وخزة ضمير (2)

وخزة ضمير (2)

ليس حلا أن تُقْدِمَ على الموت

فراس حج محمد /فلسطين

[email protected]

من هذا الذي يفكر بالموت؟ ومن هذا الذي يسمح لنفسه بأن تتخذ قرارا تنكريا؟ ومن هذا الذي يشعر بالضعف والتلاشي؟ ومن أنت أيها الإنسان لتعود بمحض إرادتك إلى السكون والعدمية؟

إن كنت تفكر بالموت، ففكر بدلا منه بأن تقهر الموت بالحياة والإصرار على التغلب عليها، فمتعة الحياة لا تقاس بما فيها من متع زائلة حقيرة، فكل نعيم لا محالة زائل، إلا نعيماً أنت تصنعه وتعيشه متجسدا بفعل إرادة قوية صلبة، أرأيت لو أن وردة نبتت من بين الصخور؟ ماذا ستقول؟ فعلى الرغم من ضعف بنيتها ورهيف إحساسها إلا أنها قهرت ما يفوق قدرتها أضعافا مضاعفة.

الموت والتخلص من الحياة لم يكن أبدا الحل الأنسب، فالإنسان بطبعه لا يتهرب من مسؤولياته، وكيف يمكن لإنسان أن يرفض نعمة منحه إياها الله سبحانه وتعالى، فليست حياتك ملكك أيها الإنسان، لتنهيها بقرار أهوج، ومن ذا الذي يلجأ إلى هذا الأسلوب سوى الإنسان الضعيف في إرادته والهش في تفكيره.

كثيرون هم من يعانون من مصائب الدنيا وأوجاعها، وهذا أمر مستقر  معروف، وأكاد أجزم أنه لا يوجد مخلوق على هذه البسيطة لا يعاني من آلام وأوجاع شتى، فالفلاسفة والمفكرون والأنبياء كلهم قد عانوا أشد العناء، وتجرعوا غصصا من المكابدة، ولكنهم لم يفكروا بأن يتخلصوا من آلامهم بالموت، لأنهم يدركون أنه ليس حلا عمليا، وبأن الحياة في أصل تكوينها وجدت هكذا، وبأن الإنسان خلق من أجل أن يعيش هذه الحياة وبأن يتغلب على مصاعبها، ألم يقل القرآن الكريم: لقد خلقنا الإنسان في كبد، إذن لا بد من المصاعب، فلا تكوني ضعيفة أيتها النفس، وتهربي إلى العدم، فالعدم لا يعطي للألم إلا وجعا بطعم أعنف وأشد وبيلا. 

تذكر يا صاحب السواد أن الجبن أسود، تذكر أن الموت بليد وأنكد، فمهما أرغى بهمهاته وعليك أزبد، تذكر أنك الأقوى، وبأن الحياة فعل بأطراف المحبة تُعقد، فجميل أن تكون الحياة هانئة بطبعها ميسرة لك ميسورة أحوالها، ولكن الأجمل حتما أن تصنع أنت تلك الهناءة أيها الساعي بجنبيها تدبر، وتفكر، وعلى الأحلام فاعلُ واظهرْ، إياك أن تموت فالموت فعل جبان، لا ينتصر إلا على من هو منه أجبن!!