شبح المقاطعة الأطول يطارد داعمي الاحتلال الإسرائيلي

السبيل

بالرغم من مرور عامٍ كامل على بدء معركة "طوفان الأقصى" في السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023، إلا أن الأردنيين واصلوا وقوفهم مع قطاع غزة، عبر الاحتجاجات الشعبية تارةً، وتقديم الدعم المادي والمعنوي تارة أخرى، والأهم الاستمرار في حالة المقاطعة لبضائع الشركات والدول الداعمة للاحتلال وحرب إبادته على غزة.

موقف ثابت

واعتبر أردنيون بأن موقفهم لم يتغير مع مرور الوقت، بمقاطعة المنتجات الداعمة للاحتلال الإسرائيلي، في محاولة منهم تقديم شيء عملي لدعم النضال الفلسطيني في مواجهة آلة الحرب الإسرائيلية.

وأطلق نشطاء أردنيون، مطلع تشرين الثاني/نوفمبر من العام الماضي، عبر وسائل التواصل الاجتماعي المختلفة، حملات مقاطعة واسعة اعتبرت الأكبر في المنطقة لمنتجات الشركات الداعمة للاحتلال، من أجل الضغط لوقف العدوان على غزة، فيما شهد يوم 11 كانون الأول/ديسمبر 2023 إضرابا شاملا، وغير مسبوق، عطل كافة مناحي الحياة التجارية في البلاد، حيث أغلقت أكثر من 90 بالمئة من الشركات والمتاجر أبوابها.

وطاردت حملات المقاطعة الشعبية الشركات والمنتجات الأجنبية الداعمة للاحتلال الإسرائيلي في الأردن على مدار عامٍ كامل، في حين حثت جمعية "حماية المستهلك"؛ على المقاطعة، بصورة غير مباشرة من خلال تشجيع الأردنيين على شراء المنتجات المحلية والعربية، دعما لها و"لما تتمتع به من جودة عالية تضاهي وتنافس السلع الأجنبية".

البحث عن البديل

وتجاوباً مع حملة المقاطعة الشعبية، حرص عدد من أصحاب المحال التجارية الكبرى على وضع لافتات كتب عليها: "انتبه… منتج مُقاطَع … ادعم المنتج المحلي"، في أماكن بارزة لحث الأردنيين على الالتزام بحملات مقاطعة المنتج الأجنبي الداعم للاحتلال.

من جانبه، رأى الخبير الاقتصادي، عامر الشوبكي أن "المقاطعة الحالية للمنتجات الأجنبية الداعمة للاحتلال سواء في الأردن، أو في المنطقة ليست كباقي حملات المقاطعة خلال السنوات الفائتة، مؤكداً في حديث مع "قدس برس" أن "المقاطعة الشعبية خلال عامٍ كامل كان مداها أطول، وتأثيرها أكبر".

وكشف الشوبكي عن إعلان كبريات الشركات الداعمة للاحتلال أو المرتبطة به عن خسارتها كشركة "ماكدونالدز " و"ستاربكس" الأمريكيتين، والبعض الآخر أعلن عدم علاقته بالاحتلال الإسرائيلي تخوفا من حملات المقاطعة التي طالته.

خسائر اقتصادية مستمرة

وبالنظر إلى الأرقام والخسائر التي تكبدتها الشركات الأجنبية الداعمة للاحتلال الإسرائيلي في الأردن، أكد الشوبكي أن ثمة تكتماً شديداً حول خسائر الشركات الأجنبية المرتبطة بدعم الاحتلال الإسرائيلي في الأردن.

ووفق نشطاء في حركة المقاطعة الأردنية (BDS) فإن حملة المقاطعة الوطنية للبضائع الداعمة لكيان الاحتلال أسهمت في إغلاق 5 فروع لسلسلة متاجر "كارفور" الفرنسية، وهي إحدى العلامات التجارية المشمولة بالمقاطعة، في حين تدلّ بعض المؤشرات على احتمالية انسحاب هذه السلسلة من السوق المحلي.

