الوحشية تغلبهم .. وإن حاولوا التمدن

الوحشية تغلبهم .. وإن حاولوا التمدن

سيف السيد

[email protected]

تظهر وتتوارى بين فترة وأخرى بعض النزعات الوحشية المتأصلة فيهم ، لتظهرهم على حقيقتهم المختبئة خلف الغلالة الحضارية الواهية ؛ سواء كان هؤلاء غربيين من إنجليز وأمريكان أو كانوا صهاينة ، لا خلاف ، فحقيقتهم تغلبهم في أكثر الأحيان ..

كلما غابت أفاعيلهم _ الدالة على أصلهم ونشأتهم ومبادئهم _ عن البال أو خَفّت وطأتها على مشاعر المشاهد العربي ، يعودون للظهور عياناً وكأنهم يقولون لنا بالقلم العريض : ( نحن من الوحشية ولها ) ..

فقد قام الحاخام ( شلومو إينير ) بأخذ دوره في إثبات هذه الحقيقة أفتى بتحليل قتل جيش الاحتلال الإسرائيلي للجرحى الفلسطينيين وأضاف الحاخام الصهيوني : ( إن قتل هؤلاء الجرحى الفلسطينيين حلال في الديانة اليهودية ؛ باعتبارهم أعداء ) حسب ما نقله موقع    " مفكرة الإسلام " على الشبكة الإلكترونية ، بتاريخ 9/12/2004 .

وقد قام أحد جنود جيش الاحتلال الأمريكي في العراق بأخذ دوره أيضاً في وقتٍ سابقٍ ، حين ظهر على شاشات التلفزة العالمية ( الفضائيات ) وهو يُجْهِزُ على أحد العراقيين الجرحى العزل في أحد مساجد العراق .. وهناك الكثير الكثير طبعاً من الممارسات الوحشية التي اقترفوها بأيديهم أو بألسنتهم ولم نرها على شاشات الفضائيات ..

فأي حضارة هذه ؟! وأي مدنية يدعونها ؟! وأي دينٍِ يدينون به يسمح بهذا ؟! وأي أخلاق تلك التي تسمح بقتل جريح أعزل لا حول له ولا قوة ؟! ..

أين تلك الحضارة العظمى _ بزعمهم _ التي يبهرون العالم بها ، ويمتنون علينا بإنجازاتها التقنية والعلمية غير أن رائحتها نتنة .. كريهة .. فهي تقنية بلا أخلاق ولا إنسانية .. تحمل جذور حضارة القهر والدم لأجدادهم الرومان ..

و لا ننسى هنا عمليات التعذيب الوحشية التي وقعت في سجون الاحتلالين الاسرائيلي والأمريكي على السواء ، فقد وقع في تلك السجون من أحداث ما تقشعر له الأبدان وتشخص لها الأبصار ، وتُدرِج هذه الأحداث نفسها _ شئنا أم أبينا _ في ملف الإثباتات والدلائل على وحشية هؤلاء "المتمدنين" من أمريكان وصهاينة .

 

ولنتناول بعض ما حدث ويحدث في السجون الإسرائيلية أولاً :

ففي مطلع عام 2003 ظهرت على السطح فضيحة استغلال الأسرى الفلسطينين كعينات مختبرية لتجريب العقاقير العلاجية عليهم ، فقد خرج الكثير من الأسرى من السجون وقد تساقط شعرهم تماماً وبشكل كلي إثر حقنهم بمادة غريبة .

وفي تقرير خاص قدمته "مؤسسة التضامن الدولي" حول هذا الموضوع لخصت فيه دور الطبيب في سجون الكيان الصهيوني بثلاث واجبات تتنافى جميعها وأخلاقيات المهنة ، وهذه الواجبات كما وردت في التقرير هي :

1-  إعداد استمارة بحالة المعتقل بخصوص اللياقة البدنية ، يحدد فيها الطبيب بعد إجراء الفحوصات نقاط الضعف التي يعاني منها المعتقل ليتم استغلالها أثناء التحقيق وإجباره من خلالها على الاعتراف بما ارتكبه وما لم يرتكبه .

2-    إخفاء آثار التعذيب والتنكيل عن جسد المعتقل قبل عرضه على المحكمة أو قبل زيارة المؤسسات الحقوقية .

3-    ابتزاز المعتقل واستخدام عيادة السجن لربط العملاء مع إدارة السجن للتجسس على المعتقلين .

أما عن الدور الأكثر خطورة والذي حذرت منه مؤسسة التضامن الدولي فهو استخدام المعتقلين كحقل تجارب كما أسلفنا الذكر .

