قناة (الجزيرة الإنجليزية) وخيبة الأمل!
عبد الله خليل شبيب
حينما نشأت قناة الجزيرة الناطقة بالإنجليزية .. استبشرنا خيرا ..وظننا أن [ الحصار الإعلامي الصهيوني الصليبي ] سيُخترَق بكثافة وسيُكسَر ..وستخرج الحقيقة كاملة عارية ( بلا رتوش ) إلى العالم وخصوصا الغربي .. فتتغير كثيراً من مفاهيمه عن الصراع والعدوان الصهيوني ونظرات الغرب إلينا .
ولكن الوقائع والحقيقة جاءت مخيبة للآمال ! فقد كشفت [ مذبحة غزة الكبرى ] عن حقائق مزعجة في الموضوع ..!
.. ( مؤسسة الراصد الإعلامي العربي = أرب ميديا ووتش ) ومشرفها الأستاذ شريف حكمت النشاشيبي .. رصدت تغطية أكبر قناتين تتناولان الموضوع السابق وما يتعلق به ( قناة البي . بي . سي. B.B.C. – والجزيرة الناطقة بالإنجليزية ) وتتبعت تغطيتهما للحدث وما نشرتاه على الشبكة الإلكترونية الخاصة بكل منهما بدقة ؛ محصيةً الوقائع والصور والكلمات والمصادر ..إلخ وقد استغرق ( الرصد الدقيق مدة 4 شهور –من 1/2 – 31/5/2009) ..فخرجت بنتيجة مزعجة ..: مفادها [ انحياز القناتين للجانب [ الإسرائيلي]]!!
.. لقد تم الأمر كما يلي – كما عرضه الدكتور صلاح عودة الله – في أواخر حزيران يونيو – الماضي .. نقلا عن المؤسسة المذكورة :
1- المساواة بين الضحية والجلاد .. بل الميل أحيانا لجانب الجلاد واعتبار جرائمه دفاعا وردود فعل..لعنف مضاد يستهدفه !
2- تغييب المَشاهد المأساوية ، والصور الميدانية [ لمحرقة غزة ]!
3- تجنب إجراء مقابلات مع الضحايا .
3- خلوها من تغطية وعرض معاناة الأطفال والنساء والعجزة والمدنيين ..وهم أكثر ضحايا المجزرة .
4- نقل الصور والتعليق عليها عن مصادر يهودية ..ولم يتم النقل عن مصدر فلسطيني واحد!
5- تغليب المقالات والموضوعات من الجانب اليهودي على الجانب الفلسطيني .
6- القناة البريطانية أوردت مرة واحدة – من عدة مرات – أن العنف الفلسطيني جاء ردا على عنف [ إسرائيلي ] ..
.. أما الجزيرة فلم تورد هذا ولا مرة واحدة ..وكل عروضها كانت تصور الوحشية اليهودية ..كرد فعل على عنف فلسطيني استهدف [ المواطن الإسرائيلي ] ..المسكين ..الجاثم على أرض وبيت مطلق الصواريخ ( البدائية ) التي لا تحدث 1 في المائة ألف )* من صاروخ واحد من [ مطر الصواريخ والقذائف المنوعة والمحرمة الصهيونية ] التي انصبت على غزة المحاصرة المحدودة والضعيفة والضئيلة الموارد والتسليح .. والمساحة ..!
... نقول ..: ليست هذه هي (المهنية والموضوعية الحقيقية والشفافية ) والعدل في التغطية ..مع أن الحق عندنا واضح ..ومعروف من هو الجلاد ومن الضحية – كما يقولون..ومن المعتدي أصلا ومن المعتدى عليه ..ولكن الإعلام الصهيوني والغربي المسَيطَر عليه صهيونيا [ قلب الحقائق وزوّرها ] بشكل فني دقيق ...استقطب تعاطف المشاهد الغربي مع الجانب اليهودي..