واعتبر منسق حملة "الأردن تقاطع" حمزة خضر في حديث لـ "قدس برس" أن "الحركة سجلت نجاحات كبيرة على صعيد المقاطعة مع الاحتلال الإسرائيلي، ومن ذلك قيام 33 شركة و17 مؤسسة أممية تابعة للأمم المتحدة - تعمل في الأردن - بفسخ عقودها الأمنية مع الشركة البريطانية جي فور إس (G4S) التي تقدم خدمات الحماية للشركات والمؤسسات على الصعيد العالمي، كون هذه الشركة مسؤولة عن ممارسات تنتهك حقوق الأسرى الفلسطينيين في الأراضي المحتلة".

ووفق نقيب أصحاب المطاعم، رائد حمادة، فإن حملات المقاطعة في الأردن شملت 3 مستويات؛ الأول: المطاعم التي تحمل أسماء عالمية، والثاني: العلامات التجارية العالمية، أما الثالث: فعلى بعض الأصناف الغذائية التي تباع في المحال التجارية.

ويضيف في تصريح إعلامي له أن "المطاعم السياحية التي تحمل علامات تجارية عالمية توقف عملها بنسبة 95-98 بالمئة بعد أن قُوطِعَت، في حين انخفضت مبيعات شركات المشروبات الغازية بنسبة وصلت إلى 85 بالمئة.

وأكده صاحب أحد المتاجر في عمّان، بلال عريقات، قائلا إن "المقاطعة هي أقل الواجب الذي من الممكن أن نقوم به نحن التجار دعما لإخواننا في قطاع غزة".

مضيفاً إلى "تحول المقاطعة من فكرة إلى مبدأ، بدليل استمرار حملة المقاطعة على مدار عام كامل دون توقف"، مؤكداً على أن "أغلب الأردنيين أو الزبائن يقومون من تلقاء أنفسهم بالسؤال عن بلد المنشأ للمنتجات للتأكد من أنها لا تدعم الاحتلال الإسرائيلي".

التزام شبه كامل

وبيّن استطلاع رأي لمركز الدراسات الإستراتيجية في الجامعة الأردنية، نشر في تشرين الثاني/نوفمبر 2023، التزام 93 بالمئة من الأردنيين بمقاطعة المنتجات الإسرائيلية والأميركية، وتلك التي تنتجها دول داعمة للاحتلال، وأن نحو 95 بالمئة من المقاطعين توجهوا نحو منتجات بديلة محليّة الصنع، في حين رأى نحو 72 بالمئة من الأردنيين أن تلك الحملات لا تؤثر في الاقتصاد الوطني.

وشملت حملات المقاطعة الأردنية، منتجات: الأدوية والأغذية، والمشروبات، والمنظفات، والمطاعم والمقاهي، وبينما بدأ يتحدث البعض عن الفجوة التي ستخلفها المقاطعة في سوق العمل؛ نظرا لأن العديد من العاملين في هذه المنشآت خسروا أعمالهم أو هم مهددون بذلك، أعلنت عدد من الشركات المحلية عن تخصيص 100 وظيفة شاغرة لكل موظف يعمل في أي شركة داعمة للاحتلال، أو يفكر في ترك وظيفته، أو تركها أخيرا بسبب الحرب على غزة.

ويرى خبراء أنه ورغم توقيع الأردن اتفاقية سلام مع الاحتلال الإسرائيلي عام 1994، فإن تطبيع العلاقات بين الجانبين بقي في الإطار الرسمي، ولم ينعكس على التجارة والاستثمار وغيرها إلا في حدود ضيقة، حيث يرفض الشارع الأردني إقامة علاقات طبيعية مع الاحتلال.

ودخلت حرب الإبادة الجماعية على قطاع غزة، عامها الثاني على التوالي، حيث يواصل جيش الاحتلال الإسرائيلي منذ السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023، عدوانه على القطاع بمساندة أمريكية وأوروبية، وتقصف طائراته محيط المستشفيات والبنايات والأبراج ومنازل المدنيين الفلسطينيين وتدمرها فوق رؤوس ساكنيها، ويمنع دخول الماء والغذاء والدواء والوقود.

وسوم: العدد 1098