دردشة مع نتالينو ايام الدراسة في ايطاليا
اعزائي القراء ..
اول بيت استأجرته في بادوفا عام ١٩٦٢ كان عبارة عن غرفة عند عائلة في مدينة بادوفا الايطالية في الايام الاولى لوصولي لها لدراسة الهندسة الميكانيكية في جامعتها.
كنية العائلة التي أستأجرت عندها هي"دي ساراكا "العائلة لطيفة ومجاملة، ولما سألني الاب عن اسمي ذكرته له "هشام"
فلما أعاده لم يتمكن من لفظه جيداً فناداني "ايكمان" وارتجفت وخفت ان يرميني بداهية ف ايخمان هذا كان أحد المسؤولين الكبار في الرايخ الثالث الالماني في عهد هتلر ، وضابط في القوات الخاصة الألمانية، ومع الزمن اعتاد على نطق اسمي بشكل صحيح
العائلة مؤلفة من الاب وهو محامي متقاعد وزوجته وثلاث بنات و إبنان " وموضوع العنوان يتعلق بالابن نتالينو .
نتالينو هو الولد الاسط بين افراد العائلة ، تعرفت على جميع افراد العائلة الا نتالينو فلم يكن موجوداً لعدة اشهر ولما تمكنت من اللغة الايطالية الى حد ما ، سألتهم عن نتالينو فأجابوني بانه يدرس بكلية اللاهوت مع الاقامة فيها خارج مدينة بادوفا وسيزورهم باجازة بعد حوالي شهر من الزمن .
وحضر نتنياهو شاب في العشرين من عمره انيق المظهر مرتب الشعر يرتدي بدلة بنية اللون بدون ياقة مبتسم دائماً ، سلم علي بحرارة وتوطدت خلال ايام صداقة معه اكثر من بقية افراد العائلة .
سألته عن دراسته فأجابني انه يدرس علم اللاهوت من وجهة النظر الكاثوليكية ، وانه سيخدم الرب بعد تخرجه في العام القادم ،
تمنيت له التوفيق وسألته كيف ستكون خدمة الرب حتى اتعرف وازيد من معلوماتي؟ . فأجابني:بعد ان اتخرج سأبتعث الى جنوب السودان لأبشر هناك .هنا زاد فضولي للمعرفة ، فقلت له ان السودان بلد عربي مسلم وماذا تعمل في بلد مسلم؟ ( وكان ذلك في ستينيات القرن الماضي حيث لم تكن بعد فكرة الانفصال مزروعة ومنتشرة ولم يكن للمسيحيين على قلتهم يوم ذاك مطالب خاصة لهم فهم يعيشون كما يعيش بقية السودانيين ) .
اجابني : انت لاتعرف الوضع هناك . ففي جنوب السودان لنا ارتباطات ونشاط سيثمر في تحقيق مشيئة الرب . وفعلاً وبعد عام تقريبا ودعنا ورحل قاصداً مع مجموعة كنسية الى جنوب السودان ، ولم اعد اراه بعد ذلك.
كان نتالينو مندفعاً ومشحونا وممتلئاً نشاطاً ولكن لم اكن اعتقد ان الامور كانت جدية ومخطط لها بشكل مدروس والعرب عنها غافلون الا بعد سنين طويلة من هذه المحادثة. فقد بدأت بوادر انفصال الجنوب السوداني عن الدولة الأم في اواخر القرن الماضي اي بعد اكثر من 40 عاماً على محادثتي مع نتالينو بعد ان اثمرت البعثات الدينية المسيحية في تحقيق اهدافها،
بينما العرب نائمون ، بل اكثر من ذلك فقد كان حكام العرب يمنعون و بأوامر غربية اي جمعية اسلامية خيرية( واذكر اسماء بعضها من الكويت و باوامر من بوش الثاني اثناء احتلال العراق) ان تقدم حتى اغاثات انسانية لدول اسلامية افريقية والا فسيتم اتهامها بدعم الإرهاب .
واليوم أسأل نفسي هل هناك بعثات تبشيرية اخرى ومن انواع مختلفة معشعشة في وطننا العربي ؟
اقول جازماً طالما هؤلاء هم حكام العرب
فالامر غير مستغرب ...
و اسالوا عصابة الملالي - اسد المتحدة .
وسوم: العدد 919