سورية المحتلَّة تحتفل بيوم الجلاء!..
د. محمد بسام يوسف
*ستة وعشرون عاماً، كانت مدة احتلال سورية من قِبَلِ فرنسة.. وأربعون عاماً حتى الآن، مضت على حُكم الطائفيَّيْن: حافظ أسد وابنه بشار، بعد تأسيس أول جمهوريةٍ طائفيةٍ وراثيةٍ في التاريخ البشريّ!..
ثمانية وأربعون عاماً، مضت –حتى اليوم- على العمل بقانون الطوارئ، وحُكْمِ الحزب الواحد القائد للدولة والمجتمع، بنصّ المادة الثامنة للدستور الاستبداديّ الأحاديّ السوريّ!..
ما تزال البلاد محكومةً –حتى هذه اللحظة- بالأحكام العُرفية، مع غيابٍ كاملٍ للدستور (الصوريّ) الدائم، الذي وضعه الطائفيون –أنفسهم- بزعامة حافظ أسد في عام 1973م!..
عشرات السجون والمعتقلات، وستة عشر جهازٍ للمخابرات بكل أصنافها وأنواعها.. وأكثر من مئة ألف قتيلٍ سوريٍّ بأيدي جلاوزة النظام الأسديّ، وأكثر من عشرين ألف مفقودٍ في السجون الأسدية، ومئات الآلاف من المهجَّرين القسريّين الممنوعين من العودة إلى وطنهم السوريّ، وعشرات المجازر الكبرى والصغرى، والآلاف من معتقلي الرأي السابقين والحاليّين.. هي الحصيلة التقريبية لضحايا النظام الطائفيّ الحاكم، منذ قيام ما يُسمّى بالحركة (التصحيحية) الأسدية.. حتى الآن!..
آلاف معتقلي الرأي، من الفلسطينيين والأردنيين واللبنانيين والعراقيين.. وغيرهم، يقبعون في سجون النظام الدكتاتوريّ الطائفيّ السوريّ، معظمهم مفقودون!..
الجولان محتلّ من قِبَل الكيان الصهيونيّ منذ ثلاثةٍ وأربعين عاماً، ولم تُطلَق من أراضيه طلقة واحدة من قِبَل دولة (الصمود والتصدّي) سابقاً و(الممانعة) حالياً.. باتجاه العدوّ الصهيونيّ، وذلك منذ ستةٍ وثلاثين عاماً حتى هذا اليوم!..
عشرات المساجد، دمّرتها جيوش السلطة الطائفية (ثمانون مسجداً خلال مجزرة حماة وحدها)، في هذا العهد السلطويّ المستمرّ حتى الآن!..
تبوّأت السلطة الأسدية –حسب تقارير منظّمات حقوق الإنسان- المراتبَ الأولى عالمياً، في انتهاك حقوق الإنسان، وفي فنون التعذيب داخل السجون، وفي الاضطهاد والقمع وأساليب الحكم البوليسيّ!..
النظام السوريّ، يحتلّ الدرجات الطليعية في الفساد والإهمال والتخلّف واللصوصية والثراء غير المشروع والنهب والتمييز الطائفيّ، وذلك في تقارير المنظّمات العالمية المختصّة!..
في سورية، أحرارها ومفكِّروها ومثقّفوها وعلماؤها وأدباؤها ومِهنيّوها، يملأون السجون.. وحرائرها، من مثل: الطالبتان الجامعيّتان (طلّ الملوحي) و(آيات عصام أحمد)، والدكتورة (فداء الحوراني)، يقبعنَ في الزنزانات الانفرادية.. وأحرارها في سنّ الشيخوخة، من مثل: القاضي والمحامي الثمانينيّ (هيثم المالح)، ما يزالون يصارعون المرضَ والجلاّدَ في أقبية الاعتقال.. وعشرات الآلاف من أبنائها محكومون بالإعدام، بنصّ القانون الدمويّ رقم (49) لعام 1980م.. وألوفٌ من أجيالها مكتومون، لا يُعتَرَف لهم بأبسط حقوقهم المدنية والإنسانية.. والبلاد كلها محكومة بالأحكام العُرفية وقانون الطوارئ!..
كذلك في سورية العربية، يضع الأسديّون الطائفيون الوطنَ كله، لقمةً سائغةً سهلةً في فم الوحش الفارسيّ الإيرانيّ الشعوبيّ الطائفيّ، بعد أن قدّموا (الجولان) لقمةً –على الحساب- في فم الوحش الصهيونيّ!..
* * *
على الرغم من ذلك كله، يزعمون أنّ سورية ليست دولةً محتلّة، بل يحتفلون سنوياً بذكرى يوم الجلاء أو الاستقلال أو التحرّر من الاحتلال!..
حقاً، إنّ ذكرى الجلاء.. هي ذكرى، ذكرى فحسب!..
*عضو مؤسِّس في رابطة أدباء الشام