريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية ، حيث في إحدى المرات قدم ميسي مبلغ ضخم يعادل ٤،٥ مليون يورو لمنظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونسيف) لمساعدة الأطفال الفقراء ... وبسبب شدة اهتمام ميسي لأوضاع أطفال العالم أختارته منظمة اليونسيف ليكون سفيرا للنوايا الحسنة وذلك بهدف دعم حقوق الأطفال والعناية بهم .... عندما تزوج ميسي طلب من جميع ضيوف حفل الزفاف التبرع إلى منظمة (تيكو ) الخيرية بدلا من تقديم الهدايا للعريسين ، حيث كتب ميسي وزوجته على كرت دعوة الزفاف ما يلي " من أجل تحويل سعادتنا إلى سلوك تضامني نطلب منكم التبرع بثمن الهدايا لمنظمة تيكو الخيرية "
ميسي من خلال سلوكه داخل وخارج الملعب حاول تحطيم ظاهرة (النجم الخارق) الذي حاول الكثير من نجوم الكرة المزيفين ان ينشروه في نفوس الاطفال والشباب من أمثال رونالدو ، الذين حّولوا نجومية كرة القدم إلى نوع من عبادة النفس ، فسمحوا لأنفسهم أن تفعل كل السيئات دون أن يهمهم حساب الضمير ، ولكن ميسي فرغم أنه أصبح من أفضل نجوم كرة القدم في التاريخ ، ولكن ومع ذلك نجده قد ظل إنسانا بسيطا متواضع لا تهمه شهرته ، الناس تراه فقط في الملاعب أما خارج الملاعب فتراه فقط في نشاطاته الإنسانية التي تهتم بمساعدة الأطفال في مختلف بلدان العالم ، ومن يتابع مقابلة صحفية سيجد انه دائما يحاول تحطيم عبادة النفس ليعلم الجميع أن لاعب كرة القدم هو إنسان عادي ولا داعي ان يمجده الناس بشكل جنوني لأنه هناك مهن كثيرة أرقى ولها فوائد للمجتمعات الإنسانية أكبر بكثير من مهنة كرة القدم .
أتمنى من القراء الشباب أن لا يسمحوا لأنفسهم أن يعجبوا بشخص ما لكثرة ما يُذكر عنه في وسائل التواصل الإجتماعي ، كما يحدث مع رونالدو ، الذي هو في الحقيقة أحد أكبر المفسدين في الأرض ، وأن يبحثوا ويتأكدوا من حقيقة كل شخص تروج له الصحف ووسائل الإعلام ، فنحن اليوم وللأسف نعيش في عصر يحدث فيه نوع من غسيل الدماغ بهدف تدمير القيم السامية والأخلاق الحميدة .
وسوم: العدد 783