حبوب الهلوسة الإخبارية
من بوسعه الاعتراف بأنّ معركة الحقيقة قد انتهت لصالح الزيف، في هذه الجولة من تاريخ البشر على الأقل؟! يعلو منسوب الأخبار الزائفة كل مساء، بما يفرض الإبحار فوقه بحذر ودراية. فمع دخول المجتمعات حقبة "ما بعد الحقيقة" التي تتعالى فيها سلطة الأخبار الزائفة بكل أصنافها ومستوياتها، ويقع فيها التلاعب بالهواجس البدائية وتوظيف القوالب النمطية؛ لا مفاجأة في أن تصعد الرعونة فتحتل البيت الأبيض بأصوات جمهور ذهب إلى صناديق الاقتراع تحت وطأة الخوف الذي تم تضخيمه أو الآمال التي وقعت دغدغتها.
زيف يصنع الحقيقة
تتأهل الأخبار الزائفة لأن تصبح أخباراً حقيقية عندما تباشر التأثير في الواقع، وقد يغدو تأثيرها ملموساً بكيفية تصنع أخباراً واقعية في اليوم التالي مباشرة أو بتراكمات غير ملحوظة فوق السطح. لا يتوقف الأمر عند مفعول الأخبار الزائفة في بعض النتائج الانتخابية مثلا، بل يمتد إلى حقول متعددة، ومنها شحن الجمهور باتجاهات كراهية بما قد يدفع بعض الأفراد إلى اقتراف اعتداءات مادية ولفظية. وفي الاقتصاد تطارد الأخبار الزائفة علامات تجارية، وتدفع إلى إنتاج فقاعات في بعض الأسواق، وهي ليست بعيدة عن "هوس بتكوين" الذي يجتاح العالم في واحدة من المجازفات الاقتصادية المذهلة.
وتمتلك المواد الزائفة جانباً من مفعولها من تأثير المعلومات والانطباعات على القناعات والتصرفات والاختيارات، بما يجعل تأثيرها متوقعاً على قرارات الشراء، وعلى الاختيارات السياسية أيضاً، مثل سعي بعض الشعوب إلى الخروج من الاتحاد الأوروبي تحت تأثير معطيات ومزاعم بعضها زائف أساساً. فالجمهور الذي لا يملك المعلومة الصحيحة قد يختار بطريقة خاطئة في الانتخابات، وعندما تهيْمن المخاوف عليه فلن يتعامل مع المعلومات الواردة بأسلوب متوازن وواعٍ بل بكيفيات انتقائية ومتحيزة. يقدح هذا المنحى في رشد مُخرجات "الديمقراطية المباشرة" المنعقدة عبر الاستفتاءات الشعبية ونحوها، في زمن الأخبار الزائفة، لأنّ تضليل الجمهور وتسخينه بخطابات سياسية واهية وبمواد مضللة سيدفع الأصوات في اتجاهات غير عقلانية تلائم حقبة دونالد ترمب وأقصى اليمين المتطرف وطغاة الزمن الجديد.
ولأنّ بعض الأخبار الزائفة مكرسة لتحقيق انطباعات تنزع الصفة الإنسانية عن مكونات معينة أو التحريض ضدها؛ فقد كانت هي المواد التي أتخمت رؤوس بعض مقترفي جرائم الكراهية بعد أن عاشوا داخل فقاعتها إلى جانب مواد تعبوية مكرسة لغسيل الأدمغة. وهكذا أيضاً تنجح الأخبار الزائفة في صناعة أخبار حقيقية، بعضها مأساوي وجسيم.
بوابات الزيف المتعددة
من تعقيد الحالة أنها ليست نمطية، بل تتعدد صورها وأشكالها على نحو يُفاقم صعوبات التحقق والتثبت بالنسبة لعموم الجمهور. فالمواد الزائفة ليست جميعاً نتاج تزييف مقصود، بل قد تكون حصيلة سوء فهم، أو هي تعبِّر عن قصور في المعرفة أو تسرّع في التأويل. فالأفراد يباشرون البث وتدوير المواد بصفة لحظية لكسب السبق عادة، وهم في هذا يبذرون مواد زائفة تنبت سريعاً لتخترق أغصانها الممتدة الحواجز، بما لا يمكن ضبطه أو كبحه حتى لو قرر مصدرها الأصلي ذلك، لأنها انفلتت بين الجمهرة وما عادت ضمن دائرة التحكم أساسا.
