الرد على من يجدون في العلمانية البديل عن الدستور الرباني
الرد على من يجدون في العلمانية
البديل عن الدستور الرباني
رحاب أسعد بيوض التميمي
لو إفترضنا جدلاً أن الله خلق الانسان،ولم يخلق له دستور يسير به ويهديه إلى طريق الحق لكان المخلوق مُحق في البحث عن دستور يُقيم به حياته,ﻷنه مخلوق يُعاني من نقص يُعيق حياته,ضال بلا مرشد،معذور بالبحث عما يُعوض النقص والفراغ لأن خالقه تركه يهيم بلا هدى,ﻻ يعرف أي طريق يسلكه ويريد أن يبحث عن ضالته،ولسلمنا حينها لما يدعو إليه العلمانيون بجميع أطيافهم واﻹشتراكييون وعابرالطريق في الدعوى الى العلمانية وأخواتها ﻹيجاد البديل،ولكن مع وجود اﻷصيل الرباني سقط الحق في طرح العلمانية بديلاً في بلاد المسلمين وأصبحت اﻷحقية للخالق في تدبير شؤون خلقه ؟؟
ومع ذلك ورغم أن الله غطى هذا النقص بخلق المخلوق ومعه دستوره الكتاب والسنة,وتوعد بحفظهما من التحريف والتزوير،ورغم ذلك يُعرض اﻹنسان عن هذا الدستور،ﻻ يريد الوقوف عليه وﻻ اﻷخذ به,بل ويقف عائقاً أمام تطبيقه ويتباهى ويفتخربالقوانين الوضعية الغريبة التي تعتبره من الدرجة الثالثة أوحتى العاشرة ويشيد بها ويدعو الى اﻹقتداء بها،ناسباً الى دين أبائه وأجداده العجز والنقص لأنه يرفض أن يعيش تحت ظله،حتى أن البعض ما زال يتغنى بما تم دفنه في عقر داره بعدما ثبت فشل تجربته ك(الشيوعية والماركسية)ويفتخر أنه شيوعي أو ضال السبيل ينطبق عليه قوله تَعَالَى
((وَإِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَحْدَهُ اشْمَأَزَّتْ قُلُوبُ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ وَإِذَا ذُكِرَ الَّذِينَ مِن دُونِهِ إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ)) ]الزمر:45 [
وما زال الانسان يسيرعلى غيرهُدى,يبحث عن دستور للحياة،ضارباً بعرض الحائط قانون الله في اﻷرض مُهدراً عمره وعُمر الشعوب في سبيل تحقيق وتطبيق فكره الضال،متنقلاً من النظام الشيوعي الى الرأسمالي،مجرباً كل اﻷنظمة الوضعية الدائمة التغيير،داعياً الى استخدام أياً منها إلا قانون رب العالمين,رغم أن النظام الإسلامي عندما جُرب أثبت نجاح منقطع النظيرفي تنظيم حياة الناس وإستقرارهم،ولكن خوفاً من عودته من جديد مقيداً حريته بالحلال والحرام،يستمرالطعن به من خلال بعض الثغرات التي حصلت،والتركيزعلى فترة الوهن التي إعترت بعض فترات حكمه حتى أطاحت به،كما حصل في نهاية الحكم العثماني متناسين فضله عبرأكثر من أربعة عقود،متغافلين عن المتأمرين عليه ممن يدعون أنهم من جلدتنا،مسقطين سبب المؤامرة،متجاهلين أن الدولة العثمانية وفي عز ضعفها لم تتأمرعلى العقيدة ومقدساتها.
الشاهد أن هذا اﻹنسان الذي اختار الضلال يُعظم ويُبجل كل ما فيه بسط لنفوذ الشيطان,ويريد أن يُجرب كل الدساتير إلا دستور الله ويسلك أي طريق إلا طريق الرحمن الرحيم,إنسان يخاف على شهواته وأهوائه أن تمس أو أن تصادرحرياتها،يريد أن يعيش متجرداً من القيم أو يأخذ منها ما بدى له,ويريدونا أن نقف إلى جانبه دعماً لما يريد
((وَاللَّهُ يُرِيدُ أَن يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَن تَمِيلُواْ مَيْلاً عَظِيمًا)) ] النساء:27 [
لذلك كل من يُنكر بأن الاسلام يصلح ﻷن يكون حكماً على البشرية وأفعالهم،معتقداً بذلك ويدعو إلى اتخاذ القوانين الوضعية بديلاً عنه ويسعى إلى تعطيل حكم الله في اﻷرض فهو كافر لقوله تعالى
((وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ))] المائدة:44 [
وكل من يتهاون في التمهيد لحُكم الله في اﻷرض ولم يُحدث حتى نفسه في تمني بسط النفوذ لهذا الحكم فهو إما ظالم بالنص الشرعي لقوله تعالى
((وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ ))] المائدة:45 [
أو فاسق لقوله تعالى
(وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ) ] المائدة:47 [
والفسق والظلم من صفات المنافقين.
ويريد هذا اﻹنسان الضال المضل الذي يتبع هواه منا أن نقتنع أن العقل البشري الذي يعتريه النقص قادرعلى إيجاد حلول للبشرية لكل مشاكلها المتجددة تتفوق على قانون خالق البشرية الذي هو خلقها وهو أعلم بما فيه مصلحتها,وأعلم بما يضرها وما ينفعها,وأعلم بما يقربنا الى اﻷخرة التي يريدون منا أن نسقطها من حساباتنا ليُضيُعونا معهم،ويريد أن يُقنعنا أن عقله تجاوز في نضجه أسرار السموات واﻷرض,وأصبح فهمه يعلو على فهم خالقه بإتهام الدين أنه ﻻ يصلح أن يكون حكماً على الناس وأفعالهم رغم شموليته لكل مناحي الحياة.
إذاً الانسان الضال هو السبب في تعطيل أحكام الله،وهو السبب في غرق السفينة البشرية لأنه ﻻ يريد للبشرية أن تلبس طوق النجاة التي خلقت من أجل حمايته،ويريدها أن تعيش دائماً في صراع مع اﻷمواج,فكل من يُعيق لبس هذا الطوق سيكون ذنب عدم رسوها إلى بر الأمان أمانة في عنقه إلى يوم الدين .