نوى يا روحَنَا التي تقطر دمًا

هناك على مرمى قُبلةٍ من الإمام النّووي تعانقت أشلاؤهم، والسنابلُ المائلاتُ تُنشِد للرّاحلين لحنَ الزَّفاف الأخير، وتحدو لعشرات الشهداء حداء السفر إلى الخلود.‏

لم يختلف شيءٌ عن كلّ المجازر الوقحة؛ فالصّواريخُ العمياء، والحقدُ المتخبّط، والغدرُ ‏الأرعن، ‏والطّفولةُ المذبوحة، والبراءةُ المفترسة، والطّهارةُ المضمّخةُ بالأنين، والدّماءُ ‏المتراشقة على الطّرقات، ‏والأشلاءُ المتناثرة في الحواكير، وابتساماتُ الأطفال الملائكيّة المحيطة بهالة الموت، وإغفاءةُ ‏البهاء ‏على أجفانهم، وإغماضُ البشريّة عن آلامهم، وخذلان القريب، هو ذاته لم يختلف شيئًا.‏

‏ لقد كانَت ليلةً ثقيلةً ثقيلةً تلك الليلة التي عاشتها نوى تحت نيران الحقد الأرعن؛ ‏فباتت وهي ‏ثكلى متلفِّعةً بالحزن، وقضت حوران ليلتها تمسحُ رأسَ ابنتها نوى ‏وتواسيها، وتقول لها أنت ابنتي ‏يا نوى وكلّ من ذاق من أجل كرامته تعبًا وهمًّا وجرحًا ‏ودمعًا هو ابني، وكلّ من قال للطّاغية لا ‏وما يزال هو ابني، وكلّ مقهور خذله قادته ‏وخانوه فلاذ بالصّمت والدّمع هو ابني، لا أولئك ‏الذين دبكوا وغنّوا على الجراح ‏الغائرة، فلم ولن يكونوا لي أولادًا.‏

يا نوى:‏

عندما يكثُرُ الشُّهداءُ تقلُّ الكلمات، وعندما تنطقُ الجراحُ تصمتُ العبارات، وعندما ‏تصرخُ ‏العيونُ تخرسُ الألسنة.‏

يا نوى: ‏

مات نيرون ولم تمت روما، ومات شارون ولم تمت غزّة، وسيموت بشار ويموت بوتين ويموت ‏خامنئي وستبقين أنتِ أنتِ نوى وكلّ حوران وكلّ سورية حيّةً حرّةً ما بقي الزّمان.

#مجزرة_نوى‏

وسوم: العدد 781