عبر من دروس الحياة

لَا يَصِحُّ الْحُكْمُ أَنَّ طُولَ عُمْرِ الْأَزْمَةِ يَكُونُ دَلِيلًا عَلَى بَقَائِهَا ، فَقَدْ انْزَاحَ الْمَغُولُ وَ التَّتَارُ ، اندثروا ، فَعَيْنُ جَالُوتْ مَعْرَكَةٌ فَاصِلَةٌ كَانَتْ أَهَمَّ الْمَعَارِكِ الْفَاصِلَةِ .

إِذَا رَأَيْتَ الْمَلَلَ تَسَلَّلَ فِي مَلْعَبِكَ ، فَحَاوِلْ أَنْ تُغَيِّرَ أُسْلُوبَ أَدَائِكَ بِطُرُقٍ إِبْدَاعِيَّةٍ ؛ فَالرُّوتِينُ مُبَدِّدٌ لِلطَّاقَاتِ ، مُوَلِّدٌ لِلْمَلَلِ ، مُضَعِّفٌ لِلْمَوَاهِبِ  ، فَحَاوِلْ أَنْ تُجَدِّدَ نَشَاطَكَ أَفْكَارٍ مُحَفِّزَةٌ ، وَأَفْكَارٍ دَافِعَةٌ ، تُجَدِّدُ بِهَا حَيَاتَكَ .

حِينَ أَرَادُوا ضَرْبَ الْمَنْظُومَةِ التَّرْبَوِيَّةِ فِي الصَّمِيمِ أَفْرَغَهَا مِنْ الْقِيَمِ حَتَّى تَكُونَ مَنْظُومَةً بِلَا وُجْهَةٍ وَلَا اتِّجَاهٍ

مَا زَالَ الْبَعْضُ يُفَاخِرُ بِمَجَدِ الْأَبَاءِ وَتَارِيخِهِمْ ، وَنَسَى الْأَبْنَاءُ أَنَّ الْأَبَاءَ أَنْجَزُوا وَ بَنَوْا فَمَتَى تُفَكُّ عُقْدَةُ الْمُفَاخَرَةِ ؟ !

اَلْبَعْضُ يَتَعَامَلُ مَعَ النَّجَاحِ الْمُحَقَّقِ فِي صَعِيدٍ مِنْ الْأَصْعِدَةِ كَظَاهِرَةٍ عَارِضَةٍ ، يَتَعَامَلُ مَعَهَا كَشَيْءٍ عَادِيٍّ ، بَيْنَمَا النَّجَاحُ ثَمَرَةُ جُهْدٍ وَتَعَبٍ وَ تَضْحِيَةٍ لَا نَمُرُّ عَلَيْهَا مُرَّ الْكِرَامِ .

تَظَلُّ أَوْجَاعُ غَيْرِنَا أَسْرَارً مُقْفَلَةً غَيْرَ مَعْلُومَةٍ ، حَتَّى إِذَا فَتَحْنَا دَفَاتِرَ الْقُلُوبِ ، فَكَّكْنَا شَفْرَةَ أَلْغَازِهَا .

لَيْسَ الْعَيْبُ أَنْ نُخْطِئَ ، فَمِنْ الْأَخْطَاءِ نَتَعَلَّمُ ، وَلَكِنْ كُلَّ الْعَيْبِ ، حِينَ نُصْبِحُ مَصْنَعًا لِصِنَاعَةِ الْأَخْطَاءِ .

حِكَايَةٌ طَرِيفَةٌ تُرْوَى أَنَّ أَحَدًا كُلِّفَ بِخُطْبَةِ عَرُوسٍ لِأَحَدِ أَقْرِبَائِهِ فَلَمَّا اسْتَحْسَنَهَا ، خَطَبَهَا لِنَفْسِهِ ، قِصَّةٌ لَهَا أَشْبَاهٌ وَنَظَائِرُ فِي عَالَمِ السِّيَاسَةِ وَالْإِعْلَامِ .

أَحْيَانًا يَصْرِفُ الْبَعْضُ الْحِوَارَ السَّاخِنَ الْجَادَّ ، وَتَبَادُلَ الْآرَاءِ وَعَرْضَ الْحَقَائِقِ ، إِلَى جَدَلٍ عَقِيمٍ مُفَرَّغٍ مِنْ الْفَائِدَةِ ، وَهَذَا صَرْفٌ خَاطِئٌ .

حِينَ لَا تَجِدُ مَنْ يُدَافِعُ عَنْكَ ، وَكُلُّ أَخْلَاقِكَ فَهِيَ خَيْرُ مُحَامٍ ، أَخْلَاقُكَ سَفِيرُكَ الْوَحِيدُ فِي عَالَمِ دِبْلُومَاسِيَّةِ التَّعَامُلِ .

يَجِنُّ الْبَعْضُ حِينَ تَضِيعُ بِطَاقَتُهُ الشَّخْصِيَّةُ ، لَكِنْ لَا يَحْزَنُ وَلَا يَهْتَمُّ ، حِينَ تَضِيعُ هُوِيَّتُهُ الَّتِي تُثْبِتُ وُجُودَهُ ، فَمَا أَهْوَنَ أَنْ تَضِيعَ وَرِيقَاتٌ !

الْبَعْضُ يَتَعَامَلُ مَعَ الرَّدَاءَةِ ، كَأَنَّهَا قَدَرٌ مَكْتُوبٌ ، وَ هِيَ مِثْلُ النُّفَايَاتِ يَتَخَلَّصُ مِنْهَا وَ يُنَقَّى مَكَانَهَا وَيُزَيِّنُ ، وَ يَجْهَلُ أَنَّ بَقَاءَهَا مِثْلَ الْمَرَضِ الْمُزْمِنِ تَشْتَدُّ آلَامُهُ كُلَّمَا طَالَ .

الشَّخْصِيَّةُ الْفَاشِلَةُ تَخَافُ مِنْ جَلَسَاتِ التَّمْحِيصِ وَ النَّقْدِ وَ التَّصْحِيحِ ، وَهُوَ فِي الحقيقة  دَلِيلُ صِحَّةٍ ، وَأُسْلُوبُ بِنَاءٍ ، فَهُوَ مَحَطَّةُ تَطْوِيرٍ وَارْتِقَاءٍ لِلْفَرْدِ وَالْجَمَاعَاتِ .

تَعْلَمُنَا الْأَيَّامُ أَنْ نَنْتَقِيَ الْأَصْحَابَ الْأَوْفِيَاءَ ، وَأَنْ نَخْتَارَ الْأَمْكِنَةَ النَّظِيفَةَ ، وَأَنْ نَسْعَدَ بِأَقْدَارِنَا الْمَكْتُوبَةِ ، فَالْحَيَاةُ فُصُولٌ أَرْبَعَةٌ ، لَيْسَتْ بَرْدًا قَارِسًا وَلَا نَسِيمًا مُنْعِشًا ، السَّعِيدُ مَنْ طَوَّعَهَا لِتَكُونَ إِشْرَاقَةَ أَمَلٍ نُسْعَدُ بِهَا نُفُوسَنَا.

وسوم: العدد 1109