فإن لم يصبها وابل فطل
د. منير محمد الغضبان *
إي والله هكذا حدثنا الله تعالى وهو يضرب الأمثال عن الجنة بربوة.
أنت يا دمشق تلك الجنة بربوة ، وأنت عروس الشام ، وأنت زهرة الشام وأنت عاصمة الشام . لماذا يمنع عنك الوابل والطل ..
لم يسجن شيخ المجاهدين ابن الثمانين الأستاذ هيثم المالح وهو الوابل لهذه الأمة ، قلعة صمودها ، وذروة شموخها واستعلائها .
إنه الوابل بطل الحرية التي تربينا عليها منذ نعومة أظفارنا ، فكان هو الذي تمثل به الدفاع عنها والذود عنها ، والعمل لتحقيقها
إنه يريد الخير للأمة , وهو الذي يحيي الأمة بالفكر كما تحيا الأرض العطشى بالوابل الطيب.
((إذا رأيت أمتي تهاب أن تقول للظالم يا ظالم ، فقد تودع منها ))
فهو الذي أحيانا وما هاب أن يقول كلمة الحق في وجه الظالمين ، وأعلمنا أن في الأمة خيرا ونماء وبركة وقوة .
وكان الطل من هذا النماء.
كان على الجيل الجديد الذي اختار لتمثيله فتاة الشام طل الملوحي . وتغذت بالنسغ الذي ورثته من الوابل . وراحت تقول كلمة الحق وهي بنت العشرين ربيعا .لتقر عين أبي الحرية المالح . أنها ممن أ,نجبها ذلك الثبات ، وذلك الصمود ، وتلك الجرأة في الحق ، وستقوم هي مقام الوارث لتلك البطولة ، وتلك التضحية ، وتلك الجرأة . لقد قالت بلسان جيل الأمة الناشيء الجديد . والذي اختار الفتاة الأنثى لتكون ناطقة باسمه ،
إنها تخشى أن تكون هويتنا قد ضاعت ، فتخاطب القدس نيابة عن العرب كل العرب :
يا قدس..
هل ضاعت هويتنا
هل ما يدل على هويتنا صوى دمنا؟
دمناالذي يتسلق البخار ..
ومنا الذي سفكه ..
ألف ....ألف جلاد
ومنا الذي كتب على جلودنا الآيات
((سبحان الذي أسرى بعبده ))
وأطمئنك يا ابنتي أن هويتنا لن تضيع ، وأكبر دليل على ذلك أنك قابعة في أعماق السجون ودوا لو يخنقونك فتخنق الهوية ،ولكن معاذ الله ..
إنك رمز جيل ومن يسميك عميلة فهو العميل ،
فأنت طل ، وأنت الاسم الذي اختاره أبواك لك ، وتبقى الحياة حتى لو غاب الوابل فإن لم يصبها وابل فطل . وتبقى الحياة في الجنة ذات الربوة طالما أنة الطل أصابها .
وما أظن أن حبسك في أعماق السجون يقضي على حياة الأمة ، إنما يقضي على حياة أعداء الأمة ، وهذا العالم كله يعيش معك مأساتك .لأنها مأساة سورية .
مأساة أصغر سجينة في العالم، وأكبر سجين في العالم ، ومن حق النظام أن يدخل في موسوعة جينيس فسيكون الفائز الأول بلا منازع بالسجن من العشرين إلى الثمانين من أجل الرأي من أجب الحرية .
ألم تقولي:
من المحيط إلى الجحيم ..
نصبو المشانق من جديد ، لكل فجر .. آت من بعيد ..
ولكل مشنقة مليون واحد من العبيد .
فالفجر لن يشنقنا ..
ما دريت يا ابنتي أنك أنت الفجر . وهاهم الآن يحبسون الفجر ، يحبسون النور ، يصرون على الظلام فالفجر آت وأنت محررة بإذن الله
أنت يا طل ظاهرة ولست متآمرة .
أنت يا طل بقايا الحياة ، وسنبقى أحياء ما دام جيلنا يحمل أمثالك ، أنت فقط رمز أجيال ، بل أنت معلمة أجيال، ولقد ودعتنا بقولك :
فالفجر لن يشنقنا
والسيف في غمد قديم ..
