الفلوجة أم البدائل

لبنى ياسين-دمشق

لم يحدث قبل هذا اليوم أن تنافس الأحياء و الأموات على شئ ما ...فلهؤلاء عالمهم الذي لا يلتقي بعالم أولئك, و العالمان منفصلان تماما ,لا نقاط التقاء بينهما.

لكن أمريكا و على طريقتها المعهودة في خرق كل قوانين الطبيعة و المجتمع ..نافست الأموات على قبورهم , فقامت باحتلال مقابر الفاروق في الفلوجة , دون أي مقاومة أو اعتراض من الأموات , مما جعل أهالي الفلوجة يجدون حلا بديلا لاكرام موتاهم بالدفن , بتحويل ملاعب كرة القدم في الفلوجة إلى مقابر جماعية , إذ أن ارض الملعب لا تكفي لحملات الموت و أعداد القتلى , و قام شباب المنطقة بالتطوع للعمل كحافري قبور , مستخدمين الألواح و بقايا الخشب كشواهد و الطباشير للإشارة إلى عدد الموتى القاطنين هذا القبر أو ذاك و أسماءهم , حيث اصبح القبر الواحد يضم عائلة بأسرها أو عدة أطفال كما دفنت آيه ذات الثمانية أعوام و أخويها , حيث لن ُيسمح لهم بعد الاحتلال برفاهية الحيازة على قبر فردي , و لن يجد شخصا واحدا في الفلوجة  مكانا منفردا تحت الارض يقابل الله فيه وحده كما جرت العادة إلا بقي غيره فوق الأرض دون دفن.

و لم تقتصر بدائل الفلوجة على المقابر وحدها إذ أنها تعدتها إلى الخدمات الطبية , إذ أن الجيش الأمريكي و حكومته المعطاءة وجدوا انه في ظل ظروف قياسية و مثالية كالتي جلبوها هم للعراقيين كبديل عن نظام صدام الديكتاتوري , لا حاجة لأهالي الفلوجة إلى المشفى فاحتلوه هو الآخر ..مما جعل أهالي الفلوجة و جريا على العادة التي عودها لهم الاحتلال يجدون بديلا  للمشفى باستخدام عدة بيوت متقاربة المكان كمشفى, بينما تولى الأهالي إحضار ما كانوا يمتلكونه كإسعافات أولية منزلية لاستخدامها في المشفى البديل , حيث أن المشافي أيضا أصبحت رفاهية لا ضرورة لها مع الاحتلال .

و ماذا بعد؟؟

ماذا بعد البديل الأمريكي الاستثنائي لنظام صدام؟؟

ماذا بعد الضرب و التنكيل؟؟

ماذا بعد القتل الجماعي؟؟

ماذا بعد تجريد الإنسان من ابخس حقوقه؟ ...

ماذا بعد سلبه حتى قبره؟

و هل بقي هنالك قانون واحد ..لم تتجاوزه أمريكا في احتلالها للعراق.