جميل بايك العلوي، إلى أين تقود شبابنا الكورد ؟؟
هل صحيح أنّ حزب العمال الكوردستاني ، هو حزب قومي كوردي ، يسعى إلى تحرير كوردستان وإقامة وطن قومي للكورد ، أم أنّه مجرد منظمة إرهابية كما تدّعي تركيا وأمريكا ، أم هو مجرد حزب طائفي يخدم المصالح الإيرانية والعلوية الطائفية في المنطقة ، ويخدع الكورد ويُمنيهم بإقامة وطن قومي لهم ويستغل كل طاقاتهم ومواردهم البشرية والمادية ويستنزفها خدمةً لأعداء الكورد في المنطقة ويبعثر جهودهم ويبدد قضيتهم ويتلاعب بمصيرهم .؟
تعالوا معنا في هذه الجولة الفكرية ، نمتطي فيها العقل والمنطق ، متجردين من عواطفنا القومية ، وهذه دعوة مني أوجهها إليكم أيها القراء الأعزاء إلى إعمال العقل قبل أن يصدأ ويهترئ ، فعقولكم هي ملككم أنتم فلا تعيروها لغيركم حتى لا يُفسدوها لكم فأنتم أحرار وقد ولدتكم أمهاتكم أحراراً ، وبعونه تعالى نبدأ .
بادئ ذي بدء ، لا بدّ أن ننوه إلى مسألة مهمة قبل أن نستكشف معاً إذا ما كان هذا الحزب هو طائفي ويقدّم طائفيته على قوميته الكوردية ويخدم مصالح إيران الطائفية أم لا ، لا بدّ من الإشارة إلى أننا نحن الكورد بغالبيتنا المسلمة والسنيّة لم نكن يوماً طائفيين ولن نكون كذلك إن شاء الله لأننا لسنا طائفة في الأصل بل نحن ننتمي إلى أمّة الإسلام العظيمة ، ونحترم باقي الطوائف والأديان الأخرى التي تعتنقها بعض الأقليات الكوردية بما فيها الطائفة العلوية الكوردية ، ولسنا في صدد الخوض في صراع طائفي لا معها ولا مع غيرها ففيها الكثير من الشرفاء والمخلصين لقوميتهم الكوردية ، ولكننا سنتناول في هذه المقالة بعض الشخصيات والقيادات من ضمن هذه الطائفة ، والتي تتحكم بكل مفاصل حزب العمال الكوردستاني المسيطر بقوة السلاح على القرار السياسي الكوردي في أجزاء واسعة من كوردستان في تركيا وسورية وإيران والعراق ، لنرى بعدها هل يخدمون القضية القومية الكوردية أم المشروع الإيراني الصفوي في المنطقة
إن المتابع لشؤون حزب العمال الكوردستاني ومنذ تأسيسه على أيدي مجموعة من الكورد وإلى اليوم ، سيلحظ بأن العلويون الكورد هم المسيطرون على الحزب ويمسكون زمام الأمور فيه ويديرونه ، بينما القيادات السنية فيه مهمّشون وليس لهم دور مهم في قيادة هذا التنظيم اليساري ، فمن المؤسسين لهذا الحزب ، عبد الله أوجلان الذي قال عن نفسه ، بأنه عاش كل حياته مع العلويين ويرى بأنه قريب منهم وأنه في قناعته بأن الخلافة بعد رسول الله كانت ينبغي لها أن تكون لعلي بن أبي طالب وليس لأبي بكر وعمر ، وبذلك تبنى وجهة النظر العلوية النصيرية وخالف سنيته ، وقال بأنه يجد نفسه قريباً من العلويين بحكم عشرته لهم ، وله كتابات كثيرة ينتقد فيها المذهب السني ويشكك فيه ، وبالتالي هو خرج من سنيته وتبنى المعتقد النصيري ضمنياً وإن لم يلعنها ، وإن كان أبواه سنيان وإخوانه وأخواته من أهل السنة ، فهذا لن يغير من واقع الحال شيئاً ولا يعطيه شهادة براءة من الإنغماس في المعتقد العلوي ، وإنكار هذا الأمر من بعض المحيطين به لن يقدم ولن يؤخر ، وأوجلان كان ومازال الطفل المدلل عند عائلة الأسد العلوية إلى اليوم ، وعاش لسنوات طويلة في كنفهم وفي رعايتهم ، ومن باب ردّ الجميل لآل الأسد والوفاء لهم ، أعلن من سجنه عقب إندلاع الثورة السورية بأن لديه 4000 مقاتل سيرسلهم لمناصرة نظام بشار الأسد .
ومن القيادات البارزة في تنظيم حزب العمال ، جميل بايك العلوي ودوران كلكان ومصطفى قره سوا العلويان وغيرهم ، والملفت للنظر هو أنه تم تصفية باقي القيادات الكوردية السنية في الحزب كمظلوم دوغان وعكيد وغيرهما ، وتم الإبقاء على القيادات العلوية فقط ، وبعد إلقاء القبض على أوجلان في كينيا عام 1999 ودخوله السجن ، آلت قيادة الحزب إلى العلوي جميل بايك ، وتم تهميش بقية القيادات السنية التي إنضمت لهم لاحقاً للحزب ، كمراد قرايلان السني وغيره ، الذي قاموا بتقزيم دوره وإعطائه مهمة إعلامية تذكرنا بسعيد الصحاف صاحب الفقاعات الإعلامية ، ولا يظهر مراد قرايلان إلا كل حين لينشر فقاعات إعلامية عن حرق تركيا فوق رؤوس العلوج الأتراك ووجودهم بين قيادات الحزب اليوم هو شكلي فقط إسوة بعبد الحليم خدام ومصطفى طلاس ، ليظهروا أمام جماهيرهم بأنهم ليسوا طائفيين وإنما قوميين .