فقد يكون الخبر الزائف نتيجة خطأ مهني من وسيلة إعلامية تراجعت عنه لاحقاً، أو قد يقع بسوء فهم من أفراد الجمهور، لكنه قد يكون أيضاً نتاج تضليل مقصود أو كذب محبوك كلياً أو جزئياً. وهكذا هي المواد الكاذبة على مستويات؛ فمنها مواد كاذبة كلياً أو جزئياً، أو يأتي تضليلها بإخفاء معلومة مهمة عن السياق؛ وهذا من صور التدليس.
ومن أشكال الزيف والتزييف إقحام معلومات خاطئة في سياق واقعة حقيقية، وقد تكون مادة مصورة مثلاً، ويقع هذا بإضافة توضيحات أو تفسيرات غير صحيحة تُخرِجها عن سياقها الأصلي لتضعها في مسار آخر تماماً أو قريب منه. يأتي مثلا الزعم المألوغ بأنّ صورة ما أو مشهد معين هما من منطقة مغايرة لحقيقة منشئها، أو أنها تتعلق بموقف لا يمتّ إلى حقيقتها بصلة، فيتم في حالات كهذه فرض تأويلات معينة على المشهد أو استنطاق الصورة قسراً لتكذب أو لتخدم الحاجة إلى رؤية ما يقع في منطقة محجوبة عن الصور.
وتحظى مواد نصية أو مصورة كهذه برواج هائل مع التطورات الجديدة من نوعها أو القضايا التي لم تتراكم معرفة بالحد الأدنى بشأنها لدى الجمهور، كما جرى في قضية الروهنغيا بدءاً من صيف 2017. وتجد دعاية التطهير العرقي فرصة مريحة في كبح الانتقادات الإعلامية التي تواجهها بمجرد الإشارة إلى وقائع من استعمال مواد زائفة ضدها، كي تحاول نقض مصداقية كل ما يستهدفها من النقد الواجب.
تقاليد الزيف في مجتمعه
تستعمل المواد الزائفة الجمهورَ وسيطاً للتفشي الجماهيري، فالجمهور هو الذي يحمل رسالة الزيف إلى الجمهور، علاوة على ضلوع وسائل إعلامية بأقساط من هذا أيضاً، إلى جانب تطوّر صناعة تزييف واسعة برعاية دول وأجهزة حول العالم وفق تقارير ومعطيات متضافرة.
ومما يُذكي التسابق على تداول الأخبار الزائفة أن تأتي مدفوعة بالرغبة في كسب الاهتمام والمتابعين والتعليقات السخية وإحراز معدلات انتشار هائلة. وقد يقع ذلك غالباً دون وعي بالتزييف أو التأويل الخاطئ الذي تنطوي عليه المادة. فما يجذب في بعض المواد الزائفة هو المفارقات الواردة فيها والتي تمنحها من حيث الشكل فرص رواج أعلى من غيرها إلى حد مذهل أحياناً. كما أنّ الزيف يخاطب نزعات ودوافع قائمة، مثل القوالب النمطية والأحكام المسبقة والأساطير الراسخة.
إنّ انخراط الفرد في نسق مجتمعي معيّن قد يتطلب الضلوع في تقاليد الاحتفاء بتداول مواد زائفة، أما مقاومة المنحى فقد تكون له كلفة اجتماعية باهظة أحياناً يشبه التغريد خارج السرب أو مخالفة مسار القطيع. ويميل الأفراد إلى قبول المواد الزائفة عندما تأتي من مصادر تمثل لهم مكانة أعلى في أوساطهم، بما في ذلك الأواصر الاجتماعية المباشرة. فعندما يردد كبار القوم أو شيوخ القبائل أو عمداء الأسر أو وجهاء المجتمع أو مسؤولو المؤسسات أخباراً زائفة؛ فإنها تحظى بقبول أوسع في أوساطهم عادة، ومثل ذلك يقع في غيرها من الأوساط، فكيف إن كانت المواد الزائفة هي ذخيرة الدعاية الرسمية أحياناً؟!