وتقليد ذلك الإعلام [ تقليدا أعمى أو شبه أعمى ] ليست هي المهنية ولا الموضوعية ولا الشفافية .. بل الشفافية الحقيقية والمهنية والموضوعية هي في نقل الحدث كما هو من أرض المعركة ..وحتى تركه يعبر عن نفسه وينطق عن الواقع ..فالصورة في كثير من الأحيان أبلغ من الكلام !
.. وياليت محطة الجزيرة الإنجليزية – كما تمنى د. صلاح عودة الله – ( تضبط إيقاعها على إيقاع الجزيرة العربية ) ..وإلا تكون الجزيرة القطرية هي الخاسر حين لا ينفع الندم ..كما قال الدكتور !.. ولن تنفعهم الموضوعية المتصورة ( وهي غير موضوعية في الحقيقة ) ولا حرصهم على ثبات [ مكتبهم في تل أبيب ] برئاسة مندوب بريطاني !
.. لا ينكر أحد جهود القناة الأصلية العربية للجزيرة ..ونتمنى لها مزيدا من التطوير وخدمة الخبر والمشاهد والحقيقة التي هي بالتأكيد في جانبنا..ولكنا نريد أن يعلم [العالم المغيب عن الحقائق بزيف التضليل الصهيوني وردائفه ] تلك الحقائق .. عسى أن تزول بعض الغشاوة عن أعين [مغمضة] وآذان [ مصممة ] وأفواه [ مكممة ] .. فيفتضح إجرام اليهود وباطلهم عند شعوب مؤيديهم ..وينكشف تواطؤ السياسات الاستعمارية الظالمة ..مع البؤرة الصهيونية المجرمة الآثمة !
.. أذكر أنني حين كنت في بريطانيا أواخر سنة 2003 اطلعت – بعد انقطاع طويل - على صحيفة أسبوعية بسيطة ( مسلم ورلد ) يصدرها مسلمون في الغالب باكستانيون .. واتصلت بهم هاتفيا طالبا منهم أن ينشروا في الصفحة الأخيرة من كل عدد من صحيفتهم..صورة من صور[الهمجية الصهيونية ] ( كقتل طفل ..أو هدم ..أو إهانة على حاجز أو غيره أو غير ذلك ) ويكتبوا تحتها عبارة :[ من صور الحضارة [الإسرائيلية] – بدون تعليق ] ... ويتركوا الصورة تعبر عن نفسها ..!وقلت لهم : إنكم ستجدون مصادر كثيرة للصور من الصحف والقنوات العربية..
ولا أدري ماذا فعلوا بعد ذلك .. حيث أنني غادرت بريطانيا ..ولم أطلع على الصحيفة المذكورة – بعد - ..وإن كنت أرجح أنهم لم يأخذوا بنصيحتي تجنبا للحرج [ووجع الراس ]!
.. يلاحظ أن ذلك كان قبل خمس سنوات بالضبط من مذبحة غزة الوحشية !
ذلك أن [ المذابح والمحارق الصهيونية ] لشعب فلسطين مستمرة متواصلة – وشبه يومية - منذ عشرات السنين!
.. نقول .. لا زلنا بحاجة ماسة إلى إعلام قوي ( بلغات أجنبية ) يخفف من غلواء سيطرة وجهات النظر الغربية والصهيونية ..ويدحض باطلها ..ويكسر حصارها واحتكارها [ للحقيقة ] التي كثيرا ما تكون أبعد شيء عن { الحقيقة}!.. على أن يعرض إعلامنا الموجه للغرب أساسا الموضوعات بشفافية .. ومن وجهة نظر عربية إسلامية ..عسى أن تنقشع الغشاوة عن أعين كثير من( الضالين المضللين ) في العالم الغربي وغيره..ويخف كثير من [ ضغطهم ] علينا !
.. أما نحن فنعرف حقنا ونعرف قضيتنا ..ولسنا في كبير احتياج إلى ( زخم إعلامي ) وتحريض لاستنكار جرائم العدو والمطالبة بالحقوق .. فلهب جرائمه كثيرا ما يلفح وجوهنا .. وحقوقنا هي المنتهبة المضيعة ..ويسعى إلى انتهاب وتضييع ما بقي منها ..إن بقي منها شيء !!!