وعنق النخل ملوي ,,
وعمر في سفر بعيد ..
مر المحارب من هنا ..
إنه عندك يا طل . ألست سليلة ابن الوليد . ألست من أهل حمص التي أحبها خالد فاختار مثواه فيها ، وقال لنا :
((والله مافي صدري من شبر إلا وفيه ضربه بسيف أو طعنة برمح أو رمية بسهم ، وها أنذا أموت على فراشي كما يموت البعير فلا نامت أعين الجبناء.
يا طل ، عجيب أنك تصفين نفسك ، ولا تعلمين ما خبأ لك القدر ..
مر المحارب من هنا
يحمل في قلبه الوصايا ..
يحمل عشقا على أغصان من جديد ..
يمشي نحو أغنية بعيدة ..
يمشي ويمشي إلى الحرية ..
فتحاصره كل زجاجات الخمر المستوردة ..
حقا ما يحاصرك إلا زجاجات الخمر المستوردة ، والمخمورون الذين يموتون ويحيون فيها ، ولكن المحارب ماض إلى الحرية :
من أنت يا طل ..
إنك تكتبين تاريخا كاملا بهذه القصيدة .
وحق لكل زجاجات الخمر المستوردة أن تحاصرك ..وقلبنا كله عليك ..وأملنا كله فيك ..فماذا تقولين لنا؟
فعلقوا نجمي المضيء
على الصليب ..
ثم اذبحوه .
واتركوا دمه يسيل..
نحو كل الحدود ..
والسري يكون ..
من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى ..
يا ابنتي – وليعذرني أباك العظيم الذي رباك ، فلم تعودي ملكا له ، بل صرت ملكا للأمة كل أب فيها هو أبوك وكل أخ فيها أخوك ، وكل أم عظيمة هي أمك ..
ترى لو قلت تلك القصيدة ، ثم مرت هكذا دون أن يلتفت إليها أحد ..
هل تعرف الناس ما تحمل السجون وما يحمل الإرهاب في سورية ، ويا حسرتا على الإرهاب يذبح نفسه بنفسه
هل النظام المستبد بحاجة إلى أن يهيج العالم عليه لسجن فتاة لم تتم العشرين ربيعا من حياتها ..
ولكنه اختار موته على حياته ..
فمتى يعقل الاستبداد آثار استبداده ..
لقد كشفت الزيف المغطى كله.
وكشفت الدكتاتورية العاتية كلها .. فأنت خط أحمر ..وذكرك يقود إلى سفك الدم الأحمر ، ويقول عنك : أنت عميلة
إي والله عميلة لله ، وحرة فوق كل طغاة الأرض ، لأنك قلت كلمة الحق ..
ولم تخشي في الله لومة لائم
يا طل .. يا أيها الأمل ..لا تقتلوا الأمر في نفوسنا أيها المستبدون . فالطل هي التي تبعث الحياة من جديد فأطلقوا إسارها..
يا شيخ المجاهدين يا أيها الأمل ، أيها الوابل . لا تقتلوا الأمر في نفوسنا أيها المستبدون فأطلقوا إساره ..
وإن أنجبت يا هيثم ..شبلتك المعنوية طل فأنا أعلم أنك تقول من أعماقك : حرروا ابنتي وافعلوا بي ما تشاؤون .
وأنت يا جنة بربوة .. يا دمشق ا شام يا قدس..
حتى متى تحرمين الوابل والطل .؟
ولكل أمة أجل
((فإن لم يصبها وابل فطل ، والله بما تعملون بصير ))
والصورة المقابلة لمنع الوابل والطل هو احتراق الوطن ..
((أيود أحدكم أن تكون له جنة من نخيل وأعناب . له فيها من كل الثمرات وله ذرية ضعفاء فأصابها إعصار فيه نار فاحترقت ))
لا تكونوا أيها المستبدون في وسرية الإعصار الذي فيه النار لتحرقوا الجنة ، وأطلقوا الوابل والطل من إسارهم لتكونوا رحمة للأمة .
أليس فيكم رجل رشيد؟
* باحث إسلامي سوري