العيد خواطر تتجدد
أي نسمات جذابة تأسرنا باقتراب أيام العيد أيّ لحظات سعادة ننتظرها ، فالمؤمن يستبشر بفرحة العيد ، فهي عبادة وقربة ، يتذوق معناها الصائم ، هي لذة ونشوة عاشها الصائم عبر أيّام قضت في الصلوات والقيام والتسبيح ، هي أيام مضت ساعاتها في التأمل والتفكير بين روائع الآيات وفي أورادنا ، و هي أيام قضت في استباق الخيرات ، فأيام الصيام أوقات غالية ، يصعب إعادة روحانيتها ، فهي أيام لا تتجدد .
فلا عجب أن ننتظر تلك اللحظات بأشواق وأفراح ، لا عجب أن تسيح معها مشاعر الودّ والصّلة ، لا عجب أن نملأ ساعاتها بالفرح والسّعادة، كيف لا وحبيبنا محمدًا يرسل تباشير تلك الأيام في صحيح السنن
( للصائم فرحتان يفرحهما: إذا أفطر فرح بفطره، وإذا لقي ربه فرح بصومه)
فحق لكل صائم أن يشدّه الحنين والتأمل لمراتب الجزاء الذي خصّه الله للصائم ، فالصوم خصه الله لنفسه ، وهو وحده سبحانه من يقدر جائزته وثوابه ، فحق لكل صائم أن يستبشر فرحا بعد تمام صومه ، كل تلك المعاني من الخواطر يستحضرها الصائم كلّما اقتربت أيّام العيد .
إن لحن خواطره ترسم لنا أن نطرق أبواب السّعادة ، فنشغل اللسان بالتسبيح والتكبير ، فلحن خواطر العيد تحملنا لنشدّ الأحزمة لنواصل السّير على رسم أيّام الصّيام ، أن لحن خواطر العيد تحملني و تحملك للطرق أبواب الأرحام والصلة ، فتزور القريب والبعيد ، نصل من قطعنا ، و نبرّ من قصرنا في حقه ، فأيّامه أيّام برّ وصلة وقربة ، فنحيي سنة السّلام ، فنسلم على من نعرف أو لا نعرف.
إن من خواطر العيد ونفحاته تتجدد لنردم الأحقاد والضغائن ، فنضرب بينها و بينا بسدّ ، حتى نعبر بسلام نحو برّ الآمان ،أن نفحات العيد وخواطره تتجدد لنطرد مشاعر وأفكار شياطين الإنس والجن.
إنّ خواطر العيد تتجدد كلمّا أطل ّ العيد بأفراحه ، يجدد فينا روح الأمل ، يبعث في كوامنا روح التفاؤل أن الخير باق في جسمنا الأمّة الضعيف .
لعلّ من أجمل خواطر الأشعار أن أحلّق مع حادي الأشعار ، رفقة شاعر رهيف الحس والذوق والجمال مع الدكتور عبد الرحمان العشماوي حيث يقول :
قال لي : ما العيد؟
أوْضِح صورة العيد لكي أعرِفَ رسْمَه
قلت : إن العيد أزهارٌ وأطيافٌ ونغمة
إنه ذاكرةُ الفجر التي لم تختزن ظُلْمه
إنه النّصُ الذي ثبّتَ فيه الحبُّ ختمه
إنه العيد، خيوطٌ من شعاعِ الحب،
عِقْدٌ أتقنَ الإحسان نظمه
قال لي : أسهبتَ في الوصف...
فقلت: العيد إشراقات بسمة
إنه أنت، فهل أدركت فهمه
إن العيد في وجدان كل مؤمن رسم بسمة في الوجوه العابسة ، وأن العيد في وجدان مؤمن ، رسم فرحة في عيون يقتلها الحرمان ، تجدد، نفحات العيد فنزرع في النفوس البائسة طعم الحياة ، فالعيد رسالة حب تبعث الضياء في كل الدروب.
العيد أحباب قلبي فرصة مباركة ، لنجدد فيها الوصال ، فنلتقي على الخير ،هو فرصة نزرع فيها الحب والخير في ربوع الأرض.
تتجدد الخواطر كلما حلّ العيد ،لتذكرنا أن لنا إخوة في الشتات بلا مأوى ولا طعام ، يقاسمهم الجوع، تنهش أجسامهم الضباع ، فالعيد، فرصة نحيي فيها التضامن والعطاء.
عيد سعيد للجميع!
وسوم: العدد 1076