وبعد إندلاع الثورة السورية ، كشف جميل بايك عن وجهه الطائفي ، ولبّ نداء علي خامنئي الطائفي لإنقاذ نظام بشار الأسد العلوي ، فقام بتوطيد تحالفاته مع شيعة العالم وعلوييهم ، والقضية ليست كما يروجها البعض بأن تحالفاته مبنية على أسس المصالح السياسية والتكتيكات واللعب على التناقضات الدولية ، وبأن جميل بايك هو شيوعي ولا يهتم للطائفية ، بل هو يهتم للقضية الكوردية ومصالح الكورد القومية ، فها هو بشار الأسد الإشتراكي قد لجأ إلى طائفته وتخلى عن مبادئ الإشتراكية لا بل تخلى حتى عن قوميته العربية من أجل مصالحه الشخصية ، فاليساريين عموماً براغماتيين وليس لديهم مبدأ ثابت في الحياة ، وعندما تكون مصالحهم في خطر ، فيلجأوون إلى طوائفهم ، فها هو فلا ديمير بوتين الذي قضى عمره في الماركسية قد لجأ إلى الكنيسة وإلى طائفيته أثناء حربه على الشعب السوري ، وهذه حقيقة لا ينكرها إلا مكابر ومعاند .
فلو نظرنا اليوم بعينِ المتفحّص إلى جميع تحالفات حزب العمال اليوم بزعامةالعلوي جميل بايك ، فإننا سنراها قائمة على أسس طائفية بحتة وواضحة كوضوح الشمس ، إذ لا يعقل أن تكون كل تحالفاته مع الشيعة والعلويين في المنطقة كلها من باب الصدفة أو المصالح ، فأي صدفة هذه التي قد تجمعه في حلفٍ طائفيّ بغيض يبدأ من الحوثيين في اليمن إلى مناصرة شيعة البحرين والتحالف مع حزب الله اللبناني الشيعي ، ومع النظام السوري العلوي ومع شيعة نبل والزهراء في ريف حلب ، ومع الميليشيات الشيعية في سورية كميليشا أبو الفضل العباس الشيعية ومع حكومة العراق الطائفية ومع الحشد الشعبي الشيعي في العراق بالإضافة إلى الحملات الإعلامية ضد المملكة العربية السعودية معقل السنة ، وأن يتحالف مع حزب الـ chp الكمالي والذي يتزعمه العلوي الكوردي كمال قليجدار ، ومع كل العلويين الأتراك ، وهل من الصدفة أيضاً أن يقوم العلويون الأتراك والكورد معاً بالتصويت إلى حزب الشعوب الديموقراطية hdp الذراع السياسي لحزب العمال ، فبالله عليكم ، هل كل هذه التحالفات الطائفية هي مجرد صدفة أو مصالح سياسية ، وعلى فرض أنها مصالح سياسية ، فهل يعقل أن لا تتفق مصالح الحزب إلا مع الشيعة والعلويين فقط ؟؟ هل يعقل هذا ؟؟
ختاماً : أعتقد جازماً بعد هذه الجولة الفكرية ، بأن جميل بايك يخدع الكورد ، ويخدع عناصر الغريلا العسكرية التابعة للحزب ، ويستنفز طاقاته وإمكاناته المادية والبشرية و العسكرية ويجيرها لصالح مشروع إيران الطائفي في المنطقة ، فحزب البعث العربي الإشتراكي لم يكن حزباً طائفياً وإنما كان قومياً عربياً ولكن آل الأسد العلويين قد جعلوا هذا الحزب في خدمة طائفتهم العلوية ، وكذلك حزب العمال الكوردستاني لم يكن حزباً طائفياً ولكن جميل بايك قام بتحويله إلى حزب طائفي بإمتياز ومعظم المراكز الحساسة في الحزب بات بيد العلويين الكورد ، وجبال قنديل باتت تعج بالحرس الثوري الإيراني ومن الشيعة والعلويين ، وقد بات الحزب اليوم في الخندق المعادي للمسلمين السنة سواء أكانوا من العرب أو الكورد ، وليس من صالح هذا الحزب بقياداته العلويين الطائفيين أن يتحرر الشعب الكوردي بغالبيته السنية ، حتى لا يقيموا دولة كوردية معظمهم من السنة خدمة لإيران التي تريد إبتلاع العالم السني وهدم كل دولهم القائمة ، فكيف ستسمح للكورد السنة بإقامة دولة معظم. أهلها مسلمون سنة ، وها أنتم ترون كيف يستميت جميل بايك من خلال إستغلال شبابنا الكورد اليافع والطيب ، لإسقاط إقليم كوردستان السنية في براثن إيران الشيعية الصفوية ويجعل منهم أكباش محرقة للمشروع الصفوي وفي حروب لا ناقة للكورد فيها ولا جمل ، وأعتذر عن لهجتي التي تبدو طائفية ، ولكنني أعود وأكرر بأننا لسنا طائفيين ولن نكون ، ولكن جميل بايك ، حول حزب العمال إلى تنظيم طائفي بحت ، فكان لا بد من كشف وجهه الطائفي للرأي العام الكوردي قبل فوات الأوان ، والله من وراء القصد ودمتم .
وسوم: العدد 781