ورغم أنّ التطور التاريخي الجديد للحالة قد طرأ مع التحاق المجتمعات بقطاع إنتاج الأخبار وتبادلها، عبر تقنيات التشبيك وتطبيقات التواصل، دون التزامات كالتي تُطلب في المهنة الصحفية والصناعة الإعلامية عادة؛ إلاّ أنّ اختلاق الأخبار لا يقتصر في الواقع على القطاع غير المهني بل يسجِّل حضوره في الصناعة الإعلامية أيضاً وليس لدى "المواطن الصحفي" وحده.
وتتزايد المواقع والمنصات الإخبارية التي تعتمد على سلوك النسخ واللصق بكل ما فيه من مواد زائفة، ومن الصعب على الجمهور أحياناً تمييزها عن المواقع الجادة والمسؤولة، فبعض الأخبار الزائفة تستدرج الجمهور لدخول صفحات معينة لكسب مردودات مادية أعلى عبر الإعلانات. ويتخذ التزييف مسالك متعددة منها استحداث وصلة شبيهة بوصلة موقع مهني معروف، وانتحال هويته التصميمية بالكامل، مع بث مادة زائفة عبر هذه الوصلة، كما يجري في بعض الدعوات للتصويت العاجل على قرارات مهمة تخاطب اهتمامات الجمهور بزعم صلتها بهيئات دولية أو مواقع مرموقة.
تبدو الحالة في العالم العربي مريعة حقاً، بعد أن سقط المزيد من وسائل الإعلام في قبضة التزييف المنهجي بالتلازم مع صعود الصراعات والأزمات، وهي نتيجة منطقية لتحوّل وسائل الإعلام إلى أبواق دعاية. لكنّ الحالة تتخذ أشكالاً أخرى في بيئات إعلامية أوروبية تستمرئ تداول الأخبار الزائفة المنهجية تحت تأثير سطوات دعائية لمراكز نفوذ، كما يتجلى في ابتلاع ذرائع دعائية إسرائيلية خلال جولات العدوان الحربي، وكما يظهر بشكل جلي في قضايا تتعلق بمتلازمات نمطية من حول المسلمين واللاجئين و"الإرهاب".
حبوب الهلوسة الإخبارية
تشبه بعض الأخبار الزائفة واقعاً لا يُرَى سوى في الأحلام. فمن مكاسب الرؤى المنامية أنها تمنح شعوراً تعويضياً بتحقيق بعض الأمنيات والتطلعات التي عجز الإنسان في يقظته عن تحقيقها، لكنها تبقى وهماً في النهاية. ولا عجب بالتالي أن تسعى المجتمعات الخائفة والقلقة إلى التهام أخبار زائفة كأقراص الهلوسة التي ترحل بها بعيداً عن الواقع أو توفر لها مسكنات عاجلة من اضطراب منطقها في تفسير التطورات.
لا تتفشى الأخبار الزائفة في الفراغ إذن، فهي تمنح وعوداً لناقليها بتعزيز فكرة مسبقة يحملونها أو بتحصيل طمأنة معنوية، كما أنها تتيح مادة شيقة للتواصل وكسب الاهتمام وإحراز الإعجابات، علاوة على أنها تختزل بروايتها الساذجة واقعاً معقداً وتفرض تفسيراً مريحاً له أيضاً. وبعض الأخبار الزائفة هي تعبير عن ما يفكر به الجمهور أو ما يتوقعه الناس حقاً أو يَصبُون إليه في أعماقهم، فهي تجسيد لتصورات عميقة أو لتفكير جمعي رغبوي لدى جمهور ما، بما يجعلها مادة بحث مغرية للدراسات الاجتماعية أسوة بالنكتة الرائجة.
