عن معتقلي الأخوة الكردية العربية
آلان نقشبندي في مقال مهم
بدلاً عن بطاقة شكر
أكرم كنعو
نشكر الدكتور آلان نقشبندي، ونقدره عالياً على اعتباره قرار الاتهام الموجهة إلينا ومذكرات الدفاع المقدمة من قبل المحاميين القديرين : خالد الكوردي - الزعيم - ومؤيد الحكيم مادة له في الرسالة التي وجهها إلى السيدة نجاح العطار - نائبة السيد رئيس الجمهورية ، بمناسبة مرور ثلاث سنوات على لقائها بمجموعة من المثقفين الكورد والأحزاب الكوردية ، كدلائل موثقة ودامغة ، على أن الأخوة العربية الكوردية التي جعلتها السيدة العطار بنداً لها في هذه اللقاءات ، كانت وما زالت شعاراً نابعا من أعماق الحركة الكوردية، ومن وجدان المثقفين الكورد والجماهير الكوردية وشرائحها الاجتماعية المختلفة ، كأنسب وسيلة من الوسائل الديمقراطية السلمية ، التي تفضي إلى تمتين أواصر المحبة والإخاء بين الشعبين العربي والكوردي، وتؤدي إلى تعزيز الوحدة الوطنية ، وتحقيق التلاحم النضالي الوطني في سورية ، منذ عام 1970 الذي رفعنا فيه هذا الشعار وما قبله .
إن هذا الشعار وغيره، من الشعارات التي رفعت ورددت في سينما القامشلي آنذاك ، من قبل مجموعة من الطلبة ، الذين كنت واحداً منهم والتي كانت جميعها شعارات وطنية بعيدة عن أية إشارة تدل على إثارة النعرات الطائفية، أو العنصرية ، المنطبقة على نص المادة 285 ع .عام التي استند إليها قرار الاتهام ، بل على العكس منها فقد كانت هتافات أو شعارات وطنية خالصة ، تؤلف المحبة و الانسجام والتعاضد الأخوي ، بين الشعبين العربي والكوردي ،الّذين امتزجت دمائهم الذكية على مر التاريخ في بطاح فلسطين والجولان ، و في معارك الشرف والاستقلال ضد المستعمر ، في كل بقعة من بقاع أرض سورية الحبيبة ، والتاريخ خير شاهد على ذلك .
ستبقى الأخوة العربية الكورد ية شعاراً استراتيجياً للشعب الكردي وفصائله السياسية والنضالية ، وشوكة في أعين المعادين لهذه الأخوة والحاقدين عليها من العنصريين الذين كانوا وما زالوا وراء تعميق الهوة بين الشعبين الشقيقين، من خلال تنفيذيهم لمشاريعهم ومخططاتهم الشوفينية البغيضة، بحق الشعب الكوردي وحرمانه من جنسيته السورية ، واضطهاده، واتباع سياسة التمييز والتفرقة بحقه، وإثارة النعرات الطائفية والعنصرية المنطبقة عليهم نص المادة 285 ع .ع وليس علينا نحن من كنا أعضاء في منظمة اتحاد الطلبة ، وشباباً في مستهل العمر ، أبرياء ، لا نعرف معنى للعنصرية ، إلا بعد أن تعرضنا وشعبنا الكوردي المخلص إلى الاضطهاد والتمييز والتجريد من الجنسية ، وسلب الإرادة والحرية ، والاعتقال والحرمان من أبسط الحقوق ، وإلى الممارسات العنصرية المتنوعة التي لم ولن تحيدنا عن الإخلاص لوطننا، وأداء رسالتنا الإنسانية والوطنية المقدسة، والدفاع عن بلادنا بشجاعة وإقدام ، والتي جسدناها من خلال تأديتنا لخدمة العلم ، وقيامنا بواجباتنا المهنية والوظيفية بأمان و اتقان . وقد كنت واحداً من هؤلاء الشباب على سبيل المثال ممن أديت خدمة العلم الإلزامية والاحتياطية في الصفوف الأمامية من الجبهة ، وشاركت في حرب تشرين التحريرية، وحرب الاستنزاف في جبل الشيخ ، والوثيقة التالية التي نظمها قائد الوحدة رقم 13233 أصدق إثبات على هذا الإخلاص، من طرفنا ، وهذه التضحية وفيما يلي نصها :
الجمهورية العربية السورية
الجيش والقوات المسلحة
الوحدة 13233
إلى من يهمه الأمر
إن قائد الوحدة 13233 يشهد بأ ن العريف أكرم سليمان كنعو قد كان خلال
خلال حرب تشرين التحريرية وفترة حرب الاستنزاف في جبل الشيخ .
وقد أدى واجبه بشجاعة وبسالة وبناء على طلبه أعطي هذه الشهادة
24 / 10 / 1974
المقد م قائد الوحدة 13233
الختم والتوقيع
وكما أنه تم تقديم العديد من الثناءات إليّ وحصلت على ثلاث بطولات إنتاج في مجال مهنتي وعملي الوظيفي وهي جميعها، لا زالت محفوظة لدي ، وإن زملائي الذين قضينا معا مد ة تجاوزت السنة سجناً ، على خلفية الشعارات والهتافات الوطنية التي رفعناها ورددناها قبل ما يقارب الأربعين سنة ، كانوا أكثر مني إخلاصا وتضحية في أعمالهم ، وإقداماً في الدفاع عن الوطن والذود عن حياضه ، وكذا الأمر كان بالنسبة لإخلاص الشعب الكوردي برمته لهذا الوطن، وقد تناول هذا الجانب المحامي العربي القدير مؤيد الحكيم مشكوراً حين قال في متن مذكرة الدفاع الموجهة للمحكمة دفاعا عنا وعن الشعارات التي اعتقلنا من اجلها قائلاً :
(( - إن هؤلاء المتهمين يعتزون بانتسابهم إلى هذا الوطن الذي هم اعتماده والمدافعون عنه - إن الأكراد يعيشون على أرض هذا الوطن وهم أبناؤه وحماته ، ونضالهم هو نضال لتحقيق الأهداف والغايات التي يسعى إليها كل إنسان شريف - إن الأخوان الأكراد قا تلوا مع أخوانهم المواطنين جنباً إلى جنب لأجل طرد المستعمر ونيل الاستقلال ، وجهودهم معروفة في هذا المجا ل ، وكذلك فإ نهم قاتلوا على ارض فلسطين ضد اليهود ، وساهموا لإعمال التحرير وقدموا كثيرا من التضحيات ولم يسبق أن رأينا كردياً واحدا أتهم بأعمال الخيانة والتجسس )) .
إن إقدام السلطات الأمنية آنذاك ، على اعتقا لتا وإحالتنا إلى القضاء العسكري ، والاستمرار في توقيفنا هذه المدة، كان يشكل تعسفاً وانتهاكا صارخا لحقوقنا الدراسية ، وحقوقنا الوطنية ، بل كان يؤسس موضوعياً العزلة والنفور والتعصب القومي المتنا قض مع المصالح الوطنية العليا ، التي تعتبر الوحدة الوطنية والتلاحم الوطني ركنها الأساسي الجوهري ، في حين أن أسلوب الحوار والتفاهم المتبادل الذي طرحته السيدة النائبة قبل ثلاث سنوات ، ضمن إطار العيش المشترك والوحدة الوطنية ، وإعلان السيد رئيس الجمهورية قبلها بسنتين بأن القومية الكوردية هي جزء أساسي من النسيج الوطني ومن تاريخ سوريا، الذي نال ارتياحا كبيرا لدى أبناء الشعب الكوردي ، كان أهم رد على أولئك الذين كانوا لا يدركون معنى هذا النسيج الذي يربط الإنسان بأخيه الإنسان ، ولا يفهمون سوى لغة القهر في كم الأفواه ، ولا يتعاملون مع المنادين إلى تعزيز الوحدة الوطنية والعلاقات الأخوية ، إلا بالاعتقال والتعذيب الجسدي والنفسي ، المنافي لأبسط مبادىء حقوق الإنسان والعهود والمواثيق الدولية ودستور البلاد ،
لقد بنى الشعب السوري بعربه وكورد ه الآمال على هذه التطورات ، وعلق المستقبل على ترجمة هذا الإعلان وهذه اللقاءات على ارض الواقع ، متوقعاً تقنينها دستورياً وجعلها أساسا لتعامل سياسي جاد مع الملف والقضية الكوردية السورية ، وفي حل هذه القضية العادلة بأسلوب ديمقراطي ، وبحوار هادىء ومسؤول يتماشى و روح العصر ويؤسس لوحدة وطنية راسخة ، ويحافظ على وشائج الأخوة العربية الكوردية ، ويجسد الموقف النبيل والشجاع للسيد رئيس الجمهورية ، ويحقق أهداف بند الأخوة العربية الكوردية التي تم اللقاء على أساسها مع السيدة نائبة الرئيس ، ويحترم الشعارات والهتافات التي رفعناها ورددناها واعتقلنا من أجلها ، والتي كان جلها ينطلق من الأرضية الوطنية وعن السياسة الموضوعية التي كانت تتبناها فصائل الحركة الكوردية ، ولا زالت تنتهجها في أسلوب نضالها.
وفي الختام أعود فأ كرر احترامي وتقديري للدكتور آلان نقشبندي ، الذي جعل من الوثائق المتعلقة باتهامنا ومن مذكرات الدفاع عنا مادته الأساسية في رسالته التي وجهها إلى السيدة نجاح العطار، نائبة السيد رئيس الجمهورية السورية بمناسبة مرور ثلاث سنوات على اللقاء معها، تحت بند الأخوة العربية الكوردية، وأشكره على هذه اللفتة الطيبة المتعلقة بتاريخنا ،و التي دفعتني إلى كتابة هذا التعقيب المتواضع .
*عضو مجلس أمناء منظمة حقوق الإنسان في سوريا