لك يُخرب ديارهم
مؤمن محمد نديم كويفاتيه/ سوري في اليمن
( إتصال هاتفي من أحد المعارف من سوريا ، يسأل ؟ عن إمكانية قبول ولده في الجامعات اليمنية وتحديداً في كلية الطب بعدما حصل ابنه على معدّل يفوق 90% ، فأجبته بأن الأمر تكاليفه عالية!..فردّ قائلاً: ولايهمّك أنا وفّرت مبلغا طوال هذه السنين ، وسنربط على بطوننا لنؤمّن لولدنا مايحتاجه ، ليدخل الأختصاص الذي يريد ولو بعنا ثيابنا وعفش البيت، وعندما سألته عن اجمالي المبلغ الذي يمكن تأمينه ؟ فقال: "عشر ألاف ورقه- ليرة-" بما يعادل المئتي دولار، وحينها أخبرته بأن التكاليف أضعاف ماذكر وقد تتجاوز الخمسة ألالف دولار سنوياً للطب ، وحينها أجهش بالبكاء وهو يرى أماله الوردية تتحطم ثم قال: لك يخرب ديارهم ؛ الله لايوفقهم الطب بدو 34 "-أي 234 من 240-" والمقصود هنا طبعاً هذا النظام)
ومن مثل هذا الأب المكلوم ، سمعت الكثير من الشكاوي ، وما تعانيه الأُسر السورية من المرارات والأسى ، إمّا لعدم استطاعة أبنائهم دخول الجامعات بسبب ماوُضع أمام الشباب من العوائق والحواجز التي تحول دون متابعة تحصيلهم العلمي ،أو لعدم قبول أبنائهم ذوي المعدلات العالية في الاختصاص الذي يرغبونه ، إلّا المقتدرين الذين يستطيعون أن يضعوا أبنائهم في الجامعات الخاصّه ، أو يُسفروهم الى البلد الذي يرغبون ؛ وهم قلّة في المجتمع السوري البائس، وما ذلك الا بسبب عدم وجود الدولة والتخطيط لما يتطلبه سوق العمل للنهوض بالاقتصاد الوطني ،ولإستيعاب الطلاب عبر زيادة الطاقة الاستيعابية للجامعات الرسمية ، وإنشاء جامعات واستحداث كلّيات جديدة، وبالتالي إيجاد مخرجات جديدة للطلاب الجامعيين ، ليستوعبهم سوق العمل والانتاج والإبداع، مما يعني المزيد من تحريك السوق وانتعاشه ، وايجاد الفرص
قصص وحكايا وصلتني من هنا وهناك، والكل يئن ويشتكي ويعاني من هذه الأسرة الحاكمة ، التي اعتلت السلطة بقوة السلاح والحديد والنار ، ولا تريد أن تقدم أيّ شيء للمواطن والبلد؛ الذي كل يوم تزداد فيه المآسي والمصاعب ، بدءاً من البيوت التي ارتفعت أسعارها بفعل دخول مئات الألاف من الإيرانيين وشرائهم للعقارات والاراضي بأسعار عالية خدمة لمشروعهم الفارسي ؛ وبالتواطؤ مع النظام الحاكم ،حتى صارت أسعار البيوت والشقق جحيماً ، وأمراً فوق التصّور والخيال ،يستحيل على المواطن العادي الحصول عليه ، مما أصاب الشباب بالأحباط ، بعد أن تمّ إلجام الناس وإخراسهم عبر قمعهم وإرهابهم ،بدلاً من البحث في مشاكلهم وإيجاد الحلول لها، فكثرت على ضوء ذلك الجريمة ،وحتى صارت الاعتداءات في وضح النهار، ولسان حال الذين دفعتهم الظروف لمثل هذه الأعمال يقول: ياقاتل يامقتول،وكأنه لم يبقى أمامهم من خيار إلا هذا الطريق ، بعد أن سُدّت دونه الابواب وارتمى معظم الشباب الى الشارع ، فجنح البعض للجريمة وهذه الأعمال المُشينة التي بحسب تصّورهؤلاء ماهي إلا ضربة إن نجحوا فيها نجو من الموت أو من البؤس الذي هم فيه ، وإن فشلوا فبأيدهم السلاح الذي ينهي الكثير منهم حياته به، وخير لهم من أن يقبعوا وراء القضبان ، ويُنهون في السجن زهرة شبابهم وأمالهم
وكذالك الحال في الخدمات العامّة ، والتي كل شيئ فيها الى انهيار،فلا بنية تحتية حقيقية موجودة ، ولا جسور ولا أنفاق ، وحالة السير الى المزيد من الإختناقات ، وأجواء المدن صارت مُلبدة بالدخان ، وفوق هذا وذاك انقطاع الكهرباء للساعات الطوال في عزّ الحر الشديد ؛ وكذلك انقطاع الماء وتلوثها في بعض المناطق، وسوء الخدمات الصحيّة حتى وصلت الى الحضيض في عهد هذا البشار، الذي لايريد أن يرحم ؛ ولا أن تتنزل رحمة الله على عباده
وأخيراً :أضمّ هذه الأبيات العامّية التي تعبّر عن رأي صاحبها ممن راسلني ، وطلب مني نشرها مع مقالتي ، وها أنا أفعل للأمانة الأدبية والأخلاقية ، والتي قال فيها :-
لك يخرب بيتك يابشار مافي حدى منّك الّا بدّو التار
خرّبت بيوتنا أنت وأبوك وتركتُ كل شيء على القبور
وما في بيت سلم من شروركم وجرائمكم وأثامكم
وكل يوم بتكثر ضحياكم وكل يوم بندعي عليكم
لك شو أصلكم وشو فصلكم ومن شو أنتو مصنوعين
بلا إحساس وبلا ضمير ولا شعور ولا قلب ولا لادم ولا أخلاق
دمرتم البلد وأهلكتم الحرث ودمرتم القيم والمروءة والأصالة
وزرعتم الشقاق في كل مكان وما باقي شي عاطل ماعملتوه
ياويلكم من الله يوم المعاد الى جهنم أمثالكم وبئس المهاد
وأود أن أعقّب على قول أخونا الذي لاأعرفه والذي تكلم من حُرقة قلبه ومن أعماق فؤاده ، فأقول: حقاً ماضرّ هذه الأسره الغاشمة أن تُعامل شعبنا بما يليق به ، وبما يجب أن يكون عليه الحال ، وتفك أسره ، وتحلّ عنه ، فيكفيها مانهبته وما فعلته من الجرائم بحقه ، ولكنها سنّة الحياة بأن لايرحل الطغاة ؛ إلا بعد أن تدوسهم الأقدام ، وبعد أن يُعرضوا على الحساب في الدنيا ، وينالهم العقاب الأوفى ، ثمّ يُردون الى الله سبحانه فيلقون الجزاء الأنكى.