يبدو واضحاً في بنية الأخبار الزائفة أن بعضها يستند إلى قوالب نمطية مستقرة في وعي المجتمعات، فملامسة هذه القوالب النمطية يمنحها اهتماماً خاصاً في بعض الأوساط عبر إشباع الحاجة إلى توفير براهين يمكن الاحتجاج بها على فكرة مسبقة، ويمكن تجريب ذلك عبر شحن متبادل على خطوط التماس في جبهات الصراع مثلاً. وهكذا يتم تبادل أخبار ونشرها لمجرد أنها تؤيد قناعات راسخة أو نزعات كامنة وتبدو برهاناً عليها. والمعضلة أنّ بعض القناعات هي في أصلها قد تكون صحيحة ووجيهة، لكنّ محاولة تأييدها ببراهين واهية وأخبار زائفة لا يعزز موقفها في نهاية المطاف بل يُضعِفه تحت وطأة التمحيص، كما يجري في مثلاً في تداول مواد زائفة يتصور بعضهم بسذاجة أنها ستكون برهاناً يعزز موقفهم الاعتقادي الذي لا تُفترض به الحاجة إلى الاتكاء على الزيف.
ثم إنّ الأخبار الزائفة تمنح رشفة الأمل للقانطين، فمَن أعياهم البحث عن بلسم لأوجاعهم يتلقفون عادة مواد تزعم أنّ السبيل إلى شفاء العلل هو تناول عُشبة بعينها أو تجهيز خليط من الخضار والفاكهة حسب مقاطع يظهر فيها "خبراء" مزعومون، مع دعوات غير مسؤولة إلى وداع الأطباء والصيادلة أو ازدراء تقديرات طبية وصحية مغايرة. ويحتفي آخرون بمن يرونهم مجددين كونيين وعلماء موسوعيين في أمر العلم والفكر والفلسفة والدين دون أن يسألوا عن أعمالهم العلمية والفكرية والفلسفية والدينية؛ لأنهم اكتفوا بالشاشات والشبكات التي تخلب الأنظار وتستولي على الوجدان دون تجريب استعمال الحس النقدي وروح التمحيص وأدوات الفحص والمراجعة خارج سطوة الصورة والمشهد والأداء المرئي على الوعي.
وإن تفشّت مشاعر القلق والخوف في المجتمعات، تحت تأثير تحوّلات متسارعة وتطوّرات ضاغطة وأزمات سياسية واجتماعية، قد ترقى إلى درجة التهديد الأمني؛ فإنها الحال المثالية التي تدفع إلى استقبال انتقائي للمعلومات وإلى ردود أفعال من بينها تدوير مواد زائفة ومضللة، وقد يكون لها أثرها في الطمأنة والتهدئة، أو في تفسير الواقع بصفة سطحية، أو في البحث عن مشجب لتعليق المسؤوليات عليه ثم تحميله الثمن دون فحص الواقع بكل ملابساته.
وقد تؤدي المواد الزائفة إلى زيادة منسوب القلق وإذكاء المخاوف، بما يستدرج الجمهور إلى التساهل مع تنازلات مبدئية وقيمية تحت وطأة الشعور بالخوف والتهديد، وهو ما تتدهور إليه بيئات أوروبية بشكل متزايد بصفة تنطوي على مروق من التزامات نصت عليها مواثيق ودساتير ومرجعيات ثقافية راسخة.
ذخائر الصراعات
برهنت الأخبار الزائفة على قدرتها على صناعة الحدث في زمن الحرب، بتوفير الذرائع وتهيئة الجمهور لخوضها، وقد جرى هذا كله حتى قبل انبثاق مواقع التواصل الاجتماعي وظاهرة المواطن الصحفي. لقد أشغلت واشنطن ولندن الدنيا والناس سنة 2002 بأحبولة أسلحة الدمار الشامل العراقية، وقبل سنوات من ذلك كانت الصواريخ الأمريكية تدك مصنع الشفاء للدواء في الخرطوم بذرائع نسجتها أخبار مضللة.
