صفحة من الماضي، مكتب " اليسار " ومشروع عبد الحكيم سمارة
في أواخر السبعينيات من القرن الماضي، بادر الرفيق عبد الحكيم سمارة، وكان في عز شبابه ونشاطه وعطائه، إلى افتتاح مكتب منشورات " اليسار " للطباعة والتوزيع في باقة الغربية، ثم نقله في اواسط الثمانينيات إلى بلدته جت المثلث، وذلك بهدف نشر وإشاعة الثقافة الوطنية والتقدمية، في مرحلة المد الثوري ونهوض قوى اليسار.
وقام بداية بإصدار نشرات دورية تحمل اسم " اليسار " ثم أصدر كتاب فصلي اطلق عليه " المسيرة "، فصحيفة سياسية- ثقافية، بالإضافة إلى إصدار مجموعة من الدواوين الشعرية والكتب السياسية- الفكرية لعدد من الشعراء والكتاب من الوطن والخارج.
وتحول المكتب إلى حلقات فكرية جمعت العديد من أهل الثقافة والأدب والسياسة ومحبي الشعر والنضال، والمؤمنين بالفكر اليساري التقدمي. فإلى جانب مدير المكتب الشاعر عبد الحكيم سمارة كان المرحوم ابراهيم وتد، وكاتب هذه السطور شاكر فريد حسن، والمناضل محمد خلف من حركة " أبناء البلد "، والرفيق ثابت أبو راس، والشاعر المغترب ابراهيم عمار، والشاعر كاظم مواسي، والمتأدب سعيد فارس أبو مخ، وعلي خطيب من كفر قرع، والشاعر ابن طولكرم عبد الناصر صالح، والنابلسي الشاعر محمد الريشة، والشاعر يوسف المحمود من قرية عنزا في الضفة الغربية، والشاعرة فائقة دقة، وسكرتيرة المكتب الشاعرة سمر سيف من عرعرة، والتقينا في المكتب الشاعر ب. فاروق مواسي، والمناضل المرحوم ابراهيم بيادسة، والمتثاقف جمال يوسف قعدان المعروف بالأصمعي وسواهم من عشاق الكلمة.
وكانت النقاشات تتمحور حول قضايا الساعة والشأن الثقافي عدا عن أحلامنا الثورية وطموحاتنا المستقبلية المرتجاة. ولكن اعتقال الرفيق عبد الحكيم حال دون اكتمال مشروعه الثقافي واستمرار عمل ونشاط المكتب واغلاقه.
وبعد خروج سمارة من السجن عمل على تأسيس دار " شمس " للنشر، صدر عنها مجلة " شمس " وسلسلة من الكتب التاريخية والتراثية له ولغيره من الكتاب.
حقًا كانت أيام جميلة في زمن جميل سادت فيه القيم الثقافية والأخلاقية والجمالية، وتبقى من الذكريات التي لن يمحوها الزمن.
وسوم: العدد 882