مراعاة لمشاعر المشاهدين
مراعاة لمشاعر المشاهدين!!!
أنور دوابشة
كئيباًَ.. أو كئيبٌ.. لست أدري ... كنت جالسا امام " الجزيرة" ، عندما اعتذرت احدى الجميلات عن عرض مشاهد الاشلاء والدماء في غزة ، مراعاة لمشاعر المشاهدين الكرام ...
انها طريقة "حكيمة" للتستر على الجريمة * وطريقة "اكثر حكمة" للاستمرار في حالة السكر وتبلد المشاعر وعدم الاحساس بمصائب الامة ..(*معذرة لقناة الجزيرة الرائعة)
لماذا نفترض ان الناس يجب ان يكونوا دائما مبتسمين فرحين ؟لماذا لا تكون نسبة الفرح الى الحزن واحدا الى واحد ؟ اظن ان الناس تحتاج الى الشعور بالالم و"عرض المشاهد المؤلمة" ، كحاجتها الى الفرح والطعام والشراب ...ثم لماذا تراعون مشاعر المشاهدين (التي لم تعد تهتز للون الدم والقتل) بعرض هذه الصور ولا تُراعى مشاعر المشاهدين تلك القنوات الهابطة التي تعرض كل الوان الخسة والحقارة والقذارة ؟ !!
ورب الكعبة ، ان اثارة المشاعر بصور الدم والاشلاء اصدق واقوم من عرض صور الاغواء والفضح التي تذهب بابناء الامة الى عوالم سفلية تستمر معها حالة القتل والموت .......
كئيباًَ.. أو كئيبٌ.. وهل يشكل "النحو" فرقا في حالتي ... هكذا تركت شاطيء "الجزيرة" ... الى شارع مزدحم ، انظر في وجوه الناس ... يبتسمون ويضحكون ، يصافح بعضهم بعضا في سعادة ... هل كل ذلك كذب ونفاق؟؟!!
عندما تحل مصيبة بالامة، ويسقط الضحايا ويموت الاطفال .. يلتقي "الزعماء" لبحث القضية .. يبتسمون ويتعانقون ... ولا ينسى المضيف واجب الطعام ولذيذ الشراب ... ان المصيبة تنسي صاحبها الطعام والشراب ، فلماذا تبقى شهيتهم مفتوحة ؟؟
شعرت ان كتفي تهتز .. التفت خلفي لاجد صديقي "سميح" يصرخ باعلى صوته " مالك يا رجل هل تحتاج الى زلزال لتستفيق؟؟" ، استجمعت كل طاقتي لفتح ثغرة تطل على بعض اسناني لاصنع له ابسامة زائفة ، وقلت له : "بل اعيش في بلاد الزلال " وسألته عن الاخبار والاولاد .... ومضيت في الطريق ..
كئيبا هكذا كنت اسير .. تذكرت "سعاد " عندما قالت لي :"كم انا محتارة فيك عندما استشهد "احمد" كنت قويا واثقا صلبا ، وكذلك ليلة اعتقال "عبد الرحمن" ، اما عندما صرخت "فاطمة" في المهد يوم دخل الجنود الى البيت قامت دنياك ولم تقعد ... أعجب منك.. تسعدك الاشياء الصغيرة وتغضبك الاشياء الصغيرة.
ليس كذلك يا سعاد ، لا تقاس الامور دائما بحجم التضحية لان المضحي يكون راضيا سعيدا ،
........ مرة اخرى اشعر بزلزال .. لكنه ليس سميح .. منذ اكثر من عشر سنوات نصفها في السجون ، لم ار هذا الوجه الملائكي ، التقي بها في الطريق في يوم حزين كئيب ، صحيح ان الدنيا صغيرة ، بدأنا حديثا قبل عشر سنين لكنه لم يكتمل ، واليوم نلتقي "مصادفة"، كانت تحمل بين يديها طفلا جميلا البسته ثوبا جميلا .. القت التحية مع ابتسامة صادقة اسعدتني
كيف حالك ؟؟ بخير . - تبدو متعبا ؟؟قلت: - في ذلك راحتي لاني ابصر الاشياء واضحة .
– كعادتك . قلت :– نعم ، وينقصني المحرّك ؟ قالت:- انت فيزيائي. قلت :- بحاجة الى وقود. قالت: اما زلت آملا ؟قلت :- بحزني. قالت :ألك عنوان ؟؟ قلت : بيت المقدس.