قصة جراح

همسة بنت صادق

أم البراء

من فناء الأمة ، وزوايا الغُمّة ، نزفت عدة جراح ، تنافست بضوضاء

 أيُّ جرحٍ منا أكثر يُراق!!
ـ نادى كبيرهم : ليس مثلي في الألم يُطاق
 عمري من عمر شجر الزيتون في (حيفا) و(يافا) يُقاس
أنا جرحٌ قد نزف آلاف المرات
لم يضمده قاصٍ ولادان ، أنا جرح فلسطين ،حبيبة الأوطان
ـ تقدّم الثاني يئن: آهٍ ياصاح، أنا من طال بروج العِضال
 أنا جرحٌ لم يلق رافة ولارحمة ولاوصال
في( قندهارٍ )انا ، في (كابول) استقبلتني الأشلاء وصفقت (هرات) على قعقعاتِ الرصاص
من مثلي في جمع جماجم الأبرياء والأولياء ، من مثلي في اصطياد هاماتِ الشهداء
 استهزأ الثالثُ بهما مترنحاً ..هيهات ، هيهات ياجراح
هاأنا جرحٌ قد طاله طعن النبال،فاستأنف مزاحماً مخترقاٌ عُباب النّزال ، مصارعاً جلمودَ الطغيان
أنا من ذبحوني من الوريد إلى الوريد ،أنا من طاف بي الأشاوش يقاتلون التتار
أنا من تقدّست أعشاشي ببنادقِ الفرسان ، أنا (غروزني) أنا(البوسنة) أنا عيون الشيشان
جراحي في القلب تليدة ،قد تآكلت من زحام الأرحام المبتورة وقد حملت جرائم الأوغاد، وأدران العملاء
لن تجدوا مثلي صديقاً للدماء ،دماء العذارى والأبرياء
دماء الشيب حين تلتصق بالجدار ويُكتب بقطراتها (الشيشان)
 مهلاً ، مهلاً ...فأنا مثلكَ يئنُ ورغم أنينه يُهان
أنا عرقٌ ينبض الوطن العربي بتاريخي ومجدي وعزّتي ونخوة الأجداد
أنا العراق التي بُترتْ وهي الحرة ،لم تركع يوماً لمحتل مجوسيّ أو يهودي فتّان
أنا واحة الرافدين التي أمطرها قاتلي بوابل ٍ من دماء ،واثخن صدري سهام الذّل والهوان
 قد دنسَ طُهري ربيب الامريكان حتى طال جرحي شقيقتي ديار الشام
أما سمعتم بجرحي !!
إنه جرح الحضارات
جرحٌ مازال يسقي الزوار آلاف الويلات
 أنا جرحٌ قد تفنن به أصيحاب العدوان
شربوا كأس هزيمتي واحتفلوا بأسري
 والعرب كلــــــهم نيــام
...
 اصمت ْ ، اصمتْ ياجاري ، وانظر لحالي
فأنا سورية اليوم قد سابقتُ صهوة الجراح بجرحي
وعلا نزفي نياط الأمة فتصدعت منه جبابرة الطغيان
أنا وليدة جراحكم التي صُبتْ في جسدي
 فكبلتني أغلالاً هتلرية نازية
لأني طالبتُ بالحرية..بالحياة
أنا من جُيّشت الجيوش نحوي ، وفقئت عيني وبُترت ذراعي لأني حملتُ راية السلام
هذه جراحي أثأرُ بها لطفلي الذي اغتالته أسود البراري حين رفضَ الاذعان لسجّاني وجلادي
درعا، درعي ..وحماةُ حصني
حمص أنشودتي وحلبَ أملي
دمشقُ أمي والميادين والرستن وانخل واللاذقية …أبنائي
هاهي اليوم تنتفض فرحة ً،تنتشي لذة الإصرار والإقدام
لنيل عزتها وكرامتها،لدحر جحافل الطغيان
أنا جرحٌ قد رسم نصراً وكتب ببيارق الصبر شعراً
أنا حصادَ الإباء، أنا سورية الحرة
جرحٌ لاينطق إلا صدىً فيه أنغام الحرية
وإن قطّعوني وإن حرقوا أرضي وإن مزقوا نعشي
وإن عذبوني وجلدوني، سأبقى سنا لأوطاني
وسأبقى أسطورة الزمانِ
إني قلبكم ياجراح
 فلاترثوني وإن أصبحتُ شظايا وأشلاء
لأن أشلائي ستمدّكم بالثبات
وشظايا رُفاتي ستلدُ لكم أجيالاً تلو الأجيال
هي تباشير النصر والحرية
هي وقود الثوار