لابد من وقفة للمراجعة
عبد الحميد البلالي
كم في حياتنا من دقائق وساعات، نقضيها تارة بالحلال البين، وتارة بالحرام البين، ونعيش فترات أخرى من حياتنا ما بين الحلال والحرام في أمور مشتبهات، فتكون حياتنا خليطاً بين الحلال والحرام، والمشتبه، والمكروه، والمباح.
هذا الخليط من الأعمال لو تركناه يتراكم يوماً بعد يوم، لا ندري بماذا سيختم لنا؟ وفي أي واد سنتجه؟ لذلك كان لزاماً على العقلاء أن يوقفوا قليلاً عجلة الانشغال والانغماس اليومي في ماكينة الحياة وأعمالها، وبعيداً عن ضوضاء العمل، لنقف مع النفس برهة من الزمن، نرى ما لنا وما علينا، لكي نتعرف مواضع أقدامنا، ومساراتنا، وتوجهاتنا، قبل أن تتكاثر علينا الظباء فلا ندري ما نصيد.
يقول عمر بن الخطاب رضي الله عنه: "حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا، وزنوا أعمالكم قبل أن توزن عليكم، واعلموا أن ملك الموت قد تخطاكم إلى غيركم، وسيتخطى غيركم إليكم، فخذوا حذركم".
وهكذا كان دأب الصالحين، بين فترة وأخرى يجلسون مع أنفسهم جلسات لمحاسبتها.
فقد كان الإمام التابعي مالك بن دينار لديه مثل هذه السنة التي ينصح الدعاة بها فيقول: "رحم الله عبداً قال لنفسه: ألست صاحبة كذا؟ ألست صاحبة كذا؟ ثم ذمها، ثم خطمها، ثم ألزمها كتاب الله تعالى، فكان لها قائداً".
لأنه إذا لم يكن لها قائداً، قطعاً سوف يكون لها عبداً ذليلاً تقوده حيث شاءت.
حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا.