حيرتونا... لا تحتاروا
م. محمد حسن فقيه
احتدم الجدل كثيرا بين الناشطين والمحسوبين على الثورة السورية وداعميها ، والحديث عن الكتائب الإسلامية والتي دخل بعضها من الخارج ومن جنسيات مختلفة لتقاتل إلى جانب الثوار والجيش الحر ضد الطغمة الحاكمة في سورية والتي تعيث فيها فسادا تقصف وتقتل وتذبح وتدمر ، بعد أن تدفقت إليها قطعان الطائفيين نصرة لنظام الإجرام من عصابات إيران وميليشياتها ، والتي تقاطرت من شتى البقاع بدافع عقائدي وحقد طائفي متأصل ، تدافع عن طاغوت ومجرم حرب مع أنها تكفرّه في عقيدتها بحسب فتوى( إمامها المعصوم ) الحسن العسكري – الإمام الحادي عشر... ولكن الإرث المجوسي من الحقد على العروبة والإسلام قد تخطى وتجاوز هذه الفتوى- من المعصوم- لتحقيق الحلم المنشود في معركة كربلاء الجديدة نصرة للحسين المظلوم !!!
وهم – شيعته - الذين تخلّوا عنه وخذلوه بعد أن أرسلوا له ليبايعوه ، وكانوا في المعسكر الذي قتله رضوان الله عليه وأدخله فسيح جناته .
يقولون ... ( العرب ... والمسلمون ) : ناديتمونا أين أنتم يا عرب .... أين أنتم يا مسلمون ....
فلبينا النداء وأرسلنا إليكم المجاهدين ليدافعوا عن بلاد الشام من الطواغيت والنصيرية وحلفائهم من المجوس وأشياعهم .
وأرسلنا إليكم مجاهدين من بلداننا وحتى جهزنا لكم مجاهدين من أفغانستان ليقفوا معكم ضد الطاغوت وهذه الحرب الطائفية .... ولمّا أرسلناهم بدأتم تتهجمون عليهم وتصفونهم بالمتطرفين والتكفيريين ... وغير ذلك .... وقلتم لسنا بحاجة إلى الرجال ...
حيرتمونا .... يا سوريين .
وأنا أؤكد أن أحرار سورية ليسوا بحاجة إلى رجال فعلا فعندهم من الشباب الثائر المجاهد وأبطال الجيش الحر ما يتكفل بإسقاط هذا النظام ودحره لو تم دعم الثوار بأسلحة نوعية ... لا تتجاوز ربع لا بل معشار ما يتدفق على نظام الإجرام من روسيا وإيران وغيرهما ... نعم إن القريب يعلم حقيقة تلك اللعبة القذرة التي يلعبها المجتمع الدولي لإطالة أمد الحرب ، حتى يتم تدمير البلد وسحق مقدراتها لتبقى بعد الرحيل الحتمي للطاغوت دولة ضعيفة هشة ، لا تشكل أي تهديد أو خطر على جيرانها وعلى رأسهم العدو الصهيوني ، الذي يحتل أرضها ويحرسها له نظام العهر والإجرام في دمشق تحت لا فتة المقاومة والممانعة ... وبعد أن بيعت الجولان من الأب المقبور إلى بني صهيون ثمنا لاستمرار كرسيه وتوريث أولاده من بعده .
ومع أن سورية ليست بحاجة إلى الرجال ، إلا أن باب الجهاد مفتوح على مصراعيه وثوار سورية بحاجة إلى كل عمل وخبرة يساهم في إسقاط هذا النظام التتري المجرم ، وباب الجهاد ينادي الجميع ، ولكن من يأتي من الخارج عليه أن يأتي ضيفا .... لا حاكما ... ولا متسلطا ... ولا محتلا ... وللضيف أدب ... وآداب
في إحدى زياراتي إلى منطقة الحدود في الشهر الأخير من عام 2011 كلمني أحد الشباب من الناشطين الإعلاميين يستشيرني في أمر إحدى المجموعات الإسلامية وهي إحدى مجموعتين يومها على الحدود لا يوجد غيرهما ، وكانت أعدادهم بالعشرات دون المائة وغالبيتهم عزل ينتظرون من يسلحهم والربع الباقي لديه أسلحة خفيفة فردية ... يقول لي صديقي ... ( تعرض عليّ هذه المجموعة أن أتولى قيادتها في الداخل وتنضوي تحت إمرة الجيش الحر ... ولا تتصرف أي تصرف مهما كان إلا بعد الرجوع إليّ ... وبعد تحرير سورية يغادرون إلى بلدانهم أو أي حهة أخرى ) فما رأيك ؟
إذن هم يعرفون حكم الضيف وآداب الضيف ، وبقوا على الحدود حتى أتى من يوافق على طلبهم .