وللأخبار الزائفة مفعولها المؤكد في زمن الثورات والثورات المضادة، فهي تتيح ذخائر للتعبئة الإعلامية وشحن الجمهور والتراشق بين الجبهات، فالجمهور المنتفض يجد فيها ضالته في مواجهة الحكم الذي يفرض تعتيماً شديداً على الحقائق، بينما تستعملها التعبئة المضادة بشكل مقصود في اتجاه عكسي يؤدي إلى إغراق وسائل الإعلام بطوفان الأكاذيب.
وتحوز المواد الزائفة بريقاً خاصاً في الصراعات الداخلية على خطوط التماس الحزبية والقبلية والطائفية والجهوية. ومن يحاول تجريب هذه اللعبة سيجد ذيوعاً لمادته الزائفة التي قد تكون خبراً مختلقاً بالكامل أو تم تحويره جزئياً، أو صورة وقع تأويلها بصفة خاطئة، أو مشهداً تم اجتزاؤه من بيئة أخرى، أو غير ذلك من الخيارات العصية على الحصر.
سيحاول بعضهم أن ينهض بدور فارس الحقيقة وسط بحر التداول والإعجابات وإعادة التغريد، لتنبيه الغافلين بأنّ الأمر يتعلق بمواد غير صحيحة أساساً، لكنهم قد يرونه في هيئة محامي الشيطان، وقد تحاصره الشكوك بسوء المقصد إن تكرر منه هذا. وهكذا تحمل بعض الأخبار الزائفة معها سلطانها المعنوي الذي يُرهِب الإفصاح عن حس نقدي إزاءها، بما يُفسح لها الطريق دون إشارات حمراء لتباشر تعميق الوعي الزائف.
ولا يتعلق الأمر هنا بعموم الجمهور وحسب كما قد يُظَنّ عادة؛ بل يمتد إلى أوساط النخب أيضاً، ومنهم معلمون وأساتذة وخطباء، وأكاديميون وسياسيون وإداريون، وآخرون محسوبون على العلم والثقافة والفلسفة، يتورطون بأقدار متعددة في تداول أخبار زائفة بعضها ساذج للغاية أو بإقرارها دون اعتراض.
يمكن إجراء تطبيق عملي لقياس المنسوب في مجموعات التواصل، بما فيها تلك النخبوية، عبر تطبيقات مثل "واتس أب" أو "تليغرام" مثلاً، بتجهيز قائمة أسبوعية بالمواد الزائفة التي تنساح فيها، لتأتي النتائج مذهلة أحياناً، وهي حالة لا تقتصر على العالم العربي كما يتصور بعضهم أحياناً. بوسعنا أن نخمِّن ما سيرسو في قائمة الفحص الأسبوعية في مجموعة واحدة من تطبيقات التواصل.
سنعثر على مقالات بأسماء وهمية، وأخرى منسوبة إلى غير كاتبيها الحقيقيين، واقتباسات تم إلصاقها زيفاً وتدليساً بمشاهير الفكر والفلسفة والعلم، وتغريدات مُختلقة تماماً أو صادرة عن حسابات مزيفة، ومقاطع خضعت لترجمات تحريفية أو قاصرة، وأخرى خضعت لتلاعب صوتي بمحتواها، وصور تم اقتطاعها من سياقها وإرفاقها بنصوص تفسيرية غير صحيحة، ومقاطع وقع تقديمها في هيئة براهين اعتقادية رغم أنها ثمرة تدليس أو سوء فهم، وحشد من الأخبار والتقارير والإحصاءات المنسوبة إلى مراكز دراسات ومعاهد مختصة وجامعات مرموقة ومؤسسات استراتيجية دون وجه حق، علاوة على طائفة واسعة من المواد الصحية والطبية التي لا تقرها معايير الإرشاد الصحي والطبي أساساً، وغير ذلك كثير. إنه المنسوب المتعاظم يوماً بعد يوم، ومعه تتقاسم الأوساط حصصها من حبوب الهلوسة الإخبارية وما يناظرها في شؤون العلم والفكر والدين، مع تحييد الحس النقدي وروح التمحيص لصالح الانخراط في حالة باقية وتتمدد.
وسوم: العدد 757