شموع لها إشراق...
كان حب العراق مسيطراً على الشاعر (بدر شاكر السياب)، كان يقول إن السماء في العراق أجمل من كل سماء، وأن أهلها كانوا من حملة الرايات الأولى للفتوحات الإسلامية، وأن من شرب جرعة من ماء دجلة لن يظمأ بعدها أبداً ويقول إن نخيل العراق يثمر عشر مرات في العام، وأن الحجارة فيها تتفتح زهراً، عاش هذا الشاعر منفياً طوال سنوات يبحث عن لحظة دفء لا يجدها، وقد كان أثناء إحتضاره يقول: ما بال هذه الشموع سوداء أنوارها، ثم أغمض عينيه الطيبتين على الضفة الأخرى من النهر ليرى هناك شموعاً لها إشراق أبدي.
٭ قيل إن الناقة لو تعرض وليدها إلى حريق لم يجد منه نجاة، ظلت بقربه لا تتحرك من مكانها حتى تموت معه احتراقاً، ترى ماذا عن الإنسان الذي يهاجر بالسنوات بعيداً عن وطنه، دون أن يتذكر أن هناك طفلاً له غادره في السنوات الأولى من عمره، لم يتذكره خلالها إلا بالرسائل فقط ليصبح بذلك والداً له بالاسم، ربما إذا تصادف إن مّر به في طريق نظر إليه كأنه مجرد طيف ليس أكثر، ما أقسى الغربة وما أقسى أيامها، التي حولت قلوب المغتربين الى قطعة من أرض لا تثمر إلا جراحاً غير قابلة للشفاء.
٭ ذات صباح وأنا أتنقل مع أسرتي الصغيرة في مدينة العين، أخذتنى الدهشة وأنا أتأمل طائر (الخداري) هناك يتجول بين بساتينها، فسألت نفسي ترى ما الذي أتى بطائر الخداري إلى هذه البلاد، الشيء الذي أعلمه عن هذا الطائر أنه لا يعرف له وطناً غير جبال التاكا، بعد لحظات اكتشفت أن كل منا اختار أن يعيش داخل زنزانة في هجرة سوداء أدمن صمت أسوارها.
* حين أعلن عدد من العلماء المتخصصين في مجال المياه الجوفية، أن درجة الملوحة في أرض الإمارات قد تجعل منها غير صالحة للزراعة، لم يقتنع الزعيم الراحل الشيخ زايد بن سلطان (عليه الرحمة) بما أوردته تقاريرهم العلمية من نتائج، بل خالفهم الرأي في أن أرض الأمارات قابلة للزراعة، وأكد أنه سيجعل من ترابها جنة من البساتين، صدقت رؤية الزعيم العربي الراحل وكذبت رؤية العلماء المتخصصين في مجال المياه الجوفية، فالإمارات الآن تحولت بفضل زعيمها الراحل صانع المعجزات إلى جنة يتمنى كل إنسان أن يزورها ليرى إعجازاً في التعمير وفي التخضير، الذي أصبح علامة تتميز بها بين كل دول العالم.
٭ ليس هناك فرقاً بين أغنية ضفائرها طويلة، وأخرى ضفائرها قصيرة، الذي يهم أن تكون هذه الأغنية تحمل بين طياتها رسالة إلى أصحاب القلوب صخرية الإرتعاش، لتجعلهم يسارعون إلى زراعة شجرة من برتقال يستظلون بها، وأن تؤكد أيضاً حقيقة أن الكلمة المموسقة لها تأثير في القلب أكبر بكثير مما يتخيلون، فالكلمة الرقيقة قادرة على تحويل الخناجر إلى قطعة بيضاء من ثوب زفاف، كما أنها قادرة على أن تمنح الحمامة قوة تنكسر أمامها بندقية الصياد.
هدية البستان
لو كسوك عقد الجواهر يبقى نورك ليهو جاهر
إنت نائم في حريرك والمساهر بيك مساهر
وسوم: العدد 680