بيان الكتلة الوطنية السورية

د. محمود حسين صارم

في الذكرى الرابعة والستين للاستقلال والجلاء المجيدين

د. محمود حسين صارم

[email protected]

أيها السوريون ـ  يا أبناء وأحفاد رجال الاستقلال والجلاء

في الذكرى الرابعة والستين لاستقلالنا وجلاء جيوش الاحتلال الأجنبي عن وطننا السوري، نقف إجلالا لأرواح شهداء الوطن والأمة؛ ونتذكر بكل تقدير رجال الاستقلال في كل أوطاننا العربية، خاصة، الذين أسسوا جامعة دولنا العربية عام 1945، وأقروا عام 1950 مشروع ميثاق الدفاع العربي المشترك والتعاون الاقتصادي بمبادرة من حكومة الملك فاروق "ملك مصر والسودان".

أيها السوريون ـ  يا أبناء وأحفاد رجال الاستقلال والجلاء

قال الرئيس القوتلي، بطل الاستقلال والجلاء والوحدة، في الذكرى الأولى لهما: ((ولقد أعربتُ عن مشاعركم ورميتُ عن قوس عقيدتكم حين قلت بالأمس، وأقول اليوم، إننا لن نقبل أن يرتفع علم فوق علم هذه البلاد سوى علم واحد هو علم الوحدة العربية)).

وصدق الرئيس القوتلي وعده، وتنازل عن رئاسة الجمهورية لتقوم أول وحدة عربية في التاريخ العربي المعاصر.. وبالمقابل فإن أيا من الرئيسين البعثيين الراحلين حافظ الأسد وصدام حسين تنازل عن كرسييه لتقوم الوحدة بين القطرين الشقيقين اللذين لا حدود تفصل بينهما.. وليس هذا فقط، بل إنهما خلقا العداء المستمر والفرقة بين الشعبين الشقيقين منذ عودة الخميني من باريس عام 1979 وادعائه تحرير فلسطين؛ ولكنه لم يتراجع عن اتفاقية الجزائر لعام 1975 التي خسر العراق بموجبها نصف شط العرب وزين القوس وسيف سعد؛ مقابل عدم استمرار الشاه في تفكيك العراق قوميا.. وكذلك لم يتراجع عن احتلال الحزر الإماراتية العربية الثلاث عام 1971، ولم يعط عرب الأحواز حتى حقوقهم الثقافية في إنشاء مدارسهم لتعليم أبنائهم لغة القرآن الكريم، وراح يدعي وأسلافه أن مملكة البحرين محافظة إيرانية !!.. وتقع الطامة الكبرى عام 1980، إذ تنشب الحرب العراقية الإيرانية، ويقف الرئيس الأسد، مع النظام الإيراني الإسلامي المذهبي المسرف، وقفة لا يمكن فهمها إلا أنها طائفية.... فكان ما كان من الانشقاقات على ساحات الأوطان العربية ظلت عواقب مآسيها وآلامها مستمرة في وطننا السوري ولن تزول إلا بالمصالحة الوطنية.. ومن المؤلم حتى الموت أن يستمر بعث الشام في تحالفه الاستراتيجي مع آيات الله في إيران ضاربا عرض الحائط بمواثيق الجامعة العربية ومخلفا استمرار الانشقاق في مجتمعنا السوري.

أيها السوريون ـ  يا أبناء وأحفاد رجال الاستقلال والجلاء

في ذكرى الاستقلال والجلاء المجيدين في17 نيسان من عام 2007، وبعد خروجي من سجن طغاة البعث للمرة الثالثة، اجتمع بعض أقطاب المعارضة الوطنية في مدينة حلب على ضريحي الزعيمين الوطنيين الكبيرين إبراهيم هنانو وسعد الله الجابري، وكانت مناسبة لأن أعلن برنامج الكتلة الوطنية للخروج من كل الأزمات الوطنية والقومية والأزمة مع الشرعية الدولية، ((التي أنهاها خادم الحرمين الشريفين الملك الجليل عبد الله بن عبد العزيز، جزاه الله خبرا وسدد خطاه في إعادة بناء الثقة بين قادة أوطان الأمة العربية والأمم الإسلامية)).  وبرنامج الكتلة الوطنية يتألف من الأهداف التالية:

1 ـ العمل على إعادة دستور الاستقلال الوطني ريثما تتم الدعوة لانتخاب مجلس تأسيسي ووضع الدستور الجديد، فالمادة الثامنة من الدستور الذي وضعه الراحل حافظ الأسد عام 1973 مخالفة للأسس التي قامت عليها الجمهورية.

