النيران الصديقة والعدوَّة
لقد حدثنا الكتاب العزيز عن مخازي بني إسرائيل حين وصفهم في آي الكتاب بأنهم يُخْربون بيوتهم بأيديهم، وأيدي المؤمنين؛ وهذا معنى النيران الصديقة التي تقتِّل وتجرِّح منهم المئات اليوم في هذه الحرب الطاحنة. ولقد وقعوا في حيصَ بيصَ كما نطق المثل العربي القديم؛ فلا أدل على تخطبهم من هذا المثل المعبر؛ فاعتبروا يا أولي الأبصار.
جبناء؛ تحسبهم جميعا وقلوبهم شتى ... رعديدون فلا يقاتلون أهل فلسطين إِلا في قرى محصنة، أو من وراء جُدُر. نسبة الذين قُتلوا وجُرحوا في حرب السبعة أشهر الحالية حتى الآن من الصهاينة الملاعين هي أعلى نسبة سُجلت في تاريخ الحروب؛ والحبل على الجرَّار.
فما عاد من الممكن أن نصنف هذه الجرائم الذاتية بمسوغ النيران الصديقة كمصطلح حربي معهود، وإنما باتت نيراناً عدوة مئة بالمئة؛ وبامتياز.
وأولى هذه النيران العدوة هو ما قامت به طائرة حرب "أباتشي" صهيونية طائشة من قصف مجمع كان فيه مئات الصهاينة يسكرون ويعربدون في عيد غفرانهم؛ فأعدمت وجرحت المئات، وهم من اعترف بذلكم، والفضل ما شهدت به الأعداء!!
يكفيهم فخراً أن كل الدول الداعمة لهم قولا وفعلا قد صرحت بأن هذه الحرب الغشوم؛ خلال أكثر من مئتي يوم طاحنة – ورغم اشتداد الوطيس- قد فشلت في تحقيق أَيِ من أهدافها المعلنة، وغير المعلنة؛ وأول الغيث قطرة فقد منعت أمس أمريكا؛ أمهم الرؤوم من تسليم صفقة قنابل متفق عليها مسبقاً بسبب تخبطهم؛ كعشواء عمياء صمَّاء!
فصار ينطبق عليهم قول الشاعر الجاهلي: رأيتُ المنايا خبْطَ عشواءَ من تُصبْ // تُمتْهُ ومن تُخطئْ يُعمَّرْ فيهرمِ؛ وهكذا نجد أن منطوق زهير بن سُلمى الشعري التمثيلي يطابق حربهم المتخبطة العشوائية المجنونة؛ فجُلُّ الضحايا هم مدنيون، ولا يشكل العسكريون 1% من النسبة العامة من ضحايا غزة.
بقي أن أقول: إنهم قد صرحوا مؤخراً أن عدد من نفقوا من جنودهم بنيرانهم (العدوة) بلغ 43 فطيسة، والجرحى: ستمئة وواحدا وثلاثون ... أفلا يَذَّكَّرون"؟!
وسوم: العدد 1080