هل يكون جابر علي باشا أميرًا لأحرار الشام حدثًا مفصليًّا؟

باِلتآم مجلس شوراها في: 15/ 8/ 2018، قامت حركة أحرار الشام بانتخاب جابر علي باشا ( مواليد محافظة إدلب، بنش، 1984، حاصل على شهادة ماجستير في كلية الشريعة/ جامعة دمشق )، بأغلبية الثلثين، و ذلك بعد اعتذار أميرها حسن صوفان " أبو البراء "، عن البقاء في منصبه لعام آخر.

على حدّ الرواية التي ذُكِرَت، في البيان الداخلي لمجلس الشورى، الذي وضَّح الحيثيات التي صاحبت عملية الانتقال هذه، التي واكبها صدور عدد من القرارات و التوصيات، سواءٌ على مستوى الهيكلية التنظيمية للحركة، أو على مستوى علاقاتها مع المكونات الأخرى في الشمال المحرر.

غير أنّ الذي توقّف  عنده المراقبون هو جملة من الأمور ذات الصلة، التي يُتوقَّع أن تظهر مفاعيلها في قابل الأيام، منها:

ـ أنّ الشيخ جابر الذي يُعرف باسمه، و ليس بكنيته، قد شكّل علامة فارقة في الحركة؛ فهو أول أمير ليس من خريجي سجن صيدنايا، بعد خمسة أمراء تسنّموا قيادتها، منذ تأسيسها مندمجة مع حركات أخرى، باسم حركة أحرار الشام الإسلامية في: 31/ 1/ 2013، مثلما هو غير معروف عنه ميوله إلى مدرسة السلفية الجهادية ببعدها العالميّ، ففي الفترة التي كان فيها نائبًا للمهندس عليّ العمر " أبو عمار "، حصل الطلاق البائن مع الفكر السلفيّ الجهادي، و تبنّت الحركة رسميًا علم الثورة، و انحازت إلى الثورة كمشروع وطنيّ، ذي أبعاد محليّة، و اتضحت معالم شعار " ثورة شعب "، في توصيفها لما تشهده الساحة السورية، الذي تبنته الحركة بعد اندماجها مع صقور الشام في: 22/ 3/ 2015، و ذلك كتعبير عن النقلة الخطابية، و الواقعية في مشروعها السياسي، بعد أن كانت تصف ذلك بأنه " ثورة أمة "، متماهية مع الشعار الذي وضع في ميثاق الجبهة الإسلامية حين تأسيسها: 21/ 12/ 02012

ـ أنّه جاء بعد عام امتدت فيه فترة إمارة الشيخ حسن صوفان " أبو البراء "، بعد خروجه ضمن صفقة من سجن صيدنايا، تميّزت بأنّها شهدت مناكفات شديدة مع مجلس الشورى، حيث عرف عن الشيخ صوفان تمسكه الشديد بقراراته الانفرادية، و هو ما جعله و مجلس الشورى في تنافر غير خافٍ، و لذلك لم يخف الأخير رغبته في عدم التمديد له، و هو ما ينذر بتشظي الحركة، و انفراط عقد مركزيتها لصالح المناطقية، لدى عدد من المراقبين، الذين يرون في مجلس الشورى قوة إلى جانب قوة الأمير، و أنّه قد جيء به كنقطة التقاء مصالح أطراف في الحركة، همشها الشيخ صوفان.

ـ أنّه جاء بعد فترة مراجعات أجرتها الحركة مع الفكر القاعدي، أعقبها طلاق بائن مع شيوخ السلفية الجهادية عمومًا، ولاسيّما المهاجرون منهم، و كان تتويجها في آخر و أعنف جولة اقتتال مع هيئة تحرير الشام، في: 19‏/07‏/2017.

ـ أنّه ليّنُ اليد، و ذلك طيلة المدة التي عمل فيها قاضيًا، ولاسيّما حينما كان طرفًا في الاتفاق الذي جمع الهيئة و الأحرار، في تموز 2017، في أثناء الخلافات التي دارت بين الأولى و صقور الشام، و حتى حينما كان نائبًا لأبي عمار في قيادة الحركة، و هناك من يعزو خسارة الحركة معبر باب الهوى، و معظم بلدات الريف الشمالي  كـ " سرمدا، و الدانا " إلى رؤيته في إدارة تلك الجولة مع الهيئة، و هو ما دعا الشيخ صوفان إلى إقالته من منصب نائب القائد العام في آب 2017، و عين بدلًا عنه علاء فحام " أبو العز"؛ و لذلك تتخوّف جهات عدة في الحركة من أن يتكرّر ذلك منه في أية مواجهة مؤجلة مع الهيئة، مثلما يتخوفون في أن تتلاشى الحركة لصالح مشروع الجبهة الوطنية للتحرير، التي بقي يرأسها سلفه الشيخ صوفان، في حين هناك من يرى في ذلك سببًا لانعطافة قد يشهدها عهده، و تنقلب الأمور عقبًا على رأس، و تتغير مجريات الأمور لديه بالمطلق، من اللين إلى القوة، و من الرخاوة إلى الشدة.

وسوم: العدد 786