أجبته : رأيي أن تعتذر إليهم فلسنا اليوم بحاجة إلى الرجال .
علما بأن صديقي - هذا –الذي عرض عليه الإسلاميون – أولئك – كان شابا فطريا بسيطا ، عاش في كنف النظام ، لا يعرف شيئا عن الإسلام ولا الجماعات الإسلامية ولا التنظيمات .
هذا حكم الضيف وآداب الضيافة إذن وهذه أدب الجهاد لمن أراد أن يجاهد في سورية ، أما أن يأتي إليها البعض ممن يحمل فكريا تكفيريا متطرفا ، يكفر مجاهديننا ويحارب ثوارنا ولا يفرق بين أبطال جيشنا الحر ومجرمي النظام ... ويتصرف مع شعبنا الفطري المسلم بصفة الفوقية والإحتلال ، فهؤلاء مشروع فتنة على أرضنا ، لا يخدم بلدنا ولا يقدم لثورتنا إلا الدمار ، والإقتتال الداخلي وانحراف الثورة وجرّها إلى المجهول .
هناك الكثير من المجاهدين العرب على أرضنا يتقيدون بآداب الضيف ويبلون بلاء حسنا ضد العدو المجرم ... نوجه لهم التحية ونكن لهم كل احترام مقدرين جهادهم وغربتهم وتضحياتهم ، إلا أن كلامنا هنا ينحصر عن الشق الآخر ... والذي من المحال أن يكون خلفه قيادة واعية أومخلصة ... بل إن كثيرا من المؤشرات تؤكد أن قيادات هذه المجاميع تتصرف بأجندة خبيثة ، وتعمل لمصلحة جهات خارجية ، تخدم النظام إن لم تكن من صنعه أو صنع حلفائه في إيران أو روسيا ، فتسيء إلى الإسلام وتعمل كحجر عثرة في طريق الثورة السورية ، وتتحول إلى مشروع فتنة في المناطق التي تم تحريرها من قبل الثوار والجيش الحر ، بعد أن عجز النظام على دخولها ، فإنه يخترقها بتلك المجاميع التي تحرك قياداتها الخفية في الوقت المناسب والمكان الناسب ، وتقدم لها الدعم السري اللازم .
إن المجموعات المتطرفة التي دخلت سورية دخلت بإشراف قوى دولية ومراقبة استخبارات عالمية وتوجيهات خفية ، لإطالة أمد الثورة وبث الفتنة والإساءة للإسلام كدين سماوي ، رغم التحذيرات المتعددة من قبل الثوار والناشطين والمعارضة ، والتي قدمت إلى جميع الداعمين والأصدقاء والحلفاء للثورة السورية منذ أمد بعيد ... إلا أن الأمر بدل أن يتقلص وينكمش ، انتشر واتسع حتى استشرى أمره في بعض المناطق وتحول إلى سرطان خبيث لا بد من استئصاله .
وأخيرا ألخص آداب الجهاد والمجاهدين العرب والمسلمين الذين يأتون لنصرة شعبنا المظلوم ضد نظام الطغيان والإجرام والإستبداد .
1 – أن يكونوا بعيدين عن الفكر التكفيري والنهج المتطرف .
2 – أن يعملوا تحت إمرة ثوارنا البواسل ولهم الحق في اختيار الكتائب والألوية التي يعملون بها برضى الطرفين .
3- مواقع تمركزهم على الجبهات وفي المناطق الساخنة .
4 – أن يتركوا المناطق المحررة ولايتدخلوا في شأن البلد والمجالس المدنية والمحلية والخدمات ... فمهمتهم أجل من ذلك وأكبر .
5 – أن يغادروا البلاد بعد تحريرها من الطغمة الحاكمة أو عندما يطلب منهم الخروج من قبل الثوار والجيش الحر .
وكلمة أخيرة أوجهها لمن ........... حيرناهم ....
وأقول لهم ............. لا تحتاروا .... وبعد :
لا نريد منكم سوى الدعم المادي للاجئينا ونازحينا والعتاد النوعي لثوارنا ومجاهدينا ... فلو قدمتم لبلاد الشام خلال ثورتها اللاحبة الطويلة ضد طاغوت الشام وأشياعه معشار ما قدمتم لانقلاب مصرفي يومين ضد رئيس مؤمن .... لتحررت سورية منذ أمد بعيد ....
وفهمكم ..... كفاية .