الدولة العبرية تحظر على العرب البكاء على أطلال فلسطين
الدولة العبرية تحظر على العرب البكاء
على أطلال فلسطين
محمد فاروق الإمام
[email protected]
لم يعُد بإمكان العرب
بعد الآن، البكاء على ضياع فلسطين ولا حتى على أطلالها، هذا ما يعبر عنه لسان حال
الوضع الراهن الذي
تعيشه الأقلية العربية داخل الدولة العبرية المغتصبة، بعدما سلبهم قانون صهيوني
عنصري جديد حقهم في
إحياء ذكرى النكبة.
مشروع قانون النكبة، الذي قدمه العضو عن حزب (إسرائيل بيتنا)، أليكس ميلر، وأقره
الكنيست بالقراءة الأولى، بعد جلسة عاصفة
مساء الثلاثاء الماضي (16 آذار الحالي)، بأغلبية 15عضواً، مقابل ثمانية أعضاء،
(تغريم كل مؤسسة جماهيرية
تحيي ذكرى (يوم النكبة)، بمبلغ يصل إلى عشرة أضعاف الكلفة التي أنفقتها هذه المؤسسة
لإحياء تلك الذكرى).
ورغم أن القانون كان يقترح في صيغته الأولى معاقبة كل شخص يقوم بإحياء ذكرى النكبة
بالسجن لمدة تصل إلى ثلاث
سنوات، إلا أنه تم تعديله ليتضمن فرض غرامات مالية ضخمة على (المؤسسات الجماهيرية)،
على أن تتم مضاعفة الغرامة في حالة إذا ما كررت أي من تلك المؤسسات مخالفتها
القانون خلال ثلاث سنوات.
ويمنع القانون أي مؤسسة تحصل على تمويل حكومي، من
تنظيم أو تمويل نشاطات لإحياء ذكرى النكبة، أو تمويل نشاطات تدعو إلى (التنكر لوجود
دولة إسرائيل كدولة للشعب اليهودي، والتنكر لطابعها الديمقراطي، وتأييد الكفاح
المسلح
والأعمال الإرهابية ضدها، والتحريض للعنف ضدها، والمس بعلمها أو برموزها الوطنية).
ويتضمن مشروع القانون أنه (إذا رأى وزير المالية أن مؤسسة ما، كالأحزاب السياسية،
والمجالس المحلية، والمراكز الثقافية، والمدارس، وكل مؤسسة
تتلقى دعماً حكومياً، لا تطبق تلك التعليمات، فإن مشروع القانون يخوله بتأخير أو
إلغاء التمويل).
وللذكرى فإن الدولة العبرية التي قُبلت
عضواً في الأمم المتحدة في 15 أيار عام 1948، بضغط من دول الغرب الإمبريالي والشرق
الشيوعي، ما كان لها أن تقبل إلا بعد أن أودعت لدى الأمم المتحدة ورقة تؤكد على:
(احترام قرار التقسيم رقم 181 (الذي يعطيها 52% من أرض فلسطين ويعطي العرب 48%)،
وقرار عودة اللاجئين رقم 194، واحترام حقوق العرب داخل إسرائيل كأقلية لها كل
الحقوق وأولها حق المواطنة).
الدولة العبرية التي ضربت عُرض الحائط
بكل القرارات الصادرة عن مجلس الأمن أو الأمم المتحدة منذ قيامها، وتنكرت لكل
تعهداتها التي قطعتها على نفسها تجاه المجتمع الدولي
الذي قبلها كعضو في الأمم المتحدة، أصبح من الواضح بما لا يدع مجالاً للشك أن تجربة
السلام مع هذه الدولة العنصرية تجربة عقيمة، أكسبت المشروع الصهيوني نجاحاً في
مقابل خيبة آمال الأنظمة العربية التي وضعت كل بيضها في عربة السلام الإستراتيجي مع
الكيان الصهيوني، وبالتالي إصابة هذه الأنظمة بالشلل التام في مواجهة التعنت
الصهيوني والتخاذل الأمريكي والضعف الأوروبي والدولي، في اتخاذ القرار الجريء في
مواجهة هذه الدولة العنصرية المتغطرسة الباغية ووقفها عند حدها.
وآن
الأوان كي تراجع الأنظمة العربية فاتورة المكاسب والخسائر في الجانب العربي، الذي
تسببته المفاوضات العقيمة مع الكيان الصهيوني وإبرام البعض معاهدات سلام معها، ولهث
البعض لعقد مثل هذه الاتفاقيات المخزية، حتى تستعيد
الأمة العربية كرامتها وتساهم بدورها في صناعة العالم الجديد، وقد غابت عنه هذه
الأمة بعد أن طاردتها إسرائيل ولم ترحم ضعفها وعجزها حتى عن المواجهة
اللفظية الجادة، لدرجة أن إسرائيل اتهمت بعض دول المنطقة بأنها متواطئة معها، مثلما
اتهمت أميركا هذا البعض من قبل بالمساهمة في احتلال العراق وتمزيقه، وآن الأوان أن
يعيد العرب النظر في التجربة
المريرة في هذه المفاوضات العقيمة التي استهلكت من عمر شعوبنا العربية ما يزيد على
17 سنة عجاف ذاق العرب خلالها الهوان وتجرع الفلسطينيون الخراب والدمار والموت
الزؤام.
وآن
الأوان أن يعود العرب مرة أخرى إلى جذور الصراع الوجودي وليس الحدودي مع المشروع
الصهيوني الذي يريد أن تمتد دولته العنصرية من النيل إلى الفرات!!
وكان الفلسطينيون داخل الأراضي المغتصبة عام 1948 قد اعتادوا كل عام الاحتفال بذكرى
(النكبة) في 15 أيار من كل عام، توازياً مع احتفال الصهاينة بذكرى قيام دولتهم
العبرية العنصرية.