من ذكريات المدينة المنورة، على ساكنها أفضل الصلاة والسلام!
في سنة ١٤٠٥ للهجرة ، في ليلة الثلاثاء ٢٤ ربيع الآخر ، مابين المغرب والعشاء حضرت محاضرة للأستاذ أبي الحسن الندوي - رحمه الله - عن دور محمد إقبال في توجيه الشعر والأدب ، في قاعة مكتبة الملك عبد العزيز على مقربة من المسجد النبوي الشريف !
فقدمه أحد الأدباء الأفاضل ، بأبيات يرحب فيها بفضيلته ، ويشيد بجهوده في الأدب الإسلامي ورابطته العالمية !
فعلق أبو الحسن ، قبل أن يبدأ ، بقوله : سادتي إخواني ! إني أستحيي أمام الله ، ومن حضر من الإخوان أن أذكر في جوار رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وفي ظل جدار مسجده العظيم شخصاً غير شخص الرسول صلى الله عليه وسلم ، وأن أشيد به ، وقد قال الشاعر العربي القديم :
وهذا هو المكان الذي طلّه الندى ، طلُّه ندى الرسالة السماوية الأخيرة ، والصحبة النبوية العطرة ، فلا ينبغي إلا ذكر مٓن نالت به هذه المدينة الشرف ، ونالت به الإنسانية الحياة الجديدة ، والمعنوية الحقيقية !
إن شاعرنا العظيم محمد إقبال كان - وقد شهدت ذلك بعيني ، وأشهد بذلك بجوار المسجد - إذا ذُكرت المدينة ، فضلا ًعن الرسول نفسه صلى الله عليه وسلم ، دمعت عينه ولم يتمالك ، وقد قال بيتين من الشعر بالفارسية ، معناهما : { لقد لامني إخواني ، واستغربوا توجهي إلى مدينة الرسول صلى الله عليه وسلم على كبر سني ، وأنا في سرور وحنين ، ونشيد ورنين ! وقالوا هذا إرهاق وتكليف بما لا يطاق !؟ فقلت لهم : ياإخواني ! ألا تعرفون أن الطائر يهيم على وجهه في الصحراء ، ويحلق في الفضاء ، فإذا أدبر النهار ، وأقبل الليل ، تذكر وكره ورفرف بجناحيه إلى وكره ! يطير إليه ليأوي فيه ! والمدينة وكر الروح ، ووكر العقيدة ، ووكر الإيمان بالنسبة إلى المسلم ، فكيف لا أطير إلى و كري ، وقد دنا أصيل حياتي !! }
كانت محاضرة ماتعة نافعة تستدر المدامع ، و تستثير الأشواق !
وهي موجودة في كتاب أبي الحسن - رحمه الله - ( نظرات في الأدب ) إصدار رابطة الأدب الإسلامي العالمية
وسوم: العدد 714