الاستدراك الأخير!

ربما يشدك و يشدني  غرابة العنوان ؛ ولكنّ لغرابة ، فأحيانا تنطلي علينا  الخدع ، فتحجب  الضبابية وضوح الرّؤية ،  فيصيبنا   قصور نظر  في تحديد المقاصد والأولويات ، أو قد يقع المرء ضحية الخدع البصرية ، أوقد تكون للشبه تأثير فيختلط علينا الحابل بالنابل  ، كل هذه قد تحدّ من قدرة المرء  على التمييز والتبصر، فنقع في أخطاء قاتلة تحرمنا الوصول لأهدافنا المرسومة ،  فتقول حينها دون غرابة ، علينا   أن نستدرك  قبل فوات الآوان  ! 

 وهذا ليس عيبا أن يصل المرء للحقيقة في أواخر الأشواط ، فقد يسعفنا  الوقت للاستدراك والتصحيح قبل فوات الآوان .

 ونحن أهل التربية في ميداننا نؤكد للطالب هذه المعاني ، فنحثهم  على استدراك الوقت الضائع ،  فالخسارة هي  الحرمان الحقيقي  ،  فقد  يصل المرء متأخرا خير له  من أن يحرم  الغياب و الذي من عواقبه الخسارة  .

والمؤكد أن عدم المحاسبة والمراجعة لها عواقب وخيمة في التمادي في الأخطاء ، أو قد يكون لتأخير الاستدراك  عواقب  لإخفاقات متكررة ، ينجم عنها خيبات وخسارة عمر لا تعوض. 

وقد وقفت عند  قول شهير للفيلسوف جورج  سانتيانا حيث يقول  :  " الذين لا يتذكرون الماضي  غالبا ما يكرّرون أخطائه ".

لعل من المفيد في  السّياق نفسه  أن برمجة  المرء  وقفات الاستدراك خاصة عند الانطلاق مهمة  ،  فنحرص على صحة البدء، ومراقبة مراحل البناء ،  تحصيلا  لسلامة النهايات ، لهذا وجب   تشغيل حاسة الاستشعار والتنبؤ بالمخاطر الحادقة ، حتى ندرك جماليات خواتم النهايات .

  و في  ذلك المعنى يحرص المسلم على  حسن الخاتمة  بمسابقة الخيرات ، والسير في دروبها  ، نضع نصب أعيننا  أن سعادة الدنيا هي محصلة لسعادة الآخرة ، فالدنيا مطية الآخرة ، يقول الله تعالى : " وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ "  [سورة البقرة:281].

في نهاية المقال علينا أن نحيي   ثقافة الاستدراك في جميع مسارات حياتنا ، فنجعل الاستدراك من  شعاراتنا المهمة ، فالأمم التي تصدرت عالم التقدم ، فإنها تتبنى خيار ثقافة المراجعة والتقويم والإصلاح   ، بينما  أمة خير كتاب  فإنها تهمل هذه الثقافة في إصلاح أوضاعنا ، وهذا يزيد أوضاعنا  ترديا وضعفا.     

وسوم: العدد 1080