السهام الخاطئة
في أحيان كثيرة تتكرر تجارب الصياد الفاشل ،في حياتنا ، الصياد الفاشل كانت قصة من نصوص جيلنا الذهبي ، ظلت القصة عالقة في أذهاننا ، تقتبس من عبرها الكثير من الدروس .
و اليوم بعد أن أمسينا في عمرنا المتقدم ، ظلت القصة تحاكي وقائع مؤلمة لصيادين فاشلين ،لا يحسنون التصويب و القنص ، صيادون ترافقهم الخيبة والفشل ، هؤلاء المخدعون لم يستفيدوا من دروس الأيام وغدرها.
إن حال الصياد الفاشل ، في تصوري قد رسمت له صورا ونماذج ، لكل صورة نموذج فاشل ، مع أن الفشل قد يكون فرصة للتعلم ، لكن الغير مقبول أن يتحول الفشل عادة مستنسخة تتكرر في حياتنا.
فقد نرى هذا الإخفاق في صور متعددة تمس حياتنا جميعها ، قد نراه إخفاق شخصي يمس حياة الفرد ذاته حين يعيش التيه والضياع ، وقد نراه في اخفاق إدارة شؤون الأسرة ووظائفها ، أو نراه في اخفاق المشاريع و الوظائف في المؤسسات، كل ذلك حاصل بسبب السهام الخاطئة .
سنحاول تسليط الضوء بشيء من الإيجاز بيان خطورة هذه المشكلة مركزا على ظاهرها وصورها من خلال رصد عينة من صور أخطاء ما استلمت عليه الصيد الفاشل .
من الصور الصيد الفاشل المرصودة أن الفرد بدل أن تشغله أهدافه ومشاريعه ، يحيد اتجاه السهم لغير مقصده ، فتركز الاهتمامات والجهود صوب جهة وأهداف غيره ، والأصل أن تشغل المرء أهدافه المرسومة ، فالحياة عن الأهداف صور ضارة.
ومن صور الصيد الفاشل آفة الاستعجال التي أوصلت الكثير للمهالك وأدت بالمشاريع للإفلاس ، ألحقت بالفرق الهزائم ، وأضعفت لحمة المودات في لحظات طيش غير محسوبة ، فقد قيل في الحكمة في التأني السلامة وفي العجلة الندامة .
ومن صوره ايضا التردد في اتخاذ القرارات ،بعد التخطيط ، المتردد غالبا لا يصيب الهدف ، تشتت ذهنه ، واهتزاز في قراره الذي تقويه الثقة في كفاءته ومواهبه ، ثقة في خططه وبرامجه ، وهذا كله تقوية توكل على الله تعالى .
ولعلّ من الصور التي تؤثر سلبا على بلوغ القصد الموصل للغاية الكبيرة الانقطاع بعد العطاء ، فالتوقف المفاجئ ضار وخطير ، كون الاستمرار في إنجاز المشاريع في آجالها المحددة والتقيد بالجداول المبرمجة سبيل لبلوغ الغاية ، لهذا كان استمرار العطاء علامة صحة لنجاح المشاريع،
وآخر صور الصيد الفاشل إهمال المؤيدات و الأسباب المعينة ، فإهمال الوسائل المساعدة تؤثر على تجسيد و تمكين الخطط و البرامج على أرض الواقع ، فبالإعداد والتنفيذ الجيد له مكانته لبلوغ الأشواط الأخيرة والفوز بالمكاتب المتقدمة ، وما تقدم غيرنا و تأخرنا نحن عن الركب إلا بإهمال هذه السنن .
في آخر كلماتي اقتطفت كلمات راقت لي لشيخي الإمام محمد الغزالي لأصحاب المبادئ و المشاريع يقول فيها :
( إن خدمة الإسلام تحتاج إلى رجل يجمع بين عنصرين لا يغني أحدهما عن الآخر.. الأول: الإخلاص العميق الله، والثاني: الذكاء العميق والفهم الناضج في رؤية الأشياء على طبيعتها )
وسوم: العدد 1094