الكثير يسأل ويسألني الكثير... سورية إلى أين

الكثير يسأل ويسألني الكثير...

سورية إلى أين؟

د.عبد الغني حمدو /باحث وأكاديمي سوري

[email protected]

[email protected]

ليس السؤال إلا ! ناتج عن الحيرة , والتي وصل لها الكثيرون من الشعب السوري في الخارج والداخل وطول الزمن وكثرة الشهداء , وكثرة القتل بسبب أو بدون سبب , وكل مقتول هو من الشعب السوري , والقاتل منه , والناس في منتصف الطريقوهي في موقف لايحسد عليه , وتذكرني الحالة بطارق بن زياد رحمه الله , عندما عبر البحر مع جيشه ووصل بر الأندلس , وأمر بحرق المراكب التي أقلته وأقلت جيشه , وخاطبهم بقوله (البحر من ورائكم والعدو من أمامكم ) . إن تقييم الحالة من الناحية العسكرية لتصرف  بن زياد في حرقه المراكب كان خطأ فادحاً , لأنه لم يترك أمام جيشه فرصة للآنسحاب , إن كان جريان واقع المعركة لصالح العدو , ولو حللنا موقفه من الداخل وإصراره على حرق المراكب , لوجدنا حتماً القناعة في داخله , النصر أو الشهادة , وهما كلا الحسنيين , كما وصفهما الله تعالى في كتابه العزيز .

وحال الثورة الآن هي كما عبر عنها ابن زياد , مع اختلاف الزمان والمكان والشكل , في أن العدو أمامه , وإن تراجع فالعدو ملاحقه , وسيقتل منه الكثير, ومن يبقى حياً سيكون ذليلاً مهاناً فقيراً حائرا , لالون له ولا طعم ,وهو حي ميت وميت حي .

إن وجود عصابة مكونة من عدة أفراد في مدينة ما , ترهق الدولة كلها قد تطول الفترة أو قد تقصر

والديكتاتور أو الحاكم المستبد والشمولي لايسقط إلا بسبل معروفة , ثورة شعبية , أو عدو خارجي , وكان نصيب الثورة السورية والساعية لاسقاط الطاغية , هي ثورة شعبية , ممتدة على كافة التراب السوري , ونتيجة ممارسات الطاغية الاجرامية , ضد الحركة السلمية , بدأ حراك من نوع آخر بجانب الحراك السلمي هم المسلحون والمنشقون عن الجيش السوري , والمسمى حالياً بالجيش السوري الحر .

عناصر هذا الجيش لايوجد عنده إلا خيار واحد فقط , النصر أو الشهادة , فكل عناصره معرضين للتصفية الجسدية مباشرة , وهنا ليس أمامه إلا الدفاع عن نفسه , والهجوم على العدو كوضع جيش ابن زياد بعد حرق المراكب .

تشير التقديرات الأولية إلى أن عدد عناصر الجيش الحر , يقدر بعشرات الآلاف , موزعين في مجموعات , على كافة المناطق والمدن السورية , ويحملون السلاح , وعندهم خبرات قتالية , والزيادة بأعدادهم بشكل مطرد , وعدوهم في تناقص , معنوياتهم عالية , فهم يدافعون عن الحق والوطن والأهل ,بينما عدوهم يدافع عن حفنة قذرة تحكمت في البلاد والعباد , ويشنون حرب عصابات ضد هذه الحفنة القذرة ومن والاها , فلو اجتمعت أقوى جيوش العالم لمحاربة هؤلاء الأبطال من الجيش الحر لفشلت فشلاً ذريعا , فانسحاب قوات التحالف من العراق , كان نتيجة لمقاومة أعداد قليلة مناهضة للإحتلال ,في مقابل قوات التحالف وثمانين بالمائة من الشعب العراقي ضدهم . فلو يمتلك الطاغي وزمرته العفنة ذرة من عقل , لخرجوا من الحكم بأقل التكاليف , ولكنهم صم بكم عمي لايفقهون , أعمى الله بصائرهم وطمث على قلوبهم , حتى تكون نهايتهم سيئة عليهم للغاية وعلى من يقف موالياً لهم , وأن لا يكون لهم عودة أخرى أبداً .

وحتى يكون سقوطهم سريعاً ساحقاً مفاجئاً ,يحتاج جيشنا الحر البطل لبعض الأشياء:

1-    الحذر من التلاعب فيه وشق صفوفه , في وجود بعض الضباط في الخارج , تابعين للطاغي , مهمتهم هدم كيان الجيش الحر

2-    التركيز على مفصلين رئيسيين من مفاصل النظام , والقيام بعمليات نوعية من قبل الجيش الحر , داخل مدينتي دمشق وحلب , فدمشق الثقل المركزي السياسي والعسكري والأمني, وحلب الثقل الاقتصادي للطاغي , والعمل داخل هاتين المدينتين سيكون هو الحربة التي ستنغرذ في قلب السلطة الطاغية .

3-    على جميع المقتدرين من السوريين المعارضين والمؤيدين للثورة , العمل على تأمين عشرة ملايين دولار شهرياً للثورة ودعم الجيش الحر , فعدد المغتربين السوريين , 17مليون مغترب , فلو تبرع كل شخص ب60 سنت في الشهر لجمع المبلغ .

4-    فبعون الله لو تم تأمين هذا المبلغ لأبطالنا في الداخل , لسقط النظام , ومجلس الأمن يناقش التدخل  من عدمه , فعندما يتوفر المال تتوفر وسائل القوة من عتاد وسلاح ودعم لوجستي , فمتى يعي المجلس الوطني وبقية فصائل المعارضة هذه الحقائق ؟ وأن النظام ساقط لامحالة عاجلاً او آجلاً بعون الله تعالى , وسيكون عاجلاً عندما نوفر للجيش الحر عشرة ملايين دولار دفعة واحدة لتأمين مستلزماته , وقناعتي لن تدفع إلا مرة واحدة , لأنه عند حلول الشهر التالي سيكون الأحرار داعسون فوق رؤوس الطغاة .