البطالة
وصلنا إلى نهاية السنة الدراسية، وبعد أسبوع ستبدأ الامتحانات النهائية.
وكنت في الفصل الثاني قد انتبهت إلى أحد طلابي وقد بدأ يضطرب بعد أن كان يذاكر بجدية، بل كان من الطلاب الأوائل!
سألته اليوم عن سبب إهماله وضعفه وكثرة غيبته، فأبى أن يجيب.
عندما تابعت قضيته عرفت أن أباه كان يعمل ميكانيكيا في شركة لصنع السفن، وفصلوه لأسباب غير معلومة؛ وبسبب شحة الأعمال في المحمرة لأبنائنا المحمريين أمسى الرجل بطالا، وضاقت الحياة، ثم حصلت مشاكل في الأسرة ... سقط الرجل في هاوية الإدمان، أصيبت المرأة بجلطة فشُلّ لسانها؛ وهكذا تدمر عش الحياة الزوجية.
راح ميثم يعيش عند عمه؛ وتدهورت أحواله.
ولا أدري أي مستقبل ينتظر هذا الطالب وها هو أضحى كعصفور لم ينبت ريشه بعد وقد سقط من وكر أبويه.
وهناك العشرات من الحكايات التي تشبه حكاية مأساة ميثم، فهذه شركة صناعة الصابون في المحمرة اشتراها تاجر يسكن في طهران، ثم ولأسباب غامضة تعطلت الشركة، وغدا المئات من عمالها بطالين وبلا رواتب.
والبطالة في الأهواز أمست داء عاما ينهش جسد كيان الأسر العربية، منها من تزعزعت فهاجرت إلى مدينة يزد الإيرانية لتبحث عن لقمة خبز لأبنائها، ومنها من سقط أبناؤها أو عمود بيتها في شبكة الإدمان ففقد الحركة والنشاط، ثم توقفت عجلة حياته عن الدوران وانتهت إلى الطلاق وضياع أطفاله.
والجدير بالذكر إن المحمرة ليست مدينة فقيرة، فيها الشركات والدوائر والميناء والأعمال التجارية ... لكنّ ومن الغريب ليست لأبنائها حصة من التوظيف إلا لماما.
وسوم: العدد 774