من سِجِلّ النظام السوريّ السفّاح

من سِجِلّ النظام السوريّ السفّاح

د.محمد بسام يوسف*

[email protected]

في الأول من شهر كانون الثاني لعام 1981م، أي منذ سبعةٍ وعشرين عاماً.. اقتادوهم إلى ساحة الملعب البلديّ في حلب، وقتلوهم بدمٍ بارد، كانوا ثمانين رجلاً من مواطني سورية الأبيّة.. سورية التي علّمت شعوبَ الأرض كيف تُنتَزَع الحرّية.. تسلّط عليها نظام سفّاح، خنق فيها الكلمة والنسمة والبسمة، وارتكب فوق أرضها أبشع ما يمكن أن يرتكبَه نظام حُكمٍ بحق شعبه.. هي واحدة من المجازر البشعة التي اقترفتها العصابة الأسدية تحت سمع العالَم وبصره، دون أن يُحرِّكَ ساكناً.. حتى اليوم.. بل حتى لحظة كتابة هذه السطور!..

لو كان هذا العالَم الذي يحلو له أن يُطلِقَ على نفسه اسم (العالَم الحُرّ)!.. لو كان يملك ذرة مصداقية.. لصرخَ، أو نَبَسَ، أو حتى هَمَس.. في وجه هذه العصابة المجرمة التي تتسلّط على رقاب شعب.. هذا العالَم الذي يملأ الدنيا صخباً وعويلاً على ما يُطلِقُ عليه (حقوق الحيوان).. فتتحرّك آلته الإعلامية الضخمة للدفاع عن (حق) كلبٍ أو هِرٍّ أو قرد.. لا يجد أيَّ غضاضةٍ من التعامل مع وحوشٍ بشريةٍ تغتصِب وطناً وتتحكّم برقاب ملايين البشر، بل يساومها ويعقد الصفقات معها!..

سِجِلّ النظام الأسديّ الإرهابيّ حافل بالجرائم، بمختلف الأنواع والأحجام والقياسات، من مجازر واغتيالاتٍ وانتهاكات.. وفي ذكرى جريمته المذكورة التي اقترفها في مدينة حلب منذ أكثر من ربع قرن، نُذكِّر العالَم بأهم مجازره المرتَكَبة، لعلّ ذلك يُحرِّك بعضاً من ضميرٍ إنسانيٍّ حَيّ، فيُرفَع الغطاء عن هذه العصابة الإرهابية الأسدية الحاكمة:

1- مجازر الاحتجاجات على ما يُسمى بالدستور الدائم، الذي فرضه حافظ أسد على الشعب السوريّ فرضاً، وذلك في عام 1973م، وقد راح ضحاياها عشرات القتلى (بعضهم أطفال وفتيان) ومئات الجرحى والمعتَقَلين في حمص وحماة واللاذقية.

2- مجزرة جسر الشغور بتاريخ (10/3/1980م)، التي راح ضحيّتها ستون مواطناً، ومثلهم من الجرحى، مع تهديم أو إحراق خمسة عشر منـزلاً وأربعين محلاً تجارياً.

3- مجزرة حماة الأولى بتاريخ (5-12/4/1980م)، التي قُتل فيها المئات من المواطنين، من أبرز شهدائها : الدكتور (عمر الشيشكلي) رئيس جمعية أطباء العيون، وقد قُلِعَت عيناه وألقيت جثته في حقلٍ زراعيّ.. و(خضر الشيشكلي) أحد زعماء الكتلة الوطنية، الذي حرقوه بالأسيد ونهبوا بيته.. والدكتور (عبد القادر قنطقجي) طبيب الجراحة العظمية، الذي ألقوا جثته في مكانٍ بعيد بعد تعذيبه وقتله.. والمزارع (أحمد قصاب باشي)، الذي قلعوا أظافره وقطعوا أصابعه قبل أن يقتلوه.

4- مجازر جبل الزاوية بتاريخ (13-15/5/1980م)، التي راح ضحيّتها أربعة عشر مواطناً.

5- مجزرة حماة الثانية بتاريخ (21/5/1980م)، التي راح ضحيّتها مؤذّن جامع (الأحدب) وعشرة مواطنين.

6- مجزرة سجن تدمر الكبرى بتاريخ (27/6/1980م)، وتم فيها تصفية حوالي (ألف سجين رأي) من خيرة أبناء سورية: الطلاب وخريجي الجامعات والعلماء وأساتذة الجامعات والعسكريين.

7- مجزرة سوق الأحد بحلب في 13 تموز 1980م : ضحاياها (43) قتيلاً ومئتا جريح (200).

8- مجزرة هنانو لأهالي حي المشارقة في حلب بتاريخ (11/8/1980م) صبيحة عيد الفطر، التي راح ضحيّتها حوالي مئة مواطن.

9- مجزرة سرمدا في 25 تموز 1980م : راح ضحيّتها (11) رجلاً وامرأة، وتم التمثيل ببعض جثث القتلى، كما جرى مع جثة المواطن (أمين الشيخ)، التي شطرت إلى نصفين.

10- مجزرة البساتين بحمص في 16 آب 1980م : ضحاياها عشرات القتلى والجرحى لم تستطع أية جهةٍ حقوقيةٍ أن تحدّد أعدادهم بالضبط حتى الآن.

11- مجزرة ساحة العباسيين بدمشق في 18 آب 1980م : ضحاياها ستون قتيلاً ومئة وخمسون جريحاً.

12- مجزرة الرقة في منتصف أيلول 1980م : ضحاياها حوالي أربع مئة مواطن.

13- مجزرة حماة الثالثة بتاريخ (10/10/1980م)، وراح ضحيّتها ثلاثة عشر مواطناً بريئاً.

14- مجازر الحجاب بتاريخ (29/9/1981م)، التي راح ضحييّها عشرات القتلى والجرحى من المواطنين السوريين والمواطنات السوريات في شوارع دمشق وساحاتها العامة.

15- مجزرة حماة الكبرى، التي خلّفت دماراً وضحايا، استحقّت نتيجتها أن تُسمى بـ (مأساة العصر)!.. فقد بدأت المأساة بتاريخ (2/2/1982م)، واستمرت شهراً كاملاً، وقد ارتكبتها وحدات من الجيش وسرايا الدفاع والوحدات الخاصة والمخابرات والأجهزة الأمنية وأجهزة حزب البعث المسلحة، وأعملت بالمدينة قصفاً وحرقاً ورجماً بالصواريخ وإبادةً، ما أدى إلى قتل حوالي (أربعين ألفاً) من المواطنين، وتهديم أحياء كاملةٍ في المدينة، و(88) مسجداً، وأربع كنائس، وتهجير عشرات الآلاف من السكان، واعتقال الآلاف من الرجال والنساء والأطفال، واختفاء الآلاف أيضاً!.. وقد أبيدت في هذه المجزرة أسر كاملة.

تلك جردة حسابٍ بأنموذجٍ من جرائم النظام الأسديّ الإرهابيّ، التي لو وقعت واحدة منها في بلاد الواق واق.. لتذكّر عندئذٍ هذا الذي يُسمّي نفسه بالعالَم الحُرّ.. أنّ الضمائر تُخلَق مع البشر.. لا مع الحجر!..

               

*عضو مؤسِّس في رابطة أدباء الشام