يا "لولا"
يا "لولا":
هيهات أن تُحرج الرؤساء والزعماء
أ.د. ناصر أحمد سنه - كاتب وأكاديمي من مصر
ذلك النقابي البرازيلي" الرائع".
ذلك النقابي الذي أمضي، فقط، فترتين رئاسيتين للبرازيل فتقلها نقلة نوعية..تنموية وديموقراطية غير مسبوقة.
ذلك النقابي الذي حقق لبلاده معدلا للنمو فاق 7% . ليس هذا فحسب، بل الأهم من ذلك المعدل التنموي المرتفع، هو "التوزيع العادل" لمداخيله علي كافة الناس والطبقات البرازيلية. ذلك علي عكس الحال الشائعة في كثير من البلاد والشعوب التعيسة بالمتحكمين فيها، فتبقي حكراً علي أهل الثروة، الذين هم أيضا أهل السلطة. لقد أجري، ذلك النقابي"عدالة اجتماعية" فنجح ومؤسسة حكمه في غخراد نحو 20 مليون مواطن برازيلي من دائرة الفقر.. في حين في كثير من البلاد والشعوب التعيسة بالمتحكمين فيها، يدخل كل يوم أفواج من الناس إلي دائرة الفقر ، او ما دون دائرة الفقر إن كان هناك ما دونها. ألم يأتكم، بالأمس القريب نبأ ـ "أنموذج علي سبيل المثال لا الحصر" من ولاية سيدي "بو زيد" التونسيةـ هذين الشابين الذين انتحرا يأساً من نُـظم لا توفر لهما عملاً. وهما يسعيان له ليل نهار كي يعيشا حياة كريمة بعيدة عن ذل التبطل، ومذلة السؤال.
ذلك النقابي/ الرئيس الذي مكن لبلاده مكانتها المرموقة دولياً. فشاهدنا مواقفها وحضورها البارز في كثير من المواقف والأزمات الدولية، وبخاصة، مع "الشقيقة تركيا" في قضية التخصيب "الخارجي" لليورانيوم للمفاعل النووي السلمي الإيراني.
ذلك النقابي/ الرئيس الذي رغم حيازته شعبية جارفة وشرعية يفتقدها كثير الأنظمة المتغلبة المتحكمة في مصائر بلاد وعباد، لم يسع لتعديل الدستور كي يتمكن من الحكم لفترة "ولاية" رئاسية ثالثة. بل نراه يفضل ترك المسئولية لرئيسة الوزراء لتكون أول رئيسة للبرازيل.
ما هذا " يا" لولا"؟
لماذا أنت والفريق "عبد الرحمن سوار الذهب"، والمخضرم العتيد "نيلسون مانيلا" تضربون نموذجاً فريدا " للزهد" في كرسي الرئاسة الذي ما إن يجلس عليه واحدا منهم حتى لا ينزعه عنه إلا الموت.
لماذا يا "لولا دي سيلفا"، وما زالت بلادك في عداد ما يسمي بـ"دول العالم الثالث / النامي" تُحرج نظرائك بفعلتك "الديمقراطية النكراء" هذه؟.
لماذا يا رجل تصدق وتنفذ "تداولاً سلمياً علي السلطة"؟.
لماذا "يا لولا" تتنازل عما لا يتنازلون عنه إلا نادرا؟ً.
هل أردت دخول موسوعة "جينز" لتكون أنت والبرازيل في مصاف الرؤساء والبلاد الديمقراطية؟.
دورتين فقط يا رجل؟!، أين أنت ممن يبقي رئيساً وزعيماً يجلس عشرين وثلاثين وأربعين، ولا تسعفني الذاكرة فيمن بقي خمسين عاماً، علي كرسي الحكم؟، وهم يسيرون بلادهم "البوليسية" نحو الضعف والتشرذم والتفكك كي يستمروا في التحكم في مصائر البلاد والعباد.
لقد خاب وخسر مستشاروك، والمنتفعون و"حملة المباخر"، و" ترزية القوانين" من حولك، حينما ـ وأنت المرغوب شعبياً وشرعياً، لم يعدلوا لك الدستور، بين عشية وضحاها بل قبل ضحاها، لتتمكن من تولي ولاية ثالثة ورابعة وخامسة وسادسة، بل ليس ثمة داع لذكر العدد، فيقال: ولاية رئاسية جديدة، و"الجديد ضد القديم يا دعاة القديم". بل سريعا ما يـُلغوا ـ والعهدة علي الاستفتاءات خيار الشعوب ـ هذه الفقرة التي تحدد مدة بقاء الرئيس بفترتين فهي غير معمول بها في دول العالم الثالث/ النامي، فالرؤساء فيها من القصور إلي القبور.
حتى وإن زهدت في الحكم، وتريد التفرغ لأي شيء تحبه، ألم يأخذ هؤلاء المستشارون و"سدنة الحكم" دورات تدريبية في "تعديل/ توليف/ ضبط/ تهذيب/ تطوير/إصلاح مواد الدستور كي تورث الحكم لمن تشاء من نسلك وأهلك وعشيرتك وأصدقائك وأحبابك ومريديك؟.
يا "لولا" هل تريد أن إحراج هؤلاء الرؤساء والزعماء.. هيهات هيهات لما تريد؟. بل سيصفونك أنك أنت الملوم، وأنت...، وأنت.....
لكن علي أية حال.. شكرا لك يا" لولا دي سيلفا" فقد أديت ما عليك. والأمنيات لك بحياة هنيئة رغدة بعيدا عن السياسة ، و"ألاعيبها"، وأهلها ورؤسائها وزعمائها الذين يقولون مالا يفعلون، ويبقون فلا يموتون، والحياة تتغير وهم لا يتغيرون، ويصحّون فلا يمرضون، فموائدهم ملئ، وبطون الناس خاوية، ويشاهدون فلا يتعظون، وتحرجهم فلا يتحرجون.. "فالسلطة المطلقة مفسدة/ معماة مطلقة"، وهم لا يريدونها إلا أن تنتزع إلا انتزاعاً. وهل خبر شاة إيران "محمد رضا بهلوي"، والدكتاتور الروماني "نيقولاي شاوشيسكو"، والصربي"سلوبودان مليسوفيتش" وغيرهم منك بعيد.
وللحرية الحمراء باب بكل يدٍ مضرجة بالدماء يدق.
وهذا شاعر تونس الكبير " أبو القاسم الشابي":
إذا الشعب يوماً أراد الحياة فلا بد أن يستجيب القدر.