شيء عن المعارضة .. 

شيء عن المعارضة .. 

عقاب يحيى

أقرأ كثيرا من اللوم، والشتائم.. وتحميل المسؤولية للمعارضة : القديمة . التاريخية . التي عارضت النظام وقاومته بما تملك من وسائل وإمكانت.. منذ انقلاب التفحيح، ثم في السنوات اللاحقة ـ لبعضها ـ وكأنها شتيمة كبرى أن تكون معارضاً قديماً.. وكانك مدان لأنك دفعت العمر في موقف احترمت فيه ما تؤمن به..وهذا ظلم، وفيه تعميم، وتسطيح للظروف والمراحل.. وحتى للمحاكمة وإطلاق الأحكام..

ـ كتبت على مدار السنوات عشرات المقالات والدراسات عن أزمة المعارضة . إشكالياتها . عوامل هامشيتها وضعفها.. قبل الثورة وبعدها. عن الذي قدّمته، أو قصّرت فيه. عن موقفها من الثورة وموقعها فيها.. ومحاولة عديد ركوبها، وفرض نوع من الوصاية عليها. عن جراثيم التشتت والفٍرقة وموقع الاختلاف في أوضاعنا. عن اسباب عدم فرز الثورة لقيادات من إنتاجها وأثر ذلك فيها . التسليح وما حمل وفرّخ. التدخلات والتداخلات الإقليمية والدولية وما أنتجت..

ـ يعلم الجميع.. وكنا على مدار السنوات ننتبه لذلك كي لا تصبح الماضوية حياتنا، خاصة في الهجرة القسرية وضيقها ومضايقاتها، وسنوات البيات والفوات ومفرزاتها.. بأن كل التضحيات. كل الماضوية . كل" البطولات" . كل الذكريات لن تكوت لها قيمة كبيرة ما لم تنتج وتنتصر، وفي أحسن الحالات ستبقى خاصة بأصحابها، وقلة قليلة قد يهتمون، وقد يستمعون لسرد الذكريات والماضي.. مرة.. وثانية ثم يميلون بوجوههم بحثاً عن الجدوى، والواقع، والأمل..وأن الماضي ومهما غالينا بتضحياتنا فيه، وبالغنا بنضالاتنا.. وما قدّمناه.. يجب ألا يكون حاضرنا ومستقبلنا، والسجن الذي يشدّ وثاق الذهن، ويمنع رؤية المتغيرات، والاعتراف بدور الآخرين، خاصة من الشباب الذين فجروا الثورة، وقاموا بما عجزنا عنه عقوداً..

ـ لكن ليس من الإنصاف أن نشطب تاريخاً طويلاً من المحاولات والتضحيات الفعلية. من السجون والتعذيب والملاحقة والمرار.. لأن المعارضة لم تنجح في إسقاط النظام، أو القيام بالثورة..أو .. وأوات كثيرات.. وليس عدلاً إلقاء التهم بالجملة وجزافاً.. في وقت اننا نحتاج التحليل لمعرفة اسباب أوضاعنا، ونحتاج النقد الموضوعي الشجاع الذي يشرّح كل السلبيات .. ويفضح الخطايا ومواطن القصور.. وكثير من ظواهر تطفو على السطح كعبء ثقيل.. والتي لا تحتكرها المعارضة التقليدية وحسب.. بل هي سمة عامة.. ناهيك عن كثير متصدري الواجهات الإعلامية والمواقع هم من المعارضة الجديدة.. الذين رضع كثيرهم من حليب النظام ونسغ منظومته..وقد دفعت عدة ظروف غير موضوعية ليتصدروا، ويصبح كثيرهم في موقع الواجهة.. 

ـ نعم المعارضة.. على العموم ـ تتحمل مسؤولية كبيرة فيما وصلنا إليه، خاصة في مجال عدم قدرتها على صياغة التوافقات والمشتركات والعمل في أطر واحدة تضعف فيها الأنا المتضخمة، والدمامل المتقيحة، واحتكار قيادة الثورة، أو الركوب عليها..لكن أزمة الثورة السورية اليوم تتجاوز ذلك إلى ما يرتبط بالبنية والتكوين.. ودور المال السياسي، والدول، ومخزون العقود المتفجر في معظمنا، وهذه الشراهة المفتوحة المدججة بكل وسائل البروز والتنافس على المواقع، وكثير من مظاهر سلبية تكاد أن تصبح صناعة سورية خالصة ..وهي تشمل الجميع : شباباً ومتوسطين وكباراَ..وبتفاوت نسبي..

ـ المعارضة التقليدية مطالبة بتقديم واجبها في الالتحام بالثورة، وليس ركوبها، والقيام بدور جسر الهوة بين الأجيال، وتقديم خبراتها وقدراتها في خدمة الثورة وليس في أي قناة جانبية..كما أن أجيال الشباب مطالبة بالكثير من التفاعل مع تجاربنا وحصائل دروسنا.. ومن تكوين الجسر الفعلي بين الأمس واليوم لبناء الغد ..وبمشاركة متفاعلة من الجميع ..