2 ـ العمل على إجراء المصالحة الوطنية مع كافة أطياف المعارضة وفي مقدمتهم حزب الإخوان المسلمين الذي أصبح يرفض العنف ويؤمن بتداول السلطة وعبر نتائج صناديق الاقتراع الحر فقط.

3 ـ العمل مع كافة القوى السياسية السورية موالاة ومعارضة على إقرار قانون لمحاسبة كل من اغتنى على حساب دماء شهداء الوطن وعرق جبين أبنائه وكل صاحب ثروة غير معروفة مصادرها وإعادتها إلى خزينة الدولة، ليتم صرفها في إعادة البنية الأساسية للقطاع العام المنتج.

والكتلة اقترحت على السيد الرئيس منذ عام 2002 أن تكون المحاسبة على نظام الفاروق عمر الذي حاسب ولده عبد الله وأبا هريرة وعمرو بن العاص فاتح مصر وعامله عليها، ولم تقترح الكتلة نظام الإمام علي، لأن هذا النظام سيجردهم من كل المال الذي نهبوه... وبتطبيق نظام الفاروق، يكون السيد الرئيس قد أعاد للفقراء في هذا الوطن بعضا من حقوقهم، وعندها سيصبح راتب الضابط المستجد أو من في حكمه من خريجي الجامعات لا يقل عن 1500 دولار أمريكي شهريا؛ وكذلك سيصل راتب صف الضابط أو من في حكمه كالمعلمين لا يقل عن 1000 دولار أمريكي شهريا.

4 ـ العودة بوطننا السوري إلى أحضان أمتنا العربية، وفك الارتباط مع النظام الإسلامي الإيراني المذهبي المسرف، والعمل مع مصر والمملكة العربية السعودية التي وقعت سورية معهما إعلان دمشق بعد أن شاركت في التحالف الذي قادته الولايات المتحدة في حربها لتحرير الكويت من نظام البعث العراقي في مطلع تسعينيات القرن العشرين. وهكذا أصبحت دول إعلان دمشق مسؤولة عن: آ ـ  قيام الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف، ب ـ إعادة الجولان السوري المحتل وما تبقى من الأراضي اللبنانية المحتلة في جنوبه، ج ـ  أمن الخليج العربي.

أيها السوريون ـ  يا أبناء وأحفاد رجال الاستقلال والجلاء

أنهي هذا البيان بفقرة من خطاب الرئيس القوتلي في الذكرى الأولى للاستقلال والجلاء: ((إن في اشتراك فصائل من جيوش الأقطار العربية وأسراب من طائراتها لمعاني تقر العيون وتثلج الأفئدة، ففي ذلك معنى تعاهد الجيوش العربية في مختلف أقطارها على الدفاع الموحد المشترك عن حرية كل قطر من هذه الأقطار. وقد رأينا في استعراض الصباح الجندي المصري والجندي العراقي والجندي السعودي والجندي اللبناني والجندي الأردني والسوري، يوحدهم النظام بعد أن وحدهم الهدف وجمعتهم الغاية، فرأينا فيهم نواة الجيش العربي الأكبر، وعاد بنا جلال الموكب العسكري الموحد إلى أزهى عصور التاريخ العربي، يوم كانت أقطار العرب ترسل أفلاذ أكبادها جنوداً في جحافل النصر، تحمل مشاعل الحضارة، حضارة العدل والحق. لقد دل هذا الحشد العربي العظيم على أن مطمح العروبة في توحيد كلمتها صار حقيقة راهنة، فقد انتظمت القلوب قبل أن تنتظم البلدان، ونفذت إلى الأفئدة قبل أن تتجاوز التخوم والحدود. وإنه لمن دواعي سرورنا أيضاً أن يظفر لبنان، القطر العربي الشقيق، بما ظفرنا به، وأن نتطلع من اليوم إلى موعد الاحتفال بجلاء القوى الأجنبية عن دياره، وتتاح لنا مشاركته الابتهاج بعيده الوطني، الذي هو عيدنا، كما أن عيدنا اليوم هو عيده.

الأرجنتين ـ بوينوس آيرس في 16  نيسان 2010                      عن الكتلة الوطنية