باعتقادي أن هذا الكلام غني عن الشرح والتوضيح لأنه كافٍ بحد ذاته ليعبر عن أخلاق فاعله ، ومدى ما يحمل من أخلاق "حضارية".!!

أما سجون الاحتلال الأمريكي في العراق ... فحدث ولا حرج ، فقد أعدت قيادة الجيش المحتل أساليب تخلو من أي معيارٍ إنساني أو ديني أو اجتماعي مجرد ، ولم تبتعد تلك الأساليب عن الصفة الانسانية فقط .. بل وابتعدت عن الصفة الحيوانية أيضاً ، ويؤكد ذلك ما بثته الفضائيات ومواقع الشبكة الالكترونية من صور تقشعر لها الأبدان ، فضحت تلك الحضارة وتلك الثقافة التي يباهوننا بها ، ومن تلك الأساليب الثابتة باعترافاتهم في تقرير أعده الميجر جنرال ( أنطوينو تاجوبا ) بشأن الانتهاكات في سجن أبو غريب . ورد فيه : (( إذا كان السجين متعاوناً ، يمكنه الاحتفاظ بملابسه )) . (( مهمة الشرطة العسكرية هي : جعل السجناء في حالة استيقاظ مستمرة دائمة حتى الانهيار ، لتحويل حياته إلى جحيم )) .

هذا غير الكثير مما وقع من انتهاكات بشعة للكرامة الإنسانية وما قلناه ليس هو إلا جزءاً يسيراً مما حدث هناك .

أين هي هذه الأفعال من قيم الديانات مجتمعة ؟؟!! إنه لا يوجد بأي دين من الأديان السماوية ما يُحلُّ هذه الأفعال ... ويا لديننا ما أسمحه ... ويا لرسولنا عليه أفضل الصلاة والسلام ما أعدله ؛ حين وقعت ابنة حاتم الطائي في الأسر ، أتي بها إلى الرسول عليه الصلاة والسلام فقالت : ( لا تشمت بي أحياء العرب ، وإن شئت ففك أسري ، فأبي كان يفك المأسورين ويحسن إليهم ، فأنا ابنة حاتم الطائي .) فالتفت صلى الله عليه وسلم إلى جنود المسلمين وقال : أطلقو سراحها ، فقد كان أبوها يحب مكارم الأخلاق .

وقال تعالى ( ويطعمون الطعام على حبه مسكيناً ويتيماً وأسيراً ) . (الدهر) .

فأي حضارة تلك التي يدعيها الأمريكان وهي مليئة بتاريخ أسود ؛ من قتل وسفك وتشريد وهدم ؟! إنهم يقتلون لأجل القتل ، إنهم أبشع من آكلي لحوم البشر ، فآكلو لحوم البشر يقتلون ليأكلوا .. أما هؤلاء المرتزقة .. فهم يقتلون تلذذاً بالقتل ومشاهدة الدم وشم رائحته .. كأجدادهم الرومان حين كانو يضعون الضعفاء من الناس في أقفاص مع الأسود .. يتلذذون بمشهد الصراع الدموي .. فلا مبدأ ولا خلق يهذبان ، رغم أنهم يدعون الانتماء إلى المسيح عليه السلام نبي الرحمة والسماحة والسلام ... ! والمسيح منهم براء .

 إن كل ما يمارسونه اليوم في العراق .. في أفغانستان .. في فلسطين .. في الشيشان .. وغيرها ، إنما يدل على قيم حضارتهم المفخخة بمبادئ حق القوة والتجبر والهيمنة والسلب التي استقوها من تاريخ أجدادهم الرومان .

وانظر إلى الدراما الخاصة بهم .. فلا يكاد فيلم أو مسلسل يخلو من الجريمة ، والدم والوحشية المفرطة ، مع العلم أن الدراما تعني ( مرآة الواقع الذي يعيشه المجتمع ) ، فهي إذن تعكس حقيقة مجتمعهم وأخلاقياته ..

إنهم ساقطون بجميع المعايير ، فإن جئت للدين فقد اختطوا لأنفسهم دين القوة والتسلط ، وإذا نظرت من منظار الإنسانية فستجد أن أفعالهم تتنافى مع طبيعة البشر كبشر جملةً وتفصيلاً فأين الإنسانية التي يدعون مما تفعل أيديهم في أنحاء الدنيا اليوم من مشرقها إلى مغربها ..؟!

وإن أردت أن تقيس ما يفعلون و يقولون بأي مقياس فستجدهم ساقطين لا محالة ..

فبئس القوم هم .. وبئس الفعل فعلهم .. وتباً لحضارتهم الخاوية من الإنسانية .. وسحقاً لكل من نادى بقتلنا ، وقتل أهلنا في العراق أو في فلسطين ، أو في أي أرض عربية أو إسلامية آمنة ..