عشـنا وشـفنا.. وياما شـفنا..!

 عشـنا وشـفنا.. وياما شـفنا..!

بـدرالـدين حسـن*

[email protected]

في زيارته الأخيرة الى روسـيا أواخر يناير 2005 استطاع الرئيس السوري بشار الأسد أن يوقع صفقةً لشراء كميةً من الصواريخ الأرضية المضادة للطائرات.

كانت اسـرائيل أول من أشار الى التحضير لمثل هذه الصفقة حتى قبيل سفر الرئيس الأسـد الى روسيا ، وقد وصلت الحملة الإسرائيلية في حينها إلى حد أن رئيس الوزراء الإسرائيلي ارييل شارون اتصل بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين محذراً من مثل هكذا صفقة.  ولكن على مايبدو أن بوتين طمأنه على طريقته بأن هذه الأسـلحة لأغراض سـورية خاصة وخاصة جداً ولاداعي للقلق منها.

أما الطرف السـوري فنفى صحة مثل هذه الادعاءات واعتبرها جزءاً من حملةٍ على مواقف سـورية الصامدة للنيل من ارادتها  والتأثير عليها ، وهي شكل من أشكال التشويش الاسرائيلي المتوافق مع الضغوط الأمريكيـة على النظام السـوري.

واستمرت تصريحات الأطراف الثلاثة (الروسـي ، السـوري والاسرائيلي) بين النفي والاثبات عن هكذا صفقة خلال الفترة السـابقة كلها حتى جاءت التصريحات الرسـمية والقاطعة من الجهة البائعة ، وقطع (بوتين) دابر الشائعات والتحليلات.

فلقد اكد الرئيـس الروسـي فلاديمير بوتين - في مقابلة مع التلفزيون الاسرائيلي الجمعة الماضيـة - وجود صفقةٍ لبيع صواريخ مضادةٍ للطائرات " قصيرة المدى " الى سوريا.  ويأتي تصريح الرئيس الروسي قبيل ايام من زيارته المرتقبة الى اسـرائيل خلال هذا الأسبوع وهي الأولى لرئيسٍ روسيٍ الى الدولة العبرية.  واضاف بوتين:  تسـتطيع هذه الأنظمة الصاروخيـة القضاء على الأهداف الجويـة في مدى النظر ، وهي تركز على السيارات ، وأن ذلك سيعقد ويمنع _  بحسب الاذاعة _ تحليق الطيران الاسرائيلي فوق قصر الرئيس السوري بشـار الاسـد على علوٍ منخفض.  ويأتي تصريح الرئيـس بوتين في حقيقته ليطابق ماقاله الباحث والمحلل الاسـتراتيجي السـوري الدكتور هيثم الكيلاني خلال فترة زيارة الأسد الى روسـيا: ان الصواريخ التي تعتزم روسـيا بيعها لسـوريا هي ذات طبيعة دفاعية محضة ولا يمكن ان تخل بالتوازن الاقليمي في الشرق الاوسط او تشكل تهديداً للآخرين.

قد يكون أمراً عادياً وغير مستغرب أن تخفي أيّ جهةٍ  _ مهما كانت _ توجهاتِها وصفقاتِها في مثل هذه الأمور لأسـبابٍ فنيـةٍ أوأمنيـةٍ أوعسكريـةٍ. ولكن الملفت للنظر هوتصريح بوتين بأنها لتعقيد ومنع تحليق الطيران الاسـرائيلي فوق قصر الرئيـس السـوري ،  أضف الى هذا قـول الدكتور الـكيلاني: أن هذه الصواريخ ذات طبيعةٍ دفاعيـةٍ محضةٍ.

اذاً الصفقة كانت ، وانقطع الشك باليقين. والحمد لله أن مازال هنالك من يبيعنا اسلحة ، وظهر هدفها وهو ليس أكثر من حماية قصر الرئيـس  _ حفظه اللـه _  من أن تحلق فوقه الطائرات الاسرائيليـة ، وهي تركز على السـيارات التي تقترب من القصر الرئاسـي.  ولعل ماكشفه بوتين للاذاعة الاسرائلية الآن كان قد قاله للمستر شـارون عندما هاتفه في يناير الماضي فوضع في بطنه بطيخة صيفي اضافة لما هو موجود من قبل.  ويتأكد صدق تحليل الدكتور الكيلاني:أنها ذات طبيعةٍ دفاعيةٍ محضة. ولكن عن من..!؟ عن سورية الوطن والشعب..!؟

لأ.... كلا...لأ...!  فالوطن انحسر في عهد حزب البعث العربي الاشتراكي ، وبات مختصراً في مئات من الأمتار المربعة والتي هي قصور الرئاسـة. والشـعب تضاءل عند العفالقة ليحل في شـخص من اسـتولى على هذه القصور.

لو رجعنا _ عن فترة الزيارة _ الى المقالات التي كتبت ، والتحليلات التي قيلت ، والآمال التي كانت ، والهالات التي نسـجت ، والزعبرات التي فبركت ، ثمّ نظرنا الى مابان سـتره  وانكشف أمره هذا الأسبوع ، لتأكد لنا أن الجنازة كانت كبيرة  حقيقةً ولكن الميت...!!  مومستاهل ( هالزيطة ).

               

* كاتب سوري