الرضا بالقليل
نحن في زمن أصبح طلب الكمال فيه مستحيلا، بل أصبح طلبه ضرب من الخيال ، فأصبحنا ننشد أبسط الأشياء ، ليس حرمانا للنفس، و ليس انغلاقا على ذواتنا .
اخترنا أسلوب البساطة في كل شيء ، لا تحتار إن اخترنا البساطة في مصروف المعيشة ، كي لا نمد اليد صاغرة ، و اخترنا البساطة في الخلطة و الانفتاح على الغير ، حتى نسلَم من أذى اللئيم ، و جور الفاجر .
اخترنا الزهد وقاية للنفس و أمنا ، فنشري راحة بالنا ، نرضى معاشرة القّلة من الخلص ، لنغنم بالنفائس .
أصبحنا نفضل الحد الأدنى في الصحبة، فيكفي الواحد منا صديق مؤتمن ، على كثرة غتائية، مثلها زبد البحر ، لا تنفع بل تضر.
حسب الفقير بضع لقيمات (يقمن صلبه ) فترضيه صدقة قليلة ، ولو (بشق تمرة ) خير من صدقة منٍّ و رياء ، خير من صدقة كثيرة ، ( يَتبعُها أذى ) .
قد نرضى بالقليل النافع خير من الكثير الضار ، نرضى بمعاملة بسيطة و رحيمة ، تحفظ كرامتنا ، خير من تملق و نفاق يكسر كرامتنا .
نرضى بصفاء سريرة محررة من الغل و الحسد، محررة من الغيبة و النميمة ، خير لنا من تضامن مخدوع ، تزينه المصلحة و الاستغلال .
هكذا أصبحنا ننشد حياة خلاصتها ، حياة كفاف و عفاف ، حياة تصبغها صدق معاملة ، لا حياة زهو كاذب و رفاه مغشوش ، ليتنا نعود لحياة بسيطة رأس مالها القناعة و الرضا بالمقسوم.
وسوم